وسط انهماكه في مراقبة تداعيات التطورات الكبرى التي تمرّ بها منطقة الشرق الأوسط والعالم، وقد كان سابقاً ساحة الانعكاس الأولى لقراءة التحولات والمتغيرات، لا تزال 3 عناوين رئيسة تتصدر المشهد المحلي في لبنان: الاستحقاق الرئاسي المعلق منذ 31 أكتوبر من العام الفائت، والتحقيقات القضائية الخارجية، لا سيما الأوروبية منها، في ملفات الفساد اللبناني، والانتخابات البلدية والاختيارية، المقرّر إجراؤها في مايو المقبل، وإن بات مصيرها على المحكّ مع ارتفاع منسوب الكلام عن إمكان تأجيلها للمرة الثانية على التوالي. انسداد في العنوان الأول، وبعد أيام من احتدام وارتفاع وهبوط في الرهانات على اختراق الانسداد في الأزمة الرئاسية، استعاد الواقع الداخلي ما يشبه الشلل التام، وكأن المعادلة التي تحكم أزمة الفراغ الرئاسي لم تشهد أي متغيرات جوهرية وحقيقية، مع ما يعنيه الأمر من كونها لا تزال معلقة على تفاهم قوى لبنانية غير قادرة حتى اللحظة على التفاهم، وعلى مواقف دول عدة، في الإقليم القريب والعالم الأوسع، غير قادرة حتى اللحظة على إقناع تلك القوى اللبنانية المحلية بالتفاهم. وعليه، فإن ثمّة إجماعاً على أن مرحلة انتظار التطورات الخارجية المتصلة بالأزمة الرئاسية قد مُدّدت، مع ما يعنيه الأمر من كون العامل الداخلي بات أضعف الحلقات أمام معادلة الانتظار. وفي العنوان الثاني، يُرتقب أن تشهد الأيام والأسابيع المقبلة تطورات بالغة الخطورة، في ما يخص التحقيقات الخارجية في ملفات الفساد اللبناني. وهذه التطورات، وفق ما يتردد من معلومات، من شأنها تعرية ممارسات كثيرة ارتُكبت في المراحل الماضية في حق الشعب اللبناني عموماً، والمودعين في شكل خاص. علماً أن هذا المسار القضائي يتسارع على وقع تطورات سياسية متعددة، لا سيما لجهة البحث عن تسوية رئاسية تعيد إنتاج تركيب السلطة، والتي من المفترض أن تضع خطة اقتصادية ومالية إنقاذية أو إصلاحية، تشمل إعادة هيكلة القطاع المصرفي. الاستحقاق الانتخابي بين التأجيل «المبرم» حتى الساعة والمطالبة الرسمية والسياسية لدى بعض الأفرقاء بإجرائها، تتأرجح ماكينة الانتخابات البلدية والاختيارية، التي تنتهي مدة ولايتها في 31 مايو المقبل، علماً أن لا مجال للمقاربة بين أسباب تأجيل هذا الاستحقاق العام الماضي وما يُحكى عن أسباب ظاهرية وضمنية هذه السنة. ففي 4 مارس من العام الفائت، اقترحت الحكومة تأجيل الانتخابات البلدية والاختيارية عاماً واحداً، وذلك بسبب عدم الجهوزية المادية والبشرية، ولتزامنها مع الانتخابات النيابية التي جرت في 15 مايو 2022. أما هذا العام، ومع دخول البلاد المهلة القانونية، برزت العوائق المادية، وبات مصير هذا الاستحقاق على المحكّ، فمن الناحية المادية، تبين أن كلفة الانتخابات، التي تُقدر بنحو 9 ملايين دولار، تفوق قدرة الحكومة على تأمينها، إلا في حال الاستعانة بالمجتمع الدولي وهيئاته الدولية. وبالتالي، باتت الكرة الآن في ملعب القوى السياسية، التي عليها إما تأمين الاعتمادات المالية والذهاب إلى الانتخابات، أو عقد جلسة تشريعية لمجلس النواب لإصدار قانون التمديد مجدداً للمجالس البلدية. تابعوا أخبار العالم من البيان عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :