أشارت دراسة جديدة أجراها فريق دولي من الباحثين إلى أن «Vibrio vulnificus» (نوع من البكتيريا معروف بإصابة البشر) يمكن أن تصيب البشر بشكل خطير حتى في الطقس اللطيف. إذ ان أحد تأثيرات تغير المناخ الأقل شهرة ولكنه جدير بالملاحظة للبحار الأكثر دفئًا هو انتشار البكتيريا الآكلة للحوم في المياه الساحلية؛ وذلك عن طريق تناول المأكولات البحرية النيئة أو غير المطبوخة جيدًا وخاصة المحار، حيث أن هذا النوع من البكتيريا قادر على الإصابة بالتهاب اللفافة الناخر عند تعرض الشخص لجرح مفتوح. ويقول مؤلفو الدراسة «المعروف منذ فترة طويلة ان (V. vulnificus) الموجودة بالمياه الساحلية لخليج المكسيك وسواحل المحيط الأطلسي لجورجيا وفلوريدا تشكل تهديدًا متزايدًا في تلك المناطق بينما تستعمر أيضًا موائل جديدة بأقصى الشمال»، وذلك وفق ما نشر «ساينس إليرت» العلمي نقلا عن مجلة Scientific Reports. ووجدت الدراسة ايضا أنه على مدى 30 عامًا ارتفع عدد الإصابات بـ «V. vulnificus» على طول الساحل الشرقي للولايات المتحدة من 10 إلى 80 سنويًا؛ وقد يكون العدد بطريقه للوصول إلى 200 سنويًا بحلول عام 2100. واضاف الباحثون أن الحالات تظهر أيضًا في أقصى الشمال كل عام. إذ كانت البكتيريا التي كانت نادرة شمال جورجيا على ساحل المحيط الأطلسي الأميركي، يمكن العثور عليها الآن بأقصى الشمال مثل فيلادلفيا. ويتنبأ الباحثون بأن عدوى «V. vulnificus» يمكن أن تبدأ بابتلاع نيويورك في غضون بضعة عقود؛ في ظل سيناريوهات متوسطة إلى عالية للانبعاثات والاحتباس الحراري في المستقبل. كما قد تحدث في كل ولاية شرق الولايات المتحدة بحلول عام 2080. وفي هذا الاطار، يقول الباحثون إن دراستهم هي الأولى التي رسمت خريطة لكيفية تغير مواقع عدوى «V. vulnificus» على طول ساحل الولايات المتحدة بمرور الوقت، وأول من يدرس كيف يمكن أن يستمر تغير المناخ في التأثير على انتشاره في المستقبل. وفي حين أن العدد الإجمالي للعدوى في الولايات المتحدة لا يزال منخفضًا إلى حد ما، إلا أن المخاطر كبيرة؛ حيث يموت حوالى واحد من كل خمسة أشخاص مصابين بجرح V واثنين من جراء المرض. ويلاحظ مركز السيطرة على الأمراض أن العديد من الناجين ما زالوا بحاجة إلى رعاية مركزة أو بتر أطرافهم. وفي هذا الاطار، قالت عالمة الجيولوجيا بجامعة إيست أنجليا بالمملكة المتحدة إليزابيث آرتشر التي قادت الدراسة «انها تسلط الضوء على ما وصفه مؤلفوها بأنه تهديد متزايد ولكن لا يحظى بالتقدير الكافي للصحة العامة بسبب تغير المناخ». وتبيّن آرتشر «أن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من النشاط البشري تعمل على تغيير مناخنا، وقد تكون التأثيرات حادة بشكل خاص على سواحل العالم التي توفر حدًا رئيسيًا بين النظم البيئية الطبيعية والبشر وتشكل مصدرًا مهمًا للأمراض البشرية». مضيفة «لقد أظهرنا أنه بحلول نهاية القرن الحادي والعشرين ستمتد عدوى V. vulnificus إلى الشمال أكثر ، ولكن إلى أي مدى سيعتمد أقصى الشمال على درجة ارتفاع درجات الحرارة؟ وبالتالي على انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في المستقبل؟!». ويساعد ارتفاع درجات الحرارة بالفعل بانتشار العديد من الأمراض ومسبباتها (بما في ذلك الأمراض التي ينقلها البعوض على سبيل المثال وبعض الفطريات المسببة للأمراض)؛ ويبدو أن هذا هو ما يحدث مع V. vulnificus مع ازدياد حرارة المياه الساحلية. ويقول الاستاذ المشارك إيان ليك المختص بالعلوم البيئية بجامعة إيست أنجليا «إن معرفة الأماكن التي يحتمل حدوثها في المستقبل يجب أن يساعد الخدمات الصحية في التخطيط للمستقبل». فيما يخلص الباحثون الى القول «إن السلطات قد تطور أنظمة تحذير يمكنها إصدار تنبيهات في الوقت الفعلي حول مستويات Vibrio، وزيادة الوعي بين الفئات المعرضة للخطر».
مشاركة :