ارتبط المدافع البلجيكي السابق فينسنت كومباني بمدينة مانشستر، حيث أمضى 11 عامًا رائعاً لاعباً متألقاً مع فريق سيتي، وهناك التقى بزوجته ورزق بأطفاله، وعلى ما يبدو أنه سيظل مديناً لهذه المدينة الشمالية الغربية بعد قيادته كمدرب نادي بيرنلي للصعود للدوري الإنجليزي الممتاز. كان بيرنلي قد قضى عقداً من الزمن تحت قيادة شون دايك، وهي الحقبة التي انتهت بإقالته وهبوط النادي لدوري الدرجة الأولى في مايو (أيار) الماضي. ورحل عدد كبير من اللاعبين البارزين عن الفريق، وكانت هناك مخاوف جدية بشأن الشؤون المالية للنادي، لذلك كان التعاقد مع كومباني قليل الخبرة بمثابة مخاطرة إلى حد ما. وتجددت دماء الفريق، وهو الشيء الذي لم يتمكن دايك من القيام به خلال السنوات الأخيرة. وكانت التعاقدات الجديدة مهمة للغاية بالنسبة لكومباني في عملية نقل الفريق إلى حقبة جديدة من كرة القدم الممتعة سريعة الإيقاع، والمختلفة تماماً عما كان يقدمه في السابق. لم يخسر بيرنلي سوى مرتين فقط في الدوري طوال الموسم، وهو إنجاز عظيم بالنظر إلى الطبيعة التنافسية الشرسة لهذه البطولة، التي لا تكون فيها الفوارق بين الأندية كبيرة. ومع ذلك، كان بيرنلي أفضل بكثير من بقية المنافسين، وظل يقدم مستويات ثابتة على الرغم من الطبيعة المرهقة للمسابقة، حيث غالباً ما يلعب كل فريق مباراتين كل أسبوع، وهي مهمة شاقة بالنسبة لفريق يلعب بهذه الشراسة. لقد قام كومباني بعمل رائع في عملية اختيار اللاعبين الجدد، بل تفوق في ذلك على الكثير من المديرين الفنيين في كرة القدم الحديثة. وفي الآونة الأخيرة كان في الدنمارك في محاولة لاستكشاف بعض اللاعبين الجدد الذين يمكن ضمهم لتدعيم صفوف فريقه، كما حدد عدداً من اللاعبين الذين كان يعرفهم في بلجيكا، وضم بالفعل خمسة من الدوري البلجيكي الممتاز، بمن في ذلك جوش كولين من ناديه السابق أندرلخت. ولعب كولين، وهو لاعب دولي في منتخب جمهورية آيرلندا، دوراً حاسماً في صعود بيرنلي للدوري الإنجليزي الممتاز بفضل الأداء الرائع الذي قدمه في خط وسط الفريق، حيث كان يعلم كل ما يريده منه المدير الفني، بعدما عمل معه لمدة عامين في بلجيكا، وهو ما سمح له بضبط إيقاع الفريق ومساعدته على الاستقرار، سواء داخل الملعب أو خارجه. وقال كومباني عن كولين: «قوته تكمن في أنه اللاعب الذي يضع دائماً مصلحة الفريق قبل مصلحته الشخصية». وضم بيرنلي المهاجمين أنس الزعروري ومانويل بنسون من شارلروا وأنتويرب، على التوالي، بمبلغ إجمالي قدره 7.5 مليون جنيه إسترليني، لكن من شبه المؤكد أن قيمتهما المالية قد تضاعفت بعد الأداء الرائع الذي قدماه مع بيرنلي. وعلاوة على ذلك، تعاقد كومباني مع عدد من اللاعبين الآخرين على سبيل الإعارة، في محاولة لمعرفة القدرات الحقيقية لبعضهم قبل التعاقد معهم بشكل نهائي، حتى يكونوا إضافة قوية للفريق على المدى الطويل. ويعد الهداف الأول للفريق هو ناثان تيلا، الذي سجل 19 هدفًا، ومن المؤكد أن ناديه الأصلي ساوثهامبتون سيرغب في إعادته لصفوف الفريق، خصوصاً إذا هبط إلى دوري الدرجة الأولى. وأثبت المدافعان جوردان باير وتايلور هاروود بيليس أنهما يمتلكان قدرات وإمكانات هائلة تمكنهما من اللعب في بطولة أكبر من دوري الدرجة الأولى، لكنهما قد لا يجدان مكاناً لهما في تشكيلة نادييهما الأصليين بوروسيا مونشنغلادباخ ومانشستر سيتي، في الوقت الذي قد لا يتمكن فيه بيرنلي من دفع الأموال المطلوبة لاستمرارهما في صفوفه بشكل دائم. من المؤكد أن بيرنلي قد سبق له أن اتفق على رسوم انتقال اللاعبين إلى صفوفه، لكن من المفهوم أيضاً أنها قد تكون رسوماً مرتفعة ولا يستطيع دفعها. ولم يكن من الغريب أن يركز كومباني بشكل كبير على التعاقد مع حارس مرمى ومدافعين جيدين للغاية من أجل وضع الأسس لبناء فريق قوي للمستقبل. ولم يكن من الغريب أيضاً أن يكون اثنان من هذه الأسس من مانشستر سيتي، وهما أرو موريك وهارود بيليس، اللذين نشآ على الفلسفة التي يريد كومباني غرسها في نفوس لاعبيه. وكان أحد أهم الوافدين الجدد شخصاً آخر له صلة قوية بمانشستر سيتي، وهو كريغ بيلامي، الذي لعب إلى جانب كومباني في ملعب الاتحاد. عُيِّن بيلامي كمساعد للمدير الفني من أجل استغلال معرفته الكبيرة بدوري الدرجة الأولى الذي شهد بداية مسيرته الكروية خلال فترة وجوده مع كارديف سيتي. وكانت أفكاره المؤثرة بشكل كبير طوال الموسم. والأهم من ذلك أن كومباني أدهش الجمهور تماماً بفضل كرة القدم الممتعة التي أصبح الفريق يقدمها، بعدما كان يلعب بشكل عملي وبراغماتي تماماً تحت قيادة شون دايك، وإن كانت هذه الطريقة هي التي ساعدت الفريق على البقاء في الدوري الإنجليزي الممتاز لسنوات. وفي الـ20 مباراة التي لعبها بيرنلي على ملعبه في دوري الدرجة الأولى، سجل 43 هدفًا. وبشكل إجمالي، سجل الفريق 76 هدفاً في 39 مباراة، في حين أن أكبر عدد من الأهداف سجله الفريق في موسم واحد في الدوري الإنجليزي الممتاز هو 45 هدفاً. وعلاوة على ذلك، يرى المشجعون أن اللاعبين لديهم رغبة هائلة في القيام بأي شيء من أجل مدربهم كومباني، وهي السمة التي كان يفتقدها الفريق في الأيام الأخيرة لشون دايك. من المؤكد أن الجمهور كان يحب رؤية فريقه وهو يلعب في الدوري الإنجليزي الممتاز، لكن من الجيد أيضاً أن يرى فريقه يحقق الفوز في كل أسبوع، حتى إن كان يلعب في دوري الدرجة الأولى. هناك مقهى في المدينة يحمل اسم شون دايك تقديراً لما حققه مع الفريق، فما الذي يستحقه كومباني الآن بعدما نجح في قيادة الفريق للصعود للدوري الإنجليزي الممتاز بهذا الأداء الممتع؟
مشاركة :