ألقت عمليات استهداف الصحافيين في العراق بظلالها من جديد بعد اغتيال نورس النعيمي المراسلة في قناة الموصلية الأسبوع الماضي. وتقول منظمة مراسلون بلا حدود: إن العديد من الصحافيين العراقيين يتعرضون يوميا للتهديدات، ومحاولات القتل، والاعتداءات، والمعاناة من أجل الحصول على تراخيص، والمنع من الدخول، ومصادرة أدوات عملهم. وتوضح أن العراق الذي يشهد أعمال عنف متواصلة منذ 2003، ويعيش على وقع تصاعد أعمال العنف اليومية منذ نيسان (أبريل) الماضي، قتل فيه العديد من الصحافيين الذين يعيشون في مناخ شديد التوتر، تتفاقم فيه الضغوط السياسية والطائفية. وقفت والدة الصحافية العراقية نورس النعيمي التي قتلت بدم بارد قرب منزلها الأسبوع الماضي في الموصل، وجها لوجه أمام قاتل ابنتها، فقبلته على رأسه وقالت له: لقد زففت ابنتي عروسا للجنة. وعرضت قناة الموصلية التي كانت تعمل لديها النعيمي، تقريرا مصورا تناولت فيه ظروف مقتل الصحافية الشابة وعملية اعتقال قاتلها وإعادة تمثيل الجريمة في الموصل (350 كيلو مترا شمالي بغداد). واغتال مسلحون قبل أسبوع نورس النعيمي وهي من مواليد عام 1994، قرب منزلها في مدينة الموصل التي تشهد تزايدا كبيرا في أعمال العنف، في حلقة جديدة من مسلسل استهداف الصحافيين في البلاد حيث قتل سبعة منهم على مدى الأشهر الثلاثة الأخيرة. وتمكن الجيش العراقي قبل أيام من اعتقال منفذ العملية بعد توقيف مجموعة حاولت الاعتداء على قوات من الجيش. وقد اعترف المنفذ حسبما ورد في التقرير المصور، وهو يدعى سيف وليد حسينة المولى، علما بأن شريكه في العملية قام بسرقة حقيبة يدها. وقال قائد الفرقة الثانية اللواء الركن علي الفريجي في تصريح صحافي ورد في التقرير تم جمع المعلومات عن الحادث وحصلنا على أوصاف القاتل الذي تم اعتقاله خلال 48 ساعة بعد العملية والاستيلاء على مسدس عيار 9 ملم وتبين أنه سلاح الجريمة. وتابع تم تحديد المجرم من بين ثمانية أشخاص متشابهين، وتم التعرف عليه من قبل عائلة الشهيدة وشهود عيان. وفي التقرير المصور، رافقت قوة من الجيش المتهم إلى محل الحادث وطلبت منه إعادة تمثيل عملية الاغتيال وكيفية هروبه وسرقة رفيقه حقيبة الضحية التي على ما يبدو تشبثت بها، لكنهما تمكنا من سحبها بالقوة بعد قطع حزامها. وبعد إعادة تمثيل الحادثة، قام عناصر من الجيش بأخذ المتهم إلى منزل عائلة الضحية. وفي مشهد درامي، وقفت والدة الصحافية نورس النعيمي أمام قاتل ابنتها الذي لم يجرؤ على النظر في وجهها، ولا التفوه بكلمة واحدة للدفاع عن نفسه. وقالت الأم بصوت حزين وهي تضع يدها على كتف المتهم لقد حملت ذنبها، لكنك زففت ابنتي عروسا إلى الجنة فهنيئا لها الجنة، وقامت بتقبيل رأسه. وتابعت يا ولدي، أنت جاهل أميّ لا تعرف القراءة والكتابة وابنتي تتحدث لغتين. وانتقلت الأم المفجوعة بابنتها، إلى غرفة نومها وهي تقلب حاجياتها التي كانت بحوزتها أثناء مقتلها ورفعت كتابا عنوانه المدخل إلى حقوق الإنسان وهو مخضب بالدماء، لتقول بصوت خافت هذا الكتاب استعارته من صديقتها، لن أمسح دمها عنه حتى يبقى ذكرى. وأضافت هل يقبل الله أن تقتل هذه الطفلة الحلوة؟ كانت من قدر حبها للدراسة تحضن كتبها وهي ميتة، تخلت عن حياتها ولم تتخل عن كتبها. ثم تناولت الوالدة أسئلة امتحان كانت قد خاضته نورس النعيمي في يوم مقتلها في الجامعة وصورا ورسومات قامت الضحية برسمها، وهي تقول ابنتي فنانة فهي تجيد الرسم وقد رسمت شقيقها الصغير وهو مبتسم. وتابعت وهي تقلب ملابس ابنتها التي كانت ترتديها يوم الحادث وهي مخضبة بالدماء كانت إنسانة ناجحة بكل معنى الكلمة، فهي ناجحة في العمل والدراسة. طلبت مني أن تضع شهاداتها ضمن إطار، حتى الدكتوراه التي كانت تنوي الحصول عليها. وطلبت الوالدة لقاء رئيس الوزراء نوري المالكي، الذي وافق بسرعة على لقائها والاستماع إلى طلباتها واحتياجاتها، حسبما جاء في بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء.
مشاركة :