أكد الدكتور محمود محيى الدين، رائد المناخ للرئاسة المصرية لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخى COP27 والمبعوث الخاص للأمم المتحدة المعنى بتمويل أجندة 2030 للتنمية المستدامة، ورزان المبارك، رائدة المناخ للرئاسة الإماراتية لمؤتمر الأطراف الثامن والعشرين COP28، أن أول عملية تقييم عالمى لتنفيذ أهداف اتفاقية باريس والتى سيتم الإعلان عن نتائجها فى مؤتمر دبى، سيظهر الحاجة الملحة لتعزيز العمل المناخى لتفادى أسوأ آثار التغير المناخى، وتعزيز التعاون بغرض تحقيق التحول نحو الاقتصاد الأخضر. وأوضح رائدا المناخ، فى مقال مشترك نشرته "إيكونوميست إمباكت"، أن أحدًا من الأطراف الفاعلة سواء كانت الحكومات أو القطاع الخاص أو جمعيات العمل الخيرى أو المجتمع المدنى لا يمكنه القيام بمهمة تحقيق أهداف المناخ منفردًا، خاصةً أن المهمة تتضمن تحقيق التحول الاقتصادى للتوقف عن استنزاف الطبيعة بحلول عام 2030، والوصول لصافى الانبعاثات الصفرى بحلول عام 2050، وتحقيق الصمود فى مواجهة تأثيرات التغير المناخى التى أصبح من الصعب تفاديها، وهى أمور يجب تحقيقها بالتزامن مع تحقيق الاستدامة والقضاء على الفقر. ونوه محيى الدين والمبارك إلى ما شهدته السنوات الأخيرة من تزايد الالتزام من قبل قطاع الأعمال والمستثمرين والمدن والأقاليم والبلدان، إلى جانب ظهور التحالفات التى تحشد التعاون وراء أهداف المناخ، وهو زخم يجب تحويله إلى نتائج ملموسة. فى الوقت نفسه، حذر محيى الدين والمبارك من أن العالم لا يزال بعيدًا عن مسار تحقيق أهداف المناخ، وهو ما سيتضح أكثر مع إعلان الأمم المتحدة لنتائج عملية التقييم العالمى لتنفيذ أهداف اتفاقية باريس قبل انطلاق مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين فى دبى فى ديسمبر المقبل. وأفاد رائدا المناخ بأن هناك حاجة ماسة للتعاون فى ثلاثة مجالات بعينها، وهى التمويل، وتحقيق التكيف والصمود، والطبيعة، لافتين إلى أنهم يعملون على حشد جهود الشركات والمستثمرين والمدن والأقاليم للخروج بالتزامات صارمة تتعلق بهذه المجالات الثلاثة وتعزيز السباق التعاونى نحو التحول الاقتصادى المنشود. وأكد محيى الدين والمبارك ضرورة زيادة التمويل وإتاحته للمجتمعات والدول الأكثر عرضةً لآثار تغير المناخ دون أن يفاقم ذلك من عبء الديون لديهم، مشيرين إلى أنه رغم أن تقرير "التمويل من أجل العمل المناخي" الذى أصدرها فريق خبراء مستقلين بتكليف من الرئاستين البريطانية والمصرية لمؤتمرى الأطراف السادس والعشرين والسابع والعشرين ورواد المناخ قد أكد أن الدول النامية والأسواق الناشئة ستحتاج لنحو تريليون دولار سنويًا من التمويلات الخارجية بحلول عام 2023، إلا أن الدول المتقدمة لم تفِ حتى الآن بتعهدها البالغ قيمته مليار دولار سنويًا فقط لتمويل العمل المناخى فى الدول النامية. وأوضح محيى الدين والمبارك أنه فى سبيل سد هذه الفجوة، عقدت الرئاسة المصرية للمؤتمر بالتعاون مع اللجان الإقليمية للأمم المتحدة وفريق رواد المناخ العام الماضى منتديات إقليمية جمعت الممولين والشركات والحكومات وغيرها من الأطراف الفاعلة لعرض أكثر من 400 مشروع قابل للاستثمار والتنفيذ بتكلفة إجمالية تبلغ 566 مليار دولار، ويتم العمل حاليًا للربط بين هذه المشروعات والبنوك التجارية وبنوك التنمية متعددة الأطراف وصناديق الثروة السيادية والمؤسسات المختلفة، وذلك بهدف تمويل نسبة من هذه المشروعات قبل انطلاق مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين نهاية العام. وشدد رائدا المناخ على الأهمية البالغة لتحقيق التكيف والصمود فى مواجهة تأثيرات تغير المناخ التى أصبح من الصعب تجنبها، وذلك لضمان بقاء المجتمعات وازدهارها فى مواجهة الفيضانات والجفاف والأعاصير وغيرها من الآثار السلبية للتغيرات المناخية، لافتين إلى أنه فى العام الماضى وحده، تسببت الفيضانات الشديدة فى باكستان والحرارة الشديدة فى الهند والجفاف فى أوروبا والصين وأسراب الجراد فى أفريقيا فى فقد الأرواح وإعاقة النشاط الاقتصادى ونقص الغذاء. وأفاد محيى الدين والمبارك بأن جهود التكيف تختلف بحسب مدى تأثر المجتمعات بالظواهر المناخية. لذلك يجب أن تتم جهود التكيف من قبل المجتمعات والدول المتضررة على أرض الواقع، مدعومين بالتمويل والخبرة والموارد الدولية، مشيرين فى هذا السياق إلى تحالف الحكومات والوكالات المتعددة الأطراف ومدراء الاستثمار فى أفريقيا الذى يتحصل على دعم قيمته 150 مليون دولار لمساعدة صغار المزارعين فى استعادة الأراضى الزراعية المتدهورة فى أفريقيا. ونوه رائدا المناخ، فى هذا الصدد، عن أجندة شرم الشيخ للتكيف التى تم إطلاقها خلال مؤتمر الأطراف السابع والعشرين، والتى وضعت 30 هدفًا للتكيف قابلين للقياس فى خمسة مجالات مؤثرة هى الغذاء والزراعة، والمياه والطبيعة، والسواحل والمحيطات، والمستوطنات البشرية، والبنية التحتية، لافتين إلى أن فريق رواد المناخ يعمل حاليًا على دعم تنفيذ جدول الأعمال الخاص بهذه الأجندة. وأكد محيى الدين والمبارك أن استعادة النظم البيئية يأتى فى مقدمة الجهود المبذولة لخفض الانبعاثات وتحقيق الصمود فى مواجهة التغير المناخى، حيث لن يتحقق أى من هذين الهدفين دون الاستفادة من قدرة الطبيعة على تخزين الكربون وإنتاج الغذاء وتعزيز قدرة الشواطئ على التصدى لارتفاع مستوى سطح البحر وغيرها من خدمات النظام البيئى الأخرى. وبحسب رائدى المناخ، اعترف العالم فى الآونة الأخيرة بأهمية استعادة النظم البيئية وحدد أهدافًا للعمل عليها فى هذا الصدد، حيث التزمت الدول فى ديسمبر الماضى بالتوقف عن مسببات فقدان التنوع البيولوجى بحلول عام 2023 وحماية ثلث الأراضى والمحيطات، وفى مارس المنقضى، اتفقت الدول على حماية التنوع البيولوجى فى المياه الدولية، لافتين إلى أن هذه الاتفاقيات، مثلها فى ذلك مثل اتفاق باريس للمناخ، هى خرائط لتوضيح المسارات التى يجب على العالم أن يخطو فيها أولى خطواته ليبدأ التحرك الفعلى نحو تحقيق أهداف المناخ. وأتم محيى الدين والمبارك بالقول أنه على الرغم من أن عملية التقييم العالمى لتنفيذ أهداف اتفاقية باريس سيوضح قريبًا مدى ابتعاد المجتمع الدولى عن تحقيق أهداف الاتفاقية، ومعاناته من عواقب هذا الابتعاد، إلا أن إصدار التقييم سيمثل لحظة للتفكير بواقعية، ودعوة للجميع للنظر فى عوامل إنجاح العمل المناخى والتعاون فى تكثيفها وتنفيذها على وجه السرعة.
مشاركة :