إن الخليفة عبدالملك بن مروان لم يكن معروفاً بعلمه وفقهه، وأنه كان إماماً كبيراً، وفقيها خطيراً، وأحد أربعة من فقهاء المدينة الكبار، وهو ممن تعتبر أقوالهم في انعقاد الإجماع، وممن يعتد بهم في الخلاف. ذكر الإمام الشيرازي في طبقاته «62»: «أنه قيل لابن عمر: إنكم معشر أشياخ قريش توشكون أن تتفرقوا فمن نسأل بعدكم؟ قال: إن لمروان ابناً فقيهاً فاسألوه. وكان رجاء بن حيوة إذا سئل يقول: «قضى عبدالملك فيها بكذا وكذا». وعن الأصمعي قال: «دخل عطاء بن أبي رَباح على عبدالملك وهو جالس على سريره وحوالَيْه الأشراف من كل بطن، فلما بصُر به قام إليه وأجلسه معه على السرير، وقعد بين يديه، وقال له: يا أبا محمد، ما حاجتك؟ فقال: يا أمير المؤمنين اتقِ الله في حرم الله وحرم رسوله فتعاهدْه بالعمار، واتق الله في أولاد المهاجرين والأنصار، فإنك بهم جلست هذا المجلس، واتق الله في أهل الثغور، فإنهم حصن المسلمين، وتفقدْ أمور المسلمين، فإنك وحدك المسؤول عنهم، واتق الله فيمن على بابك، فلا تغفل عنهم ولا تغلق بابك دونهم، فقال له: أجل، ثم نهض وقام، فقبض عليه عبدالملك، فقال: يا أبا محمد، إنما سألتنا حاجة لغيرك وقد قضيناها، فما حاجتك أنت؟ فقال: ما لي إلى مخلوق حاجة، ثم خرج، فقال عبدالملك: هذا وأبيك الشرف». ومما يؤثر عنه ملازمته المسجد وقراءة القرآن، ورواية الحديث، ولأجل ذلك كان يلقب بـ«حمامة المسجد»، وقد أكثر مالك في الموطأ من الاستدلال له في فتاوى القضاء. ومن خلال هذه الروايات والشهادات يتبين لنا فقه وعلم وأدب عبدالملك بن مروان، الخليفة الأموي، وأنه كان في منظور معاصريه من الصحابة فقيهاً ومحدثاً وعابداً ناسكاً. ومن أهم القصائد التي قيلت في مدحه قصيدة جرير: أَتَصحو بَل فُؤادُكَ غَيرُ صاحِ عَشِيَّةَ هَمَّ صَحبُكَ بِالرَّواحِ طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :