وجهت نخب العراق وكفاءاته ومثففيه وكبار علمائه ومفكريه ومن أدبائه وصحفييه وفنانيه، وكل من قدم للعراق من رجالاته الأشاوس، عصارة عقله وإبداعه، وجهت برقيات تعاز وأسى وإستهجان، لما حل بمتقاعدي العراق من مصاب أليم، وفواجع محدقة بهم وبعوائلهم، بعد أن جرى إهمال كلي ومتعمد لإستحقاقاتهم الوظيفية، من الرئاسات الأربع، ومن مجلسي الوزراء والنواب وجوقة المستشارين، ولم يتم إنصاف رواتبهم أو منحهم مكافاة نهاية الخدمة، ظلما وجورا وبهتانا وخلافا لكل شرائع الأرض والسماء،، ولم يتم إدراجهم او مناقشة أحوالهم المتردية على وجه السرعة، في أي مما ذكر أعلاه، لا في الموازنة ولا في غيرها، وبخاصة من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الذي كان آخر رئيس وزراء في الدولة العراقية، هدر دم المتقاعدين بين القبائل. وشريحة المتقاعدين التي أقامت لها مأتما وسرادق عزاء، بعد فقد حقوقهم وعدم الإهتمام بزيادة مرتباتهم، ولممارسات الدولة من أعلى سلطاتها، تمييزا عنصريا وسياسيا بين متقاعدي العراق اليوم، ومتقاعدي العراق بالأمس، وإستهانت بتلك الحقوق المشروعة لتلك الشريحة المجاهدة الشريفة المظلومة، والتي صبرت على جور الزمان وظلمه، وأدارت تلك السلطة ظهرها لمطالبهم الحقة عرض الحائط، وخلافا للدستور الذي وضعوه هم، وربما هناك من ساسة العراق من بال عليه، عندما تتعرض مصالحه الشخصية ومطامعه مع هذا الدستور، الذي تحول الى أوراق ليس لها قيمة، حتى أن رئيس الجمهورية الذي يسمونه هم "حامي الدستور"، وضعه تحت وسادته، ولم تصل الى أسماعه أنات هؤلاء الذين أفنوا زهرة عمرهم من أجل العراق، وهم على مقربة منه، ولم يلتفت هو الآخر الى أحوالهم، برغم رواتبه الباذخة، وهو وبقية الرئاسات الأخرى، ولم يسهر على صون تلك الكراسة الصغيرة التي أسموها "الدستور"، أو يحافظ عليها من الإمتهان. وتتقبل شريحة المتقاعدين التعازي بمقر جمعية المتقاعدين العراقيين المقر العام، طيلة شهر رمضان الكريم، لكنها ترفض إستقبال جوقة السلطة بكل عناوينهم، وتعدهم مشاركين في جريمة إبادة المتقاعدين القدامى وعوائلهم، وتعريض مستقبلهم للمخاطر والنكبات، وهم الآن يتوجهون الى الرفيق الأعلى لأخذ أروحهم قبل أن تداس أقدام رجالات السلطة على رقابهم وتمرغ رؤوسهم في وحل المهانة والإذلال وفقدان الضمير، ولخلو أي من الرئاسات الأربع، بكل عناوينها من أية مسؤولية قانونية أو أخلاقية، تنصف أحوال هذه الشريحة المناضلة، التي كانت عنوانا مهابا رفعت رؤوس العراقيين الى السماء وقدمت عصارة عقولها وعطائها، وراح الكثيرون منهم شهداء وجرحى ومعوقين، حتى تحول البقية منهم الى متسولين يستعرضون أرصفة الشوارع، يبكون حظهم الغابر الذي سلط عليهم من لا يرحمهم، وهم، أي متقاعدو العرق، الشريحة المعطاء التي رفعت إسم العراق، وسجلت في تاريخه أروع صفحات الإبداع والمواهب والقدرات الخارقة، فكانت عناوين للمجد يفخر بها العراقيون بنزاهتهم وبياض صفحاتهم، ولم تمتد أياديهم الى المال الحرام، ولهذا تم معاقبتهم بحرمانهم من حقوقهم الوظيفية، وعدم مساواتهم بأقرانهم ممن خرجوا مؤخرا من الخدمة، وكأن هناك تمييزا بين عصرين: بين عصور ما قبل التاريخ، وبين عصور الديمقراطية الكسيحة التي إستباحت حرمات العرقيين الشرقاء ومرغت أنوفهم في وحل المهانة والإذلال، وإرتكبت بحقهم كل موبقات الزمن الرديء الذي وصلت اليه أحوال العراق!! ويتقدم المتقاعدون العراقيون بالشكر والتقدير لكل صوت منصف، حقيقي وليس مزيفا، أو مزايدا، يسعى لإعادة الحقوق المشروعة لهم، للإهتمام بأحوالهم، والدعاء الى الله سبحانه وتعالى في شهر الفضيلة رمضان المبارك أن ينتقم رب العزة من كل مسؤول أو سمى نفسه "قائما على أحوال الرعية"، ولم يتذكر مآسي تلك الشريحة وعذاباتها وآهاتها التي تشق عباب السماء، والدعاء مرة أخرى بأن ينتقم الله من كل من خذلهم هو وعياله وذريته، ويسكنهم نار جهنم خالدين فيها، جزاء وفاقا لما إرتكبه هؤلاء من مهانة وإذلال ودوس على كرامات البشر، وإستهانة بأحوال من كانوا بيارق العراق وشموعه المضيئة، أصحاب الشيبات البيضاء، الذين يستحي حتى رب العزة من النظر اليهم، إكراما لمقامهم، وقد تحول الكثيرين منهم الآن، بفضل موبقات السلطة وجرائم إستهدفها لهم الى متسولين ومشردين، ويبكي على أحوالهم الحجر قبل البشر. ربنا لا تبقي من أصحاب القرار الأشرار من كل العناوين والمناصب، ومن كل الطوائف والأديان والقوميات، ممن حرموا تلك الشريحة المعطاء المناضلة، وباقي شرائح العراقيين المتعبة من حقوقها، ومن إستباحوا حرمات العراقيين ونهبوا ثرواته، وهدروا دم أبنائه، وطغوا وتجبروا في الارض وعاثوا فسادا، وأن تكون نار جهنم مآل كل هؤلاء الساسة الفاسدين المتاجرين بحقوق العراقيين.. ربنا ومرغ أنوفهم وأجسامهم بنيران الآخرة المحرقة، بجاه هذا الشهر الفضيل، وبجاه ملائكتك وأنبيائك ورسلك، وأهل بيتك الكرام، ليكون هؤلاء المارقين في الدرك الأسفل من نار جهنم الموصدة وفي أسفل السافلين، ربنا وأخزهم في الحياة الدنيا وفي الآخرة.. ربنا أنك سميع الدعاء.. اللهم آمين..! ولنستلهم، ربنا، من آيات قرانك الكريم حين تقول في محكم كتابك: وإذا سألك عبادي عني فأني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعاني.. ربنا إنك تعلم إننا في آواخر العمر، وقد صبرنا صبر أيوب على البلاء.. فإغفر لنا وأرحمنا.. اللهم فرج عن كرباتنا.. يا أرحم الراحمين.
مشاركة :