لا تزال حرب كوسوفو قضية شائكة في العلاقة بين كوسوفو وصربيا، فيما يعتقد الخبراء أن المحكمة الدولية الخاصة بكوسوفو في لاهاي تعد أحادية الجانب، ويمكن أن تؤدي إلى تفاقم التوترات بين الجانبين. لا يزال رئيس كوسوفو السابق هاشم تاجي يحظى بدعم قوي في بلاده في إحدى أروقة المحكمة الخاصة بحرب كوسوفو في لاهاي، يقف أربعة قادة سابقون في "جيش تحرير كوسوفو" داخل قفص الاتهام بسبب الاتهام بتورطهم في جرائم حرب حيث كان الأربعة قبل 24 عاما في ذروة قوتهم عندما انتصرت كوسوفو في الحرب ضد صربيا . وخلال الحرب التي دارت رحاها بين عامي 1998 و1999، قتل الجيش الصربي وعناصره شبه العسكرية أكثر من 13 ألفا من ألبان كوسوفو فضلا عن اغتصاب أكثر من 20 ألف امرأة وارتكاب "جرائم تطهير عرقي" طالت آلاف آخرين . وفي تلك الحقبة، كان الرئيس السابق لكوسوفو هاشم تاجي، القائد السابق في "جيش تحرير كوسوفو"، والناطق السابق باسم جيش تحرير كوسوفو يعقوب كراسنيكي وقادري فيسيلي مسؤول الاستخبارات السابق في هذا الجيش فضلا عن إحدى الشخصيات البارزة فيه هو رجب سليمي، يتحملون العبء الأكبر للحرب وأيضا تداعياتها . ويقف الأربعة هذا الأسبوع أمام المحكمة الخاصة في لاهاي لاتهامهم بالمسؤولية الجنائية عن ارتكاب ست اتهامات خاصة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية هي الاضطهاد والسجن والتعذيب والقتل والإخفاء القسري وجرائم أخرى. ويضاف إلى ذلك، اتهامهم بأربع تهم أخرى تتعلق بارتكاب جرائم حرب وهي الاعتقال والاحتجاز غير القانوني والتعسفي وسوء المعاملة وأعمال تعذيب وقتل. وبموجب لائحة الاتهام، فقد تورط الأربعة في استهداف حوالي 400 شخص قتل منهم مائة شخص ينتمون إلى أقليات عرقية مثل الصرب والغجر ممن كانوا يعارضون حزب "الرابطة الديمقراطية لكوسوفو" الأكبر في حينه. يشار إلى أنه جرى القبض على الأربعة في عام 2020. تفويض محدد وكان برلمان كوسوفو قد صوت بعد 16 عاما من الحرب وتحديدا في عام 2015 لصالح إنشاء محاكم خاصة لمحاكمة مشتبه فيهم من أصول ألبانية في ارتكاب جرائم حرب تعود إلى عام 1990 مع تفويض وولاية قضائية محددة تتعلق بالجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والجرائم الأخرى التي ارتكبت في كوسوفو بين الأول من يناير / كانون الثاني عام 1998 والحادي والثلاثين من ديسمبر/ كانون الأول عام 2000. وفي تعليقه، قال دانييل سيروير، أستاذ الدراسات المتقدمة في جامعة جون هوبكنز والذي ساعد في تسهيل الحوار بين ألبان كوسوفو والصرب، إن كوسوفو ارتكبت "خطأ بعد موافقتها على إنشاء هذه المحكمة دون ترتيب متبادل مع صربيا فيما يتعلق بمحكمة ذات اختصاص قضائي محدد بشأن الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والجرائم الأخرى داخل صربيا." محاكمة هاشم تاجي (أعلى يسار الصور ورجب سليمي في الخاف إلى اليمين) والآخرين يتوقع ان تستمر خمس سنوات على الأقل وأضاف "كانت صربيا هي الجانية الرئيسة في التسعينيات فيما كانت الطبيعة المنحازة لدوائرها الخاصة والإدعاء العام تمنعها من تحقيق العدالة في الجرائم التي ارتكبتها بلغراد". محاكمة قادة جيش تحرير كوسوفو؟ وخلال اليوم الأول للمحاكمة، قال المدعي أليكس وايتينغ أمام المحكمة الخاصة بكوسوفو إن "أي شخص يعتبر هذه المحاكمة منحازة ضد جيش تحرير كوسوفو يعد مخطئا لأنها محاكمة أربعة أفراد ولا أحد فوق القانون". وتضم القضية مستندات جغرافية وإفادات من شهود العيان في مناطق عديدة في كوسوفو وفي شمال ألبانيا فيما أكد وايتنغ أن الممارسات التي ترمى إلى تخويف الشهود كانت ومازالت تمثل تحديًا إضافيا أمام المحاكمة. وأضاف "ما زال يتم ترهيب وتخويف الشهود واعتبارهم جواسيس أو خونة"، مشيرا إلى أنه من المتوقع أن يدلي حوالي 312 شخصا بشهاداتهم خلال المحاكمة. ودفع تاجي وكراسنيكي وفيسيلي وسليمي ببراءتهم حيث قال رئيس كوسوفو السابق الإثنين الماضي "أنا لست مذنبا على الإطلاق." وقال دانييل سيروير إن لائحة الاتهام تضخم دور "جيش تحرير كوسوفو" في التورط في ارتكاب انتهاكات في كوسوفو، مضيفا "يبدو أن المزاعم الرئيسية الواردة في تقرير مجلس أوروبا عارية عن الصحة ولم تُذكر في لائحة الاتهامات فيما يحقق المدعي العام في مزاعم أخرى تعد أقل تحديدًا ضد قادة جيش تحرير كوسوفو، وهي تهم لا علاقة لها بتقرير مجلس أوروبا". وقد أشار تقرير مجلس أوروبا الذي وضعه ديك مارتي عام 2010 إلى الأنشطة التي قام بها جيش تحرير كوسوفو خاصة "المعاملات اللاإنسانية وعمليات الاتجار بالأعضاء في كوسوفو". وكان مارتي قد ترأس فريقا يضم محققين فيما استغرقت مهمتهم في جمع المعلومات والبيانات عامين بين عامي 2008 و 2010. واستناداً إلى المواد التي تم جمعها، قال مارتي إنه أثناء الحرب تورط مسؤولون بالجيش الوطني لتحرير كوسوفو في أواخر التسعينات في عمليات اتجار بالأعضاء البشرية انتزعت من سجناء صرب وجرى نقلها إلى الخارج. ويشير التقرير إلى أن تلك العمليات وقعت في كوسوفو في عامي 1999 و2000 ثم نقلت الأعضاء عبر مطار تيرانا إلى دول أخرى فيما لم يتم إثبات هذه الإدعاءات. وخلال مقابلة إذاعية العام الماضي، قال مارتي إنه ظل تحت الحراسة المشددة لقرابة عام ونصف العام عقب تلقيه تهديدات بالقتل فيما قال إن الصرب وراء هذه التهديدات رغم نفي السلطات الصربية هذه المزاعم. التأثير على العلاقات بين صريبا وكوسوفو ويُتوقع أن تستمر المحاكمة خمس سنوات على أقل تقدير بالنظر إلى عدد الشهود وأيضا ملف القضية الذي أعده المدعي الخاص ضد تاجي والثلاثة الأخرين. وفي ذلك، قال سيروير إنه سيتم "معاقبة الأربعة، لكن صدور الحكم سوف يستغرق وقتا طويلا فيما يبدو أن احتجازهم المسبق غير عادل"، مضيفا أن هذه المحاكمة سوف تؤثر على العلاقات بين صربيا وكوسوفو. وأشار إلى أن "المحاكمة تزيد من استياء كوسوفو لكنها في المقابل تريح ضمائر الصرب فضلا عن أنها تجعل من الصعب على بريشتينا تطبيع علاقاتها مع بلغراد. أتوقع أن يزداد الأمر سوءا." إلونا إليزي - لاهاي (هولندا) / م. ع
مشاركة :