نظمت مؤسسة الشارقة الفنون مساء أمس الأول في مبانيها في المنطقة التراثية، جلسة حوارية تحت عنوان حول المعارض في الإمارات استضافت الدكتور محمد يوسف، والدكتورة نجاة مكي، وأدارتها الشيخة نورة المعلا، وذلك استعدادا للمعرض الذي تنظمه المؤسسة في مبنى الصحن الطائر في الشارقة غدا، ويضم أعمالا استعادية لرواد الحركة التشكيلية في الإمارات، بعد أن قدمت تجاربهم إلى بينالي فينيسا الماضي، ضمن مشروع المؤسسة لتوثيق التجربة التشكيلية الإماراتية. توقف كل من مكي ويوسف عند بدايات تكون المشروع الفني للإمارات، في أوائل الثمانينات، ودور جمعية الإمارات للفنون التشكيلية في رسم مسار التجربة الإماراتية في التشكيل، واستعرضا بذلك مسيرة العديد من رواد الفن المحلي. واستعاد الفنانان في حديثهما الدور الذي لعبه الفنانون العرب المقيمين، وما قامت به المؤسسات الإعلامية والصحفية في تعزيز التجربة التشكيلية للإمارات، وتتبعا العلاقات التي شكلت النسيج الثقافي منذ بدايات الثمانينات، وقدما صورة واضحة للبدايات التي تراكمت عليها الحركة التشكيلية في الإمارات. وقال د. محمد يوسف: إن بدايات المشروع التشكيلي في الإمارات بدأ فعلياً مع تجمع الفنانين وتأسيسهم جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، حيث كان العديد من الفنانين قد تخرج في كليات الفنون الجميلة في مصر، أو من معاهد الفنون في الكليات الخليجية، واجتمعوا في الشارقة بدعم من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة ليؤسسوا الجمعية، فكانت تلك البداية التي انطلقت منها العديد من المشاريع والرؤى والتيارات الفنية في الدولة. وأضاف: كانت تلك المرحلة حافلة بالكثير من النقاش والحوار والتجريب بين الفنانين، ولعب فيها الفنانون المقيمون دوراً كبيراً، فكان الفنان عبد الكريم السيد، وأحمد حيلوز، ومحمد فهمي، وغيرهم من الفنانين حاضرين في المشهد ويقدمون تجاربهم وخبراتهم لتفعيل الحراك التشكيلي. ولفت إلى الدور الذي لعبته الصحافة في تعميم الثقافة الجمالية في الدولة، بقوله: كانت الصحافة حاضرة إلى جانب نشوء الحركة التشكيلية، فكان الدكتور يوسف عيدابي في صحيفة الخليج يساند الفنانين، ويقدم أعمالهم، إلى جانب صحيفة الاتحاد التي كان لها دورها في تلك المرحلة وتوقف عند مظاهر التغير التي أصابت الفعل التنظيري على اللوحة، حيث أوضح أن المواد الصحفية كانت محصورة في الإطار الإخباري للمعارض التشكيلية والورش، وتحولت بفعل التطور الثقافي، وتعميم الثقافة البصرية، إلى الصحافة المتخصصة، وباتت الملاحق الثقافية تخصص صفحات للمتابعات التشكيلية، يكتب فيها متخصصون ونقاد من الوسط الصحفي ومن خارجه. واستعرض د. يوسف تجربته الخاصة في الدراسة واختياره الفن التشكيلي رغم تعلقه واشتغاله في الوقت نفسه في المسرح، وقال: مشوار الدراسة كان متعثراً بدءاً من اختيار الدراسة في مصر وصولاً إلى استكمالها في الهند، حيث التحقت في بكلية الفنون الجميلة، وتخصصت في النحت، وحين عدت إلى الإمارات تركز عملي على الجانب الإداري، ومن ثم استقر على العمل النحتي والتركيبي، فظلت تجربتي راسخة في العمل النحتي والتركيبي، في الوقت الذي اختار الزملاء من الفنانين العمل على اللوحة رغم دراستهم النحت. وقدمت د. نجاة مكي مداخلاتها في محاور عدة، أبرزها العلاقة بين التشكيل الإماراتي وسائر الفعل النهضوي في الإمارات، سواء التعليمي، أو الصحفي، أو غيرها من المحاور، فأوضحت أن الحالة التشكيلية كانت تنهض وتتفاعل مع سائر أشكال العمل الثقافي، فكان للمدارس دور في تدعيم الثقافة الجمالية، فعمل الفنانون مع عدد من الزملاء على مسرح الدمى، إضافة إلى المعارض الجماعية التي كانت تنظم في الأسواق العامة، وغيرها الكثير من المشاريع. واعتبرت أن الحديث عن الحركة التشكيلية من دون التوقف عند علامات مفصلية في تاريخها يعد خروجاً عن المسيرة التي وصل إليها الفن الإماراتي، وأكدت أن الحراك مر بمراحل عديدة أهمها، تأسيس جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، وظهور التيارات الفنية المغايرة مع الفنان حسن شريف، وحسين شريف، ومحمد كاظم، وغيرهم من الفنانين، ثم بعد ذلك ظهور البينالي، وتأسيس كليات الفنون الجميلة في الجامعات، وصولاً إلى البنى التحتية المؤهلة، والمراكز المحركة للفعل التشكيلي مثل المزادات، وصالات العرض، والمؤسسات الرسمية والأهلية. وتحدثت د. مكي عن تجربتها مع العمل الفني، حيث قالت إن مدرسة الفن كانت أول من التفت إلى موهبتي خلال المرحلة الإعدادية، ومن بعد ذلك الأهل مع بعض التخوفات، حيث كان ذلك جديداً عليهم، إلا أن المدرسة ظلت تؤكد عليّ أنه يجب أن أكمل الدراسة الأكاديمية في الفنون، وحدث ذلك عندما ابتعثت مع عدد من الزملاء إلى مصر، ودرست الفنون الجميلة فرع النحت، وما أن أنهيت دراستي حتى عدت وبدأ العمل الثقافي بمختلف أشكاله الرسمية والأهلية، وتوالت التجارب حتى تشكل مساري التشكيلي. واختتمت الحوارية بتساؤل حول أهمية معرض حول تاريخ المعارض في الإمارات ومشاركة الفنانين الرواد في بينالي فينيسيا، فأكد المتحدثان أنها كانت تجربة فريدة استطاعت فيها الشيخة حور القاسمي رئيسة مؤسسة الشارقة للفنون أن تنقل التجربة الإماراتية إلى العالم، وجمعت التشكيليين الرواد من جديد حول أعمال اعتقد البعض أنها اندثرت واختفت.
مشاركة :