وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إنّه "تمّ رصد إطلاق 34 صاروخاً من الأراضي اللبنانية باتّجاه الأراضي الإسرائيلية، وقد تمّ اعتراض 25 منها من قبل الدفاعات الجوية، فيما سقطت 5 قذائف في الأراضي الإسرائيلية". وأضاف أنّ الأمكنة التي سقطت فيها الصواريخ المتبقّية لا تزال "قيد الفحص"، مشيراً إلى أنّ "هذه الحصيلة غير نهائية". وحتى الساعة الرابعة والنصف من عصر الخميس (13:30 ت) لم تكن أيّ جهة قد تبنّت هذا القصف. وردّاً على سؤال لوكالة فرانس برس، قال متحدّث عسكري إسرائيلي إنّ الجيش "لم يردّ حتّى الآن" على مصادر النيران. لكنّ وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية قالت إنّ "مدفعية الاحتلال الإسرائيلي قصفت بعدد من القذائف الثقيلة (...) أطراف بلدتي القليلة والمعلية في قضاء صور" في جنوب لبنان. جريح بشظيّة وبحسب منظمة الإسعاف الإسرائيلية "نجمة داود الحمراء"، فقد أصيب بالقصف شاب يبلغ 19 عاماً بشظيّة وإصابته ليست خطرة، بينما أصيبت امرأة في الستينيات بجروح طفيفة أثناء فرارها بحثاً عن ملاذ آمن. كما أصيبت امرأة بحالة هلع نتيجة القصف، وفق المصدر نفسه. وقالت المنظمة الطبية إنّها رفعت حالة التأهب في صفوفها واستدعت مسعفين من جميع أنحاء الدولة العبرية. ويأتي هذا القصف غداة صدامات عنيفة دارت في المسجد الأقصى بالقدس الشرقية المحتلّة بين مصلّين فلسطينيين وقوات الأمن الإسرائيلية وأثارت تحذيرات من أعمال انتقامية. وشهدت الأيام الأخيرة تصاعداً لأعمال العنف بين الدولة العبرية والفلسطينيين، ولا سيّما في أعقاب اقتحام الشرطة الإسرائيلية الحرم القدسي وضربها مصلّين كانوا بداخله واعتقالها نحو 350 منهم بعدما وصفتهم بأنّهم "مثيرو شغب". وإثر القصف الصاروخي على شمال الدولة العبرية، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أنّ الأخير "يتلقّى تقارير محدّثة حول الوضع الأمني وسيقوم بإجراء تقييم مع رؤساء المؤسّسة الأمنية". من جهته، قال المتحدث باسم وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إنّه اطّلع على تفاصيل الأحداث الأمنية الأخيرة على الحدود الشمالية. وأضاف المتحدّث أنّ غالانت "أعطى توجيهات أولية لرئيس هيئة أركان الجيش ولباقي أذرع المؤسسة الأمنية". اليونيفيل تحذّر من ناحيتها، حذّرت قوة الأمم المتّحدة الموقتة في لبنان "يونيفيل" من أنّ "الوضع الحالي خطير للغاية"، داعية إلى "ضبط النفس". وقالت اليونيفيل في بيان إنّ رئيسها أرولدو لازارو "على اتّصال بالسلطات على جانبي الخط الأزرق" الذي يقوم مقام خط الحدود بين لبنان وإسرائيل. وفي قرية فسوطة شمال إسرائيل، رصد مراسل لوكالة فرانس برس بقايا صاروخ انفجر على الطريق. وفي جنوب لبنان، قال أحد سكّان قرية القليلة لوكالة فرانس برس إنّه "سمع إطلاق أكثر من 15 صاروخاً عند أطراف القرية". ولاقت أعمال العنف في الحرم القدسي إدانات عربية ودولية واسعة، وخصوصاً أنها حدثت في خضمّ شهر رمضان الذي يعتكف فيه مسلمون عادة في المسجد الأقصى حيث يؤدّون الصلاة ليلاً. والمسجد الأقصى الذي يقع في صلب النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني هو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين لدى المسلمين. أما اليهود الذين يطلقون على هذا الموقع اسم "جبل الهيكل" فيعتبرونه أقدس الأماكن الدينية عندهم. وتسيطر القوات الإسرائيلية على مداخل الحرم القدسي، في حين تتولى إدارته دائرة الأوقاف الإسلامية التابعة للأردن. ويرفض الفلسطينيون دخول اليهود إلى الحرم القدسي والصلاة فيه، ويعتبرون هذه "الاقتحامات" استفزازاً لهم. وأتى القصف من جنوب لبنان بعيد تأكيد حزب الله الموالي لإيران دعمه لـ "كلّ الخطوات" التي ستتّخذها الفصائل الفلسطينية ضدّ إسرائيل ردّاً على أعمال العنف في الأقصى. وحزب الله، العدو اللدود لإسرائيل، تربطه علاقات جيّدة بحركتين فلسطينيتين أساسيتين هما حماس التي تسيطر على قطاع غزة، وحركة الجهاد الإسلامي. هنيّة في لبنان وتزامن القصف من جنوب لبنان على شمال إسرائيل مع زيارة يقوم بها رئيس حركة حماس اسماعيل هنيّة إلى لبنان. وفي أعقاب القصف ألغى هنية زيارة كان مقرّراً أن يقوم بها عصر الخميس إلى صيدا في جنوب لبنان، بحسب ما أفاد مصدر في حماس وكالة فرانس برس. ووصل هنية إلى بيروت الأربعاء في زيارة تستمرّ أياماً. وردّاً على اقتحام الشرطة الإسرائيلية المسجد الأقصى، أطلقت ليل الثلاثاء-الأربعاء صواريخ عدّة من شمال قطاع غزة باتجاه إسرائيل التي ردّت عليها بشنّ غارات جوية على القطاع. وتجدّد إطلاق الصواريخ من قطاع غزة بعد الغارات الإسرائيلية، فيما شنّ سلاح الجو الإسرائيلي غارات مجدّداً قرابة الساعة 06,15 (03,15 ت غ). وندّدت فرنسا ب"إطلاق صواريخ في شكل عشوائي استهدفت الأراضي الإسرائيلية إنطلاقا من غزة وجنوب لبنان". وقال مساعد المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية فرنسوا ديلما "في هذه الفترة من الأعياد الدينية، تدعو فرنسا جميع الأطراف الى أقصى قدر من ضبط النفس وتجنّب أيّ عمل من شأنه تأجيج تصاعد العنف". وفي آذار/مارس الماضي، أصيب جنديان إسرائيليان أحدهما بجروح خطيرة جراء انفجار لغم أرضي عند الحدود مع لبنان. وقبل ذلك بأيام أعلن الجيش الإسرائيلي أنّه قتل شخصاً كان يحمل حزاماً ناسفاً، مؤكّداً أنّ التحقيقات الأولية أظهرت أنّه "إرهابي" تسلّل على ما يبدو من الأراضي اللبنانية. ولفتت إسرائيل يومها إلى احتمال ضلوع حزب الله اللبناني في عملية التسلّل هذه. وفي 2006 أدّت آخر مواجهة كبيرة بين إسرائيل وحزب الله إلى سقوط أكثر من 1200 قتيل على الجانب اللبناني، معظمهم من المدنيين، و160 قتيلاً على الجانب الإسرائيلي، معظمهم من الجنود.
مشاركة :