تسعى قوات النظام السوري لتعزيز مواقعها في شمال البلاد حيث تشن منذ مطلع الشهر الحالي هجوما بدعم جوي روسي تسبب بمقتل اكثر من 500 شخص فيما تتكثف الجهود الدولية لاعادة اطلاق محادثات السلام في جنيف. وفي وقت تبقي انقرة حدودها مقفلة امام عشرات الالاف من النازحين من ريف حلب الشمالي، يجتمع وزراء دفاع دول حلف شمال الاطلسي في بروكسل لدرس طلب مساعدة قدمته تركيا والمانيا لمواجهة ازمة الهجرة عبر المتوسط. ورغم ان الامل بتسوية سياسية للنزاع يبقى ضئيلا، يعقد ممثلون عن 17 دولة وثلاث منظمات اجتماعا الخميس في ميونيخ في محاولة لاستئناف العملية الدبلوماسية بعد فشل محادثات جنيف في نهاية الشهر الماضي. ميدانيا، دارت الاربعاء اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها والفصائل المقاتلة والاسلامية في بلدة الطامورة الواقعة جنوب بلدتي نبل والزهراء اللتين تمكنت قوات النظام من فك حصارهما الاسبوع الماضي. وتحاول قوات النظام وفق المرصد، "السيطرة على البلدة التي تطلق منها الفصائل المقاتلة صواريخ تستهدف نبل والزهراء". وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس الاربعاء "تعمل قوات النظام على تثبيت مواقعها في ريف حلب الشمالي من اجل توسيع نطاق عملياتها المقبلة، في محاولة للاقتراب من الحدود مع تركيا واستكمال حصارها للاحياء الشرقية التي تسيطر عليها الفصائل المقاتلة في مدينة حلب". وتمكنت قوات النظام بعد هجوم واسع بداته في الاول من شباط/فبراير في ريف حلب الشمالي بدعم جوي روسي، من استعادة السيطرة على بلدات عدة في المنطقة وقطع طريق امداد رئيسي للفصائل يربط مدينة حلب بالريف الشمالي نحو تركيا، ما مكنها من تضييق الخناق على مقاتلي الفصائل في مدينة حلب. واحصى المرصد منذ بدء الهجوم مقتل "506 اشخاص على الاقل" يتوزعون بين "89 مدنيا ضمنهم 23 طفلا قتلوا جراء الغارات الروسية" بالاضافة الى "143 من قوات النظام والمسلحين الموالين لها ومقاتلين شيعة غير سوريين (...) و274 عنصرا من الفصائل المقاتلة والاسلامية وبينها جبهة النصرة (ذراع تنظيم القاعدة في سوريا)، ضمنهم 169 مقاتلا سوريا". وتعرضت بلدات عدة في ريف حلب الشمالي، ابرزها حريتان وحيان وبيانون ليل الثلاثاء الاربعاء لضربات روسية كثيفة، وفق المرصد. وفي غرب البلاد، افاد المرصد عن مقتل 15 عنصرا من جبهة النصرة جراء غارات روسية استهدفت ليلا مناطق في ريف اللاذقية الشمالي. وتمكنت قوات النظام بدعم جوي روسي من السيطرة نهاية الشهر الماضي على ابرز معاقل الفصائل في ريف اللاذقية الشمالي. وتنفذ روسيا حملة جوية في سوريا منذ 30 ايلول/سبتمبر مساندة لقوات النظام. وقد طالبها وزير الخارجية الاميركي جون كيري مجددا الثلاثاء ب"وقف فوري لاطلاق النار" في سوريا. ورغم ضغوط منظمات الاغاثة الدولية، تبقي انقرة معبر اونجو بينار، النقطة الحدودية الرئيسية مع محافظة حلب، مقفلة امام النازحين الذين تقدر الامم المتحدة عددهم بنحو 31 الف شخص، ثمانون في المئة منهم من النساء والاطفال. وبلغت مخيمات النازحين في المنطقة الحدودية قدرتها القصوى على الاستيعاب، وفق الامم المتحدة وعاملين في مجال الاغاثة. ويضطر عدد كبير من النازحين الى المبيت في العراء. وسمحت تركيا التي تستضيف 2,7 مليون سوري، بعبور قوافل جديدة من المساعدات الاربعاء الى شمال سوريا تزامنا مع نقل عدد من الجرحى الى مستشفى في بلدة كيليس التركية الحدودية. وقال عبد الكريم بهلول وهو احد النازحين من مدينة تل رفعت وقلة ممن تمكنوا من العبور الى تركيا "الاطفال تموت من القصف والجوع والبرد. يعيشون في العراء ولا مأوى لهم". ويضيف وهو يحمل حقيبة ظهر واخرى في يده "الوضع غير انساني" في تل رفعت والبلدات المجاورة لافتا الى انه "لم يعد هناك الا الدم والمجازر والدمار". وفي خطوة من شانها تعزيز مخاوف انقرة، اعلن الجيش التركي الاربعاء ان جنوده ضبطوا اربعة احزمة ناسفة في حقائب مجموعة من المشتبه بهم تم اعتراضها مساء الثلاثاء في جنوب شرق تركيا على الحدود السورية. وتزامنا مع خشية انقرة من تدفق جديد لـ600 الف لاجىء الى حدودها، اعلن الامين العام لحلف شمال الاطلسي ينس ستولتنبرغ الثلاثاء ان الحلف سيدرس بجدية طلب المساعدة الذي تقدمت به انقرة وحلفاء اخرون في مجال ادارة ازمة الهجرة. تعقد مجموعة الدول ال17 لدعم سوريا وثلاث منظمات متعددة الاطراف اجتماعا في ميونيخ الخميس في محاولة لاعادة اطلاق جهود جمع اطراف النزاع في سوريا على طاولة المفاوضات في جنيف. وقد اعلنت الامم المتحدة في نهاية كانون الثاني/يناير تعليق المحادثات غير المباشرة بين وفدي الحكومة والمعارضة السورية حتى 25 من الشهر الحالي. لكن حتى في صفوف الدول الحليفة بدأ تبادل الاتهامات بعدم التحرك بشكل كاف للتوصل الى حل للنزاع او في حملة مكافحة الجهاديين. فقد اتهم وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الاربعاء، الولايات المتحدة، العضو الاساسي في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش ، بأنها لا تبذل جهودا كافية في سوريا. وقال فابيوس قبيل اعلانه عن استقالته من الحكومة، "ثمة غموض، بما في ذلك في اطار اعضاء التحالف. ولا اريد ان اكرر قول ما قلته مرارا، وخصوصا حول المحرك الابرز للتحالف، والاخرين ايضا. لكن ليس لدينا شعور بأنه تدخل قوي جدا". من جهته هاجم الرئيس التركي رجب طيب اردوغان سياسة الولايات المتحدة معتبرا انها حولت المنطقة "الى بركة دماء" وندد بدعمها عسكريا لاكراد سوريا الذين تعتبرهم انقرة "ارهابيين". كما يسعى وزير الدفاع الاميركي اشتون كارتر خلال زيارة الى بروكسل لاقناع الدول المشاركة في التحالف الدولي ضد الجهاديين ببذل جهود اكبر في هذه الحملة. ويلتقي كارتر ممثلين عن 27 دولة مشاركة في التحالف في بروكسل الخميس بهدف حثها على تعزيز مساهمتها.
مشاركة :