هل نشتكي لبرنامج الذكاء الاصطناعي الـChatGPT لحل مشاكلنا السياسية؟

  • 4/11/2023
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

بعد أن قرأت مقالاً بعنوان «الوعد الزائف لـChatGPT»، نشره الثلاثة: الفيلسوف نعوم تشومسكي وإيان روبرتس من جامعة كامبردج، وجيفري واتومول المتخصص في الذكاء الاصطناعي A.I، في «النيويورك تايمز» بتاريخ 9 مارس الماضي، والذي يتحدث عن برنامج للذكاء الاصطناعي، تواصلت مع الصديق الدكتور كارم سقالله – أستاذ هندسة الكمبيوتر في جامعة متشيغان – للاستعانة برأيه حول رأي هؤلاء الثلاثة بالذكاء الاصطناعي A.I، فأخبرني أنه يتفق معهم، فذكاء الكمبيوتر يختلف عن الذكاء الإنساني. لكنه اقترح أن أتواصل حول هذا الموضوع مع الدكتور أسامة فياض – المدير التنفيذي لمعهد الذكاء الاصطناعي في جامعة نورث ايستيرن – والذي ساهم منذ سنوات عديدة في تطوير للبرمجيات المستخدمة في الذكاء الاصطناعي. وفعلاً كان الدكتور أسامة فياض كريماً بالمعلومات، التي زودني بها حول ما قدمه في هذا المجال. وعلمت منه أنه استخدم الذكاء الاصطناعي الـA.I عندما عمل في شركة جنرال موتورز، وأنه قام بتطوير برنامج يحلل أسباب أعطال السيارات بغرض التنبؤ بأعطالها المستقبلية. هذا كما عمل الدكتور أسامة فياض في تطوير برامج A.I مع وكالة الفضاء الأميركية NASA، وفي دراسة أسباب التغيرات المناخية. وقد نال جوائز عديدة حول ما قدمه في الذكاء الاصطناعي. ولكن ما هو الذكاء الاصطناعي A.I؟ وكيف نقارنه مع ذكاء الإنسان؟ وما هي ميزات الذكاء الإنساني عليه؟ وإذا اتفقنا على أن الذكاء الاصطناعي فرع من فروع الكمبيوتر، يتعلق بتطوير كمبيوتر قادر على إنجاز وظائف تتطلب ذكاء إنسانياً، فكيف كانت بداياته؟ في هذا المجال يرى طالب الدراسات العليا في جامعة هارفارد روكويل أنيوها Rockwell Anyoha، في مقال نشره في sitn.hms.harvard.edu/‏2017، أن فكرة الذكاء الاصطناعي A.I ترجع إلى عام 1949، لكن لم ينجز، لأن في ذلك الوقت لم تكن الكمبيوترات قادرة على تخزين الأوامر، بمعنى أنها تنفذ الأوامر، لكنها لا تتذكر ما أنجزته. لكن مصطلح الـA.I صيغ في مؤتمر علمي عقد في جامعة دارتموث عام 1956، وكان من نتائج هذا المؤتمر التحفيز على إجراء أبحاث في مجال الـA.I. واذا افترضنا أن البدايات كانت في 1956، فإن الفترة 1980 – 2000 كانت أكثر الفترات التي قدمت فيها أبحاث حول هذا الموضوع. وكان من أهم مظاهر نجاحات الـA.I أن فاز برنامج مطور من شركة IBM يسمى Deep Blue على بطل الشطرنج العالمي غاري كاسباروف عام 1997. ولقد كان من أهم أسباب تطور الـA.I في تلك الفترة هو القفزات في زيادة سرعة وذاكرة الكمبيوتر، واللتين هما أساس تطور الذكاء الاصطناعي A.I. وتوجد حالياً ثلاثة برامج للذكاء الاصطناعي هي: Bard من غوغل وSydney من مايكروسوفت، وChatbotGPT من شركة Open AI. والأخير هو الأكثر نجاحاً، حيث يستعمله 100 مليون فرد، والذي شكل ضغوطاً على مايكروسوفت وغوغل للتعجيل في إطلاق برامجهما. وهذا التنافس قد يفضي إلى نتائج خطيرة. وكانت مايكروسوفت قد ارتكبت خطأ بإطلاق برنامج A.I منذ أكثر من خمس سنوات سحبته من الأسواق، بعد أن أطلق أحكام وآراء عنصرية. وبسبب هذا القلق قدّم أكثر من باحث ومستثمر في هذا المجال، من بينهم أيلون ماسك، تحذيراً بأخذ استراحة من تطوير هذه البرامج، التي أصبحت تشكل خطراً على البشرية، حيث إن العامل الأخلاقي قد يكون غائباً عندما تقدم هذه البرامج إجاباتها. وقبل مناقشة مقال تشومسكي ورفاقه، والذين يشككون بـ«ذكاء ChatbotGPT»، وبرامج الذكاء المثيلة، بودي أن نناقش موضوع الذكاء وارتباطه بالوعي. فهل الذكاء يقتصر على القدرة على حل مشاكل أو أسئلة صعبة؟ فمثلاً من مميزات الإنسان أن لديه وعياً أو دراية بالمحيط، وتعريف الوعي نفسه هو أمر مثير للجدل. وهناك أكثر من نظرية ورأي يفسران معنى الوعي. وقد تكون أفضل طريقة للتعرف على الوعي هي بالتعرف على صفاته. ففي بحث نشره كارم غولين في Dataconomy.com بتاريخ 23 مارس 2023، ذكر أن من أهم صفات الوعي: 1 ـ أنه الوحيد الذي يمكن الدخول عليه هو الشخص نفسه، كما أن في الوعي تتجمع جميع الأحاسيس بخبرة متكاملة واحدة. 2 ـ القصدية والتي تعني التوجه إلى شيء ما، والذي قد يكون جماداً أو عاطفة أو فكرة. 3 ـ وأخيراً فإن من الوعي التحسس بطعم الأكل والشعور بالدفء. هذه الصفات لا نلمسها في برامج الكمبيوتر الذكية. لكن هناك من يرى أن الوعي يمكن أن يتواجد في برنامج الذكاء A.I. فهناك من يرى أن الوعي ينبع من معالجة معقدة لمعلومات في الدماغ، وهذا يحصل في الذكاء الاصطناعي. إضافة إلى ذلك، فإن الوعي يعتمد على القدرة على التعليم والتحسين الذاتي، وهذا يحصل كذلك في الـA.I.. كما أن البرامج الذكية يمكن أن تعطي نتائج وأفكاراً ورؤى أبعد مما صمم البرنامج من أجله. ويعتبر تشومسكي ورفاقه، في المقال The False Promise of Chat GTP، أن الذكاء الاصطناعي A.I في مرحلة تطور ادراكية أو معرفية Cognitive، لكن مختلفة عن التطور المعرفي الإنساني. ويشرح المقال: «بينما يكون الشرح المقدم من الإنسان مقصوراً على ما هو مقبول منطقياً، فإن الذكاء الاصطناعي A.I يمكن أن يعلم ويتعلم الحقيقة ونقيضها. فيمكن أن يتعلم أن الأرض مستوية وكروية. وأن ذلك يخضع لاحتمالات تتغير بتغير الوقت». فالذكاء الصناعي لا يدرك المستحيل. لكن أهم ما ناقشه تشومسكي ورفاقه في المقال هو التنبيه إلى غياب البعد الأخلاقي في برنامج الـA.I، وهذا أكثر ما يميّز الذكاء الإنساني عن الذكاء الاصطناعي. لكن مع ذلك، فإن برنامج ChatGPT أجاب بعقلانية نسبية عن أسئلة طرحها أحد المشاركين في المقال عليه. فعندما سئل الـChatGPT: لماذا لا يكون الـA.I وجهة نظر خاصة؟ كان الجواب: «أنا جهاز قابل للتعلم تم تدريبه على فهم المعلومات المكتوبة. وليس لدي خبرات أو مشاعر، فليس لدي وعي ولاوعي ذاتي، وغير قادر على تقديم وجهة نظر خاصة بي». أما السؤال الثاني فكان: هل من الأخلاق أن يسأل جهاز لا يميّز الأخلاقي من اللاأخلاقي للمساعدة في حكم أخلاقي؟ الجواب: «هذا موضوع معقد. وهو موضوع متخصص نوقش من قبل فلاسفة على مدى قرون. وفيهم من يرى أن من الممكن أن تسأل الـA.I في المساعدة بأمور أخلاقية. فقد يزود الـA.I بتحاليل وآراء تستخدم في التقييم الأخلاقي. كما يمكن استخدام الـA.I في التعرف على أنماط واتجاهات يصعب على الإنسان التعرف عليها بنفسه، والتي قد تساعد الإنسان على التحرر من تحيزاته». أما السؤال الثالث فكان: هل حيادك الأخلاقي غير أخلاقي؟ فأجاب: «أنا A.I ليست لديّ معتقدات أخلاقية لإصدار أحكام أخلاقية. لذلك لا يمكن وصفي بأني أخلاقي أو غير أخلاقي. وافتقادي للأحكام الأخلاقية يرجع إلى كوني مجرد برنامج قابل أن يعلم نفسه، ومن المهم أن نلاحظ أن كوني ليست لدي معتقدات أخلاقية لا يعني أني محايد أخلاقياً». والحقيقة أن الأسئلة الخمسة التي قدمت له ونشرت ثلاثة منها لضيق المساحة، أسئلة مقدمة من خبير عارف بتقديم الأسئلة المناسبة التي تحضر إلى الهدف تدريجياً. هذا وقد أصبحت عملية طرح الأسئلة على برنامج الـChat GPT تخصصاً بحد ذاته. فقد أصبح ما سمى بـPrompt Engineer تخصصاً مطلوباً للتعامل مع الجهاز، ومجاله أقرب إلى اللغويات أو الأدب الإنكليزي أكثر من الهندسة. لا شك أن هناك فوائد، وهناك محظورات في التعامل مع برنامج الذكاء هذا، بل إن وجوده أشبه بالحلم. فكانت الاستفادة من قدرة الكمبيوتر على معالجة وتخزين المعلومات مقصورة على استخدام لغته، التي يتطلب تعلمها سنوات، لكن بوجود برنامج مثل Chat GTP فإنه يمكن طرح الأسئلة والحصول على إجابات لمسائل معقدة من خلال طرح أسئلة بلغة إنكليزية عادية. وهناك محاذير مثل استخدامه في الغش وفي حل الواجبات المدرسية. لذا سيحدث هذا البرنامج ضغوطات لتغيير الأسلوب وطرق التدريس، وبالتأكيد سيزيد العبء على الأستاذ لمعرفة القدرات الحقيقية لطلابه. وفي وضع مثل وضع الكويت، لابد أن يخطر على بالنا استشارة الـChat GPT لإيجاد حل لمشاكل الكويت السياسية. فبودي أن أسأله: أي مجلسي النواب أفضل: مجلس 2020 أم مجلس 2022؟ فهل سيتمكن من إيجاد جواب؟ وهل سيتمكن من حل مشاكلنا السياسية؟

مشاركة :