هل يستطيع ماكرون وفون دير لاين تهدئة العلاقات بين أوروبا والصين؟

  • 4/7/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

اتفق الاتحاد الأوروبي والصين على ضرورة بدء محادثات السلام في أوكرانيا، وإعادة التوازن في علاقاتهما التجارية. لكن المحللين مازالوا حذرين تجاه مواقف الصين. كانت كل الأنظار في الاتحاد الأوروبي مسلطة على الصين يوم الخميس (6 أبريل/ نيسان)، حيث عقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لاين اجتماعات مع الرئيس الصيني شي جين بينغ ومسؤولين آخرين، على أمل إقناع الصين بلعب دور أكبر في محاولات إنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا. الاثنان (ماكرون وفون دير لاين) هما أحدث شخصيتين سياسيتين، من بين الشخصيات الوازنة داخل كتلة الاتحاد الأوربي المكونة من 27 عضوا، يحاولان إقناع الرئيس الصيني بإدانة تصرفات الكرملين. وقال ماكرون للرئيس الصيني شي خلال اجتماعهما الثنائي في بكين "أعلم أنه يمكنني الاعتماد عليك في إعادة روسيا إلى رشدها وإعادة الجميع إلى طاولة المفاوضات". وشاركت فون دير لاين نفس وجهات النظر لدى الرئيس الفرنسي. لكن زعيمي الاتحاد الأوروبي فشلا في إقناع الصين بإدانة روسيا. "الحفاظ على الحوار" تدعي بكين رسميًا أنها محايدة بشأن الحرب في أوكرانيا. لكن اجتماع شي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في 21 مارس / آذار الماضي، كان بمثابة إشارة عن "حقبة جديدة من التعاون" بين بكين وموسكو، وأعرب قادة الاتحاد الأوروبي عن قلقهم من أن الصين يمكن أن تدعم روسيا عسكريا، بل إن البعض دعا الكتلة (الاتحاد الأوروبي) إلى تقليص اعتمادها الاقتصادي على الصين. ومع ذلك، فقد صرح كل من ماكرون وفون دير لاين للصحفيين في بكين أن "الحفاظ على الحوار" مع الصين أمر مهم، نظرًا لعلاقاتها الوثيقة مع روسيا. وبعد اجتماعهما مع شي، قال ماكرون وفون دير لاين إن محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا يجب أن تجري "في أقرب وقت ممكن" وأكدا مجددًا أنه لا ينبغي استخدام الأسلحة النووية. جددت الصين وروسيا "شراكتهما اللامحدودة" في مارس الماضي وبحسب وسائل الإعلام الرسمية الصينية، قال شي جين بينغ إن الصين وفرنسا لديهما القدرة والمسؤولية على تجاوز خلافاتهما وعقباتهما، وأشاد بزيارة ماكرون باعتبارها "ستضخ زخما جديدا وتجلب حيوية جديدة للعلاقات بين الصين وأوروبا". وبينما جاءت تصريحات الكرملين بأنه لا يرى أي "احتمال" لوساطة الصين في أوكرانيا، قالت فون دير لاين للصحفيين إنه بعد لقائها مع الرئيس الصيني، كرر رغبته في التحدث إلى الرئيس الأوكراني فولودومير زيلينسكي - وهو أمر لم يفعله الزعيم الصيني بعد. وحسب تصريحات ماريكه أولبرغ، وهي زميلة أولى بصندوق مارشال الألماني، خلال حديثها لـ DW فإن "القادة الصينيين مقتنعون، كما قال شي لبوتين في اجتماعه الأخير، بأن العالم يمر حاليًا "بتغييرات كبيرة لم نشهدها منذ قرن من الزمان"، والتي هي، بشكل مبسط، رمز لتداعي قوة الولايات المتحدة وتعزيز الصين والقوى الأخرى". وتواصل أولبرغ حديثها قائلة: "ماكرون حر في محاولة بذل مجهود، لكنني بصراحة لا أرى الصين تغير بشكل أساسي سلوكها في عرض الحياد الرسمي مع تقديم الدعم الخطابي والدبلوماسي بشكل أساسي لروسيا. كما أنني لا أرى الصين تتوسط في اتفاق سلام، ناهيك عن تقديم اتفاق سلام مقبول". ماكرون يرافقه وفد فرنسي ضخم بعد وصوله إلى بكين يوم الأربعاء الماضي، شدد ماكرون على أن أوروبا يجب أن ترفض ما وصفه البعض بأنه "دوامة لا مفر منها" من التوترات بين الصين والغرب، وأن تقاوم أيضًا تقليص العلاقات التجارية والدبلوماسية مع الصين. ووفقًا لمصدر من قصر الإليزيه، فإن فرنسا حريصة على إعادة الاتصال وإيجاد معايير جديدة في علاقاتها الثنائية مع الصين، بعد فترة مضطربة اتسمت بفرض سياسة صفر كوفيد من قبل بكين وحرب أوكرانيا المستمرة، التي أثرت على علاقات الصين، ليس مع فرنسا فحسب ولكن أيضًا مع الاتحاد الأوروبي. تربط الصين وفرنسا علاقات وثيقة منذ سنوات عديدة وكان وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لو مير ووزيرة الخارجية كاثرين كولونا، بالإضافة إلى مدراء أعمال من شركات مثل Airbus و EDF و Veolia، وممثلون عن قطاع الفنون والثقافة في فرنسا، بما في ذلك رائد الموسيقى الإلكترونية جان ميشيل جار والمخرج السينمائي جان- جاك أنود، الذي أخرج فيلم "سبع سنوات في التبت"، جزءًا من وفد ماكرون إلى الصين. وأعلنت شركة إيرباص أنها ستفتح خط تجميع نهائي ثان في الصين، مما سيسمح لها بمضاعفة طاقتها الإنتاجية في البلاد، بعد وقت قصير من انتهاء اجتماع ماكرون مع شي. ولكن ليس كل من في الاتحاد الأوروبي مقتنعًا بأن نهج "العمل كالمعتاد" يمكن أن ينجح مع الصين في ظل المناخ الجيوسياسي الحالي. وكان رافائيل غلوكسمان، عضو الكتلة اليسارية في البرلمان الأوروبي، قد كتب على تويتر قبل زيارة ماكرون: "في الوقت الذي يركز فيه الجدل الدائر في أوروبا على اعتمادنا الانتحاري على الصين وعلى التدخل الصيني، فإن الرسالة غير مناسبة". فون دير لاين تقر بوجود اختلالات في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين كانت فون دير لاين، التي دافعت عن موقف الاتحاد الأوروبي الأكثر تشددًا تجاه الصين الأسبوع الماضي خلال مؤتمر عقد في مدينة بروكسل، حازمة أيضًا بعد اجتماعاتها مع الرئيس شي ومسؤولين صينيين آخرين في بكين. وقالت في اجتماع ثلاثي مع ماكرون وممثلي المفوضية الأوروبية إنها لا ترى "الانفصال عن الصين" استراتيجية قابلة للتطبيق أو مرغوبة لتهدئة العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي. لكنها حذرت من وجود عدد من المخاطر والاختلالات الحرجة في علاقتهما الاقتصادية والتي يجب أن تتم معالجتها. كانت العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين قد أصبحت فاترة منذ عام 2021، عندما توقفت المفاوضات حول الاتفاقية الشاملة للاستثمار (CAI) ، التي سعت إلى إفادة الطرفين. وقال يورغ فوتكه، رئيس غرفة التجارة الأوروبية في بكين، الذي التقى فون دير لاين قبل اجتماعاتها مع المسؤولين الصينيين، في حديثه لـ DW إن التصديق على الاتفاقية الشاملة للاستثمار (CAI) كان بمثابة فاتحة على الشركات الصينية لأنه سيفيدهم. لكنه قال إن معالجة الاختلالات التجارية حاليًا في حقل الألغام الجيوسياسي كان الهدف الرئيسي لفون دير لاين. وقال "إن الأوروبيين يحبون المنتجات الصينية فقط وأن المبيعات الصينية إلى الكتلة الأوربية مذهلة. وفي العام الماضي، قامت الصين بشحن 6.4 مليون حاوية إلى أوروبا، بينما شحن الاتحاد الأوروبي 1.6 مليون حاوية فقط"، مضيفًا أن استثمارات الاتحاد الأوروبي في الصين قد تراجعت بنسبة تصل إلى 50٪. وقد أقرت فون دير لاين بهذه الأمور وقالت للصحفيين بعد اجتماعها مع شي إنها دعت إلى استئناف الحوار الاقتصادي بين الاتحاد الأوروبي والصين. توترات في مضيق تايوان إلى جانب التجارة والحرب في أوكرانيا، جاءت زيارة فون دير لاين وماكرون وسط توترات في مضيق تايوان. وقالت فون دير لاين للصحفيين إن "الاستقرار في مضيق تايوان له أهمية قصوى"، مشددة على أنه "لا ينبغي لأحد أن يغير الوضع الراهن من جانب واحد من خلال التهديد باستخدام القوة في هذه المنطقة، ويجب حل التوترات من خلال الحوار". وبحسب محطة CCTV الصينية الحكومية، قال الرئيس الصيني شي إنه يتعين على الصين والاتحاد الأوروبي إقامة تفاهم متبادل "صحيح" وتجنب سوء التفاهم وسوء التقدير. وقال فوتكه لـ DW: "أعتقد أنه لا يوجد معيار يحدد أين يبدأ النجاح وأين يبدأ الفشل". بالنسبة للصينيين، يعد ماكرون وفون دير لاين محاورين مهمين للغاية للتحدث إليهما في ظل الظروف الحالية حيث إن التوترات بين الصين والولايات المتحدة شديدة جدًا. إنهم يدركون أن الأمريكيين يعتمدون بشدة على أوروبا ويحاولون توجيهها بعيدًا عن الصين. لذا فإن إيجاد أرضية مشتركة وفهم بعضنا البعض من خلال الحوارات الشخصية أمر ضروري". بريانكا شانكار/ ص.ش

مشاركة :