أدى 250 ألف مصل فلسطيني صلاة الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك في باحات المسجد الأقصى شرق مدينة القدس، الذي شهد توترا ميدانيا في أعقاب اقتحامات ليلية من قبل الشرطة الإسرائيلية. وذكرت دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس في بيان، أن 250 ألف مصل أدوا صلاة الجمعة الرابعة من شهر رمضان في الأقصى، رغم تضييق الشرطة الإسرائيلية على المصلين، ومحاولتها إعاقة وصولهم إلى المسجد. وامتلأت باحات ومصليات المسجد الأقصى البالغ مساحته 144 دونما (الدونم يعادل 1000 متر مربع) وكذلك شوارع القدس العتيقة القريبة بالمصلين من أهالي الضفة الغربية وداخل إسرائيل وسكان القدس. وأبدى المسن أبو محمد سعادته البالغة بعد وصوله من مدينة رام الله وسط الضفة الغربية لأداء صلاة الجمعة في المسجد الأقصى لأول مرة منذ 20 عاما. وقال أبو محمد، الذي كسا الشيب شعره واغرورقت عيناه بالدموع، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن فرحته كبيرة ولا توصف، معربا عن أمله بالقدوم يوميا لأداء الصلاة في المسجد الأقصى. كما أعربت الطفلة سيرين عبد الحق (12 عاما) من مدينة نابلس شمال الضفة الغربية عن سعادتها بالصلاة في المسجد الأقصى بعد أن كانت تشاهده عبر شاشات التلفاز ومواقع التواصل الاجتماعي. وقالت سيرين، والتي كانت ترتدي الزي التراثي الفلسطيني وتضع الكوفية على رأسها لـ((شينخوا))، إن القدس "جميلة وهذه المرة الأولى التي أزورها وأشاهدها عن قرب". ومنذ ساعات الصباح شددت الشرطة الإسرائيلية إجراءاتها العسكرية في محيط الأقصى من خلال الحواجز المنتشرة على مداخله والحواجز التي تعزل القدس عن الضفة الغربية، بحسب ما أفادت مصادر فلسطينية. وقال خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري خلال الخطبة إن زحف مئات الآلاف للمسجد رغم الحواجز العسكرية رد عملي ورسالة واضحة موجهة "للطامعين بالمسجد وللمعتدين عليه وللمقتحمين له". وأكد صبري أنه "لا مجال للمساومة على الأقصى ولا للتفاوض حوله ولا للتنازل عن ذرة تراب منه"، مشددا على أن المسجد سيبقى "مفتوحا وعابرا للمسلمين المرابطين والمعتكفين في رمضان وما بعده". ودعا صبري الدول العربية والإسلامية إلى حماية المسجد الأقصى والدفاع عنه، مطالبا المسلمين في كافة أنحاء العالم بشد الرحال إلى المسجد للصلاة والاعتكاف فيه في رمضان وغيره. من جهتها، قالت الشرطة الإسرائيلية في بيان، إنها نشرت أكثر من 2000 من أفرادها، حيث عملوا في مهام أمنية والحفاظ على النظام العام وتوجيه حركة المرور بهدف تمكين وصول عشرات الآلاف من المصلين إلى الحرم القدسي وممارسة حريتهم في العبادة بأمان. وذكر البيان أن التقييمات والنشاط العملياتي المكثف في المدينة وعند المعابر المحيطة بالقدس سمحت بدخول الكثير من المصلين إلى الحرم القدسي الشريف، فضلا عن تدفق حركة المرور في وسائل النقل العام من المعابر إلى البلدة القديمة والعودة. وأشار إلى أنه بعد وقت قصير من انتهاء الصلاة، رفع عدد من الملثمين أعلاما ولافتات في ساحة الحرم القدسي، لافتا إلى أن الشرطة اعتقلت واحتجزت 8 أشخاص للاشتباه في قيامهم بالتلويح بالأعلام وترديد "الهتافات التحريضية". وأكد البيان أن شرطة إسرائيل ستستمر في العمل طوال اليوم وطوال شهر رمضان، من أجل الحفاظ على الأمن والنظام وإحباط "النوايا الإرهابية والتعامل مع المحرضين ومثيري الشغب" وإعطاء الجميع حرية العبادة في جميع أنحاء البلدة القديمة والأماكن المقدسة في القدس. وشهدت الأراضي الفلسطينية تراجعا في حدة التوتر اليومين الماضيين في أعقاب إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تعليق دخول اليهود للمسجد الأقصى بدءا من أول أمس (الأربعاء) خلال الأيام العشرة الأواخر من رمضان. وأثار اقتحام الشرطة الإسرائيلية للمسجد الأقصى والاعتداء على المصلين فيه توترا في الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك شن هجمات بقذائف صاروخية على أهداف إسرائيلية من غزة ولبنان وسوريا قوبلت بغارات إسرائيلية. إلى ذلك تظاهر عشرات الفلسطينيين في مدينة غزة بدعوة من الفصائل الفلسطينية لإحياء "يوم القدس العالمي" الموافق الجمعة الأخيرة من شهر رمضان، ورفضا للممارسات الإسرائيلية للأقصى. وشارك في التظاهرة قادة وممثلو الفصائل أبرزها حركتا المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي وفصائل أخرى، علما أن "يوم القدس العالمي" مناسبة دعا للاحتفال بها المرشد الإيراني الراحل الإمام الخميني عام 1979، وحددها بـ"الجمعة" الأخيرة من شهر رمضان من كل عام. وقال لؤي القريوتي القيادي في "الجبهة الشعبية القيادة العامة" في كلمة باسم الفصائل خلال التظاهرة، إن "معركة القدس والمسجد الأقصى هي معركة الأمة العربية والإسلامية والمقاومة حاضرة دوماً للدفاع عن الأقصى". وأضاف القريوتي أن "الهدف من يوم القدس العالمي هو الحفاظ على إحياء القضية الفلسطينية المُعرضة للتصفية"، مؤكدا أهمية ترابط الساحات في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي. ودعا إلى إعادة بناء البيت الفلسطيني الداخلي وتوحيد الجهود من أجل تحقيق المصالحة المبنية على الشراكة الحقيقية وإنهاء حالة الانقسام المستمر منذ عام 2007 لمواجهة المخاطر التي تعترض القضية الفلسطينية. وقال القريوتي إن "ما نعيشه حاليا من بداية تشكل عالم متعدد الأقطاب يحتم علينا أن نضع خلافاتنا جانبا خدمة لشعبنا، وأن نعمل لنوظف هذه التحولات في خدمة قضيتنا واسترجاع كامل حقوقنا".
مشاركة :