تصحيح الأخطاء.. معضلة أخلاقية تواجه المنصات الإخبارية

  • 4/8/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

حتى قبل ظهور مواقع ومدونات «تقصي الحقائق» - Fact checking - كانت الأخطاء المطبعية أو تلك التي تتعلق بالمضمون، تمثل صداعاً مؤلماً وحرجاً بالغاً للصحف، ثم جاء عصر الإنترنت والسوشيال ميديا، فاستفحلت خطورة الأخطاء لسرعة انتشارها. وصارت المنصات الإخبارية تواجه معضلة حقيقية وتساؤلات كثيرة من نوع : هل نعترف بالخطأ ونصححه، أم الأفضل تجاهله، ليموت وحده، كأن شيئاً لم يحدث.؟! بالطبع لا تموت الأخطاء لأن الجمهور صار أكثر احترافاً ولأن التكنولوجيا الجديدة منحته أدوات فعالة جداً في الرصد والضبط والتعليق، فأصبح ضحايا الأخطاء (ومرتكبيها طبعاً) في موقف صعب، لأن العالم كله يمكنه في غضون ساعة واحدة أن يطالع القصة الخبرية نفسها بما قد يكون فيها من أخطاء. لذلك صارت المواقع التي تتعقب الأخطاء لتفنيدها وتصحيحها شائعة جداً، مع أنها لم تنتشر بالقدر الكافي في العالم العربي على الرغم من شدة الاحتياج إليها. عموماً تعتبر المنصات الإخبارية أن تصحيح الأخطاء التزاماً أخلاقياً واحتراماً للمعايير المهنية التي تقدس الدقة والنزاهة. لكن البعض لديه قلق من احتمال تأثر سمعة المنصات التي تعترف بأخطائها، معتبرين نشر التصحيحات ضربة للمصداقية. ومؤخراً كشفت دراسة جديدة أن التزام وسائل الإعلام بنشر تصحيحات للأخطاء يزيد قدرها في أعين قرائها لحرصها على الدقة.. لكنه للأسف يضر بالثقة في مصداقيتها لاحقاً، حسبما يقول الباحث دان جيلمور في موقع «نيوز كو - لاب» التابع لجامعة أريزونا. تشير نتائج الدراسة إلى أن تصويب الأخطاء يمثل بالفعل معضلة غريبة لأنها تعرض وسائل الإعلام الحريصة على التزام الدقة لخطر فقدان ثقة الجمهور، الذي قد يغفر لها مرة أو مرتين ، لكن بالتأكيد سوف تساوره الشكوك دوماً بمدى مصداقية أولئك الذين يتحرون الدقة بتصويب أخطائهم. أنجزت الدراسة «ذا نيوز كو – لاب» بجامعة أريزونا بالتعاون مع كلية دارتموث، بمشاركة 2862 شخصاً. في الدراسة ، قرأ المشاركون تغريدة كاذبة منسوبة إلى هيئة الإذاعة الكندية (CBC) تفيد بأن مواطناً كندياً أصبح من قاطعي الرؤوس ضمن تنظيم داعش، ثم تلقى المشاركون تصحيحاً للتغريدة. وتبين أن المشاركين الذين تلقوا التصحيح من (CBC) نفسها شعروا بالتقدير لحرصها على التزام الدقة.. لكنهم صاروا أقل ثقة في مصداقيتها. ويعلق الباحث دان جيلمور قائلاً: إن نتائج البحث خيبت آماله لأنها تتناقض مع فرضية قديمة تبناها في كتابه Mediactive الصادر قبل 13 عاماً يقول فيها إن التصحيحات تقود الجماهير إلى «تصديقك أقل ولكن الثقة بك أكثر». مدارس التصويب.. عمود بالصفحة الثانية وملاحظة في الموقع الأخطاء أنواع، فهي قد تكون أرقاماً أو معلومات غير صحيحة أو بيانات غير دقيقة أو تصريحات مغلوطة، كذلك سياسات الصحف في التعامل مع التصويبات تتنوع وتتعدد. تشرح لورا هيلموث محررة الصحة والعلوم في واشنطن بوست، سياسة تصحيح الأخطاء بالصحيفة قائلة: «لدينا نظام يتيح للقراء إمكانية الإبلاغ عن الأخطاء، ثم يتم كتابة تقرير عن الموضوع، يتسلمه محرر المقالة، وهو المسؤول عن معرفة ما إذا كان هناك خطأ حقاً أم لا.» وتضيف: «إذا كان هناك خطأ ما، يقوم الصحفي بإنشاء طلب تصحيح يمر عبر مستويات متعددة من الموافقة ثم يتم نشره، وبعدها يتم وضع علامة واضحة على الفقرات التي جرى تصحيحها في القصص المنشورة بالموقع، بينما يوجد في الصحيفة المطبوعة خانة واضحة للأخبار أو القصص التي تم تصحيحها». وفي «نيويورك تايمز»، يشرف «كبير محرري المعايير» جريج بروك على تصويب الأخطاء. وقال لـ Journalism.co.uk: «نتلقى الكثير من الاستفسارات والشكاوى، يتولى المتخصصون وقسم الأبحاث التحقيق في مضمونها، قبل التأكد من وقوع خطأ، ثم ننشر التصحيح عبر الإنترنت ضمن ملاحظة أسفل المقالة. ويؤكد: «نحن لا نغير أبداً خطأ عبر الإنترنت دون إخبار القراء بأننا فعلنا ذلك». وفي النسخة المطبوعة يكتب محرر القسم التصحيح بصورة أكثر تفصيلاً لنشرها في الصفحة الثانية باليوم التالي.

مشاركة :