"أثق في الأطباء الصينيين، وأشكرهم"، جملة قالتها سيتال بنات الواقي، 55 عاما، بابتسامة واسعة وهي تحتضن حفيدتها البالغة من العمر أسبوعين في مستشفى أبو عشر بولاية الجزيرة بوسط السودان. وأوضحت الواقي أن حفيدتها هي الرضيع الثامن في أسرتها الذي يولد على أيدي الأطباء الصينيين في المستشفى، حيث ولدت هي ثلاثة أطفال في ثلاث ولادات طبيعية أشرف عليها الأطباء الصينيون قبل 38 عاما، بينما خضعت ابنتها لعملية الولادة القيصرية الخامسة التي أجراها الأطباء الصينيون قبل أسبوعين. وقالت الواقي في حديث لها مع وكالة أنباء ((شينخوا)) "الأطباء الصينيون ماهرون ومحترفون للغاية. ولدينا ثقة تامة بهم". الواقي وابنتها من بين أكثر من 8 ملايين سوداني تلقوا رعاية طبية أو علاجًا من أطباء صينيين كانوا يقومون بمهمة تقديم المساعدة الطبية لهذا البلد الإفريقي متأخر النمو منذ عام 1972 عندما أرسلت الصين فريقها الطبي الأول إلى السودان. مهمة مستمرة منذ عام 1971، أرسلت الصين إلى السودان ما مجموعه 37 فريقًا طبيًا تضم أكثر من 1100 فرد طبي عالجوا حوالي 8 ملايين مريض سوداني وأجروا أكثر من 200 ألف عملية جراحية كبرى، وفقًا للإحصاءات الرسمية. أشاد السكان المحليون على نطاق واسع بمهمة الأطباء الصينيين في السودان، التي استمرت دون انقطاع برغم الأوضاع المضطربة في البلاد في بعض الأحيان، ما يوضح الحب والصداقة الراسخين بين البلدين. انخفض معدل وفيات الأطفال حديثي الولادة بشكل كبير في ولاية الجزيرة في العقود الماضية، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى مساعدة الأطباء الصينيين، الذين يظلون متفانين في أداء عملهم من خلال التغلب على العديد من الصعوبات والتحديات التي تفرضها الظروف الصعبة ونقص اللوازم الطبية. لأكثر من نصف قرن، يقدم الأطباء الصينيون الرعاية الصحية والعلاج الطبي للسودانيين المحليين في مجالات العلاج الطبيعي، والوخز بالإبر، والجراحة العامة، وجراحة العظام، وطب الأذن والأنف والحنجرة، والمسالك البولية، والتوليد وأمراض النساء، من بين أمور أخرى. قالت ليو وي، طبيبة النساء والتوليد الصينية التي أجرت العملية القيصرية الخامسة لابنة الواقي، إنها فخورة بكونها جزءًا من المهمة النبيلة المتمثلة في مساعدة السودانيين. وذكرت أنه "من خلال الجهود الطيبة التي بذلها أطباؤنا الصينيون من جيل إلى جيل خلال الـ51 عامًا الماضية، انخفض معدل الإصابة بعدوى الأطفال المكتسبة بعد الولادة من الأمهات ومعدل وفيات الأطفال حديثي الولادة بشكل كبير هنا". الجراحات المعقدة شعر أبكر عبد الله محمود، 61 عاما، من مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، فجأة بألم مبرح في بطنه في نوفمبر الماضي. تم الاشتباه في وجود ورم مجهول المصدر في التجويف البطني. بعد رفض عدة مستشفيات إجراء جراحة له بسبب خطورة تلك الجراحة المعقدة، قبِلَ إجراءها الأطباءُ الصينيون في مستشفى أم درمان، الذي تم إنشاؤه بمساعدة الحكومة الصينية وبدأ العمل في عام 1995. لضمان سلامة المريض، وضع الأطباء الصينيون في قسمي الجراحة العامة والتخدير والأقسام ذات الصلة عدة خطط من خلال التعاون مع الخبراء الطبيين في الصين، للتعامل مع أي حادث محتمل أثناء الجراحة وسط نقص في بعض الأجهزة الطبية الرئيسية وإمدادات الدم. وذكر يانغ يي، الطبيب الصيني الذي كان مسؤولا عن الجراحة، أن "ضغط دم المريض انخفض بشكل حاد من 120 إلى 60 في بداية الجراحة، وتم اكتشاف الورم أخيرًا بحجم كرة قدم". نجحت الجراحة تماما وتعافى محمود سريعا، وعاد بعد شهرين من الجراحة إلى المستشفى لتقديم خطاب تقدير للفريق الطبي الصيني، كتب فيه كلمة "الصين" بالحروف الصينية للتعبير عن امتنانه. منذ وصول أول فريق طبي صيني إلى السودان في عام 1972، أجرى الأطباء الصينيون عددًا من العمليات الجراحية المعقدة المرتبطة بمخاطر عالية، منها أول عملية لصمام القلب في عام 1986. تناقل مسؤولية إنقاذ الأرواح قال محمدين حسين، الرئيس السابق لمجلس إدارة مستشفى أبو عشر، إن "مهمة الفرق الطبية الصينية حققت نجاحا كبيرا في السودان. كل الشعب السوداني، وخاصة أهالي ولاية الجزيرة، ممتنون جدا لهذه المهمة". وشدد حسين على أنه لم ترسل أي دولة أجنبية، باستثناء الصين، فريقًا طبيًا إلى السودان في العقود الماضية. خلال الـ51 عامًا الماضية، كان الأطباء الصينيون يتناقلون مسؤولية إنقاذ الأرواح في السودان من فريق إلى آخر، ما يشكل نموذجًا استثنائيًا لبناء مجتمع صحي صيني-إفريقي. جاء قاو تيان شي، عضو الفريق الطبي الصيني الـ37 الحالي، إلى السودان لمتابعة خطوات أستاذه، كانغ تشيوان تشينغ، الذي عمل في السودان خلال الفترة 1997-1999 وابتكر أداة لاستئصال اللوزتين لاستخدامها في السودان. معلم كانغ، وانغ جيان قانغ، الذي وافته المنية بالفعل، عمل في وقت سابق في السودان مرتين كعضو في الفريق الطبي الصيني خلال الفترتين 1979-1981 و1989-1991. قال أمين هارون، الذي عمل رئيسا لمستشفى أم درمان لمدة سبع سنوات، "الأطباء الصينيون يقومون بعمل رائع ونحن نشكرهم من صميم قلوبنا". وقال هارون في حديثه إلى ((شينخوا)) "أتذكر دائما المثل الصيني الذي يقول: "لا تعطني سمكة، ولكن علمني كيف اصطاد""، في إشارة إلى تعليم الأطباء الصينيين زملاءهم السودانيين ونقل مهاراتهم إليهم على مر السنين. وأضاف "نأمل في مزيد من التعاون والتبادل الطبي بين الصين والسودان لرفع مستوى وكفاءة مستشفانا".
مشاركة :