في الآونة الأخيرة ومع انتشار السوشال ميديا الكبير بمختلف تنوعاتها، كثر هواة التحليل والتنجيم والتضليل والتدليس والافتراء والتكهن، في السياسة والاقتصاد والطب وفي مختلف العلوم الأخرى، أغلب معلوماتهم خاطئة ومغلوطة وفيها ضبابية كثيفة وزيف ودجل، وتفتقر إلى الرصانة والحكمة والخبرة وبعد النظر، ما عندهم مهارة ولا براعة ولا تميز ولا تفرد، ولا يتميزون في حقل من الحقول، وأغلب أطروحاتهم غير واقعية ومجافية للحقيقة والواقع، يبحثون عن التألق والصعود والشهرة بأي طريقة ولون وشكل، من دلالات ضعفهم وعجزهم أنهم يلجأون إلى التخيل والتوهم، وكأنهم وحدهم قادرون على معرفة الأشياء واستنباطها، أن الشمس لا تحتاج إلى تعريف، فاشعتها الباهرة تغمر الكون، وكذلك القمر ضوؤه ساطع ومنير، أن الناس اصبحت فاهمة ومتعلمة ومدركة وواعية، ولها القدرة الذاتية على استنباط الأشياء وقرائها دون وسيط ، إن الذين يخرجون علينا صباح مساء في مواقع التواصل الاجتماعي بأشكال وهيئات مختلفة، هم لا يملكون وجوداً حقيقياً أصلاً، وبالتالي يريدون إضفاء الصفات والنعوت عليهم لإخراج أنفسهم إلى دائرة الضوء والشهرة فقط، والفرق كبير بين من يبحث عن الضوء، ومن يبحث الضوء عنه، أن صاحب الوجود الحقيقي والطرح الناضح لا يبحث عن الضوء، لأنه واثق من نفسه ومتمكن، وعنده صلابة في العلم والفكرة، أما اليوم فقد أصبح أشباه الأميين يتسيدون المشهد، ويطلقون على أنفسهم أكبر الألقاب، بل نجد بعضهم وهو الكسيح علمياً، تسبق اسمه عبارات الضخامة، وألقاب الفخامة، والتي لا تطلق إلا على أكابر العلماء وجهابذة المثقفين والمهنيين، لقد ابتلينا بهؤلاء الانتهازيين الذين لا هم لهم إلا أنفسهم وأطماعهم ومصالحهم الشخصية، يلهثون بلا توقف وراء المال والمكاسب والأمتيازات، وأن فقدوا رشدهم، وأوردوا أنفسهم موارد الهوان، يبحثون فقط عن المال وعلو الشأن، إن المبدعين الحقيقيين والراسخين في العلم، لهم مبادىء وقيم، وهم يسعون سعياً حثيثاً إلى ترسيخ وترجمة هذه القيم والمبادىء إلى واقع حياتي، أما هؤلاء الطفيليون فإنهم ينشرون التدليس والتضليل والتلفيق والتمويه بلا عيب ولا حياء، بل لهم طنين يشبه طنين الذباب، وعندهم تهريج كثيف، إنهم متمرسون بصناعة الافتراءات والأكاذيب، وحسبهم ما لحقهم من قبيح الألقاب، ورداءة الأفعال، وسقم الطروحات، وهناك فرق كبير بين النملة والفيل، وبين الزرازير والشواهين وكماال الشاعر: أن الزارزير لما قام قائمها توهمت أنها صارت شواهينا
مشاركة :