محمد كركوتي يكتب: النمو والنفط والتوازن

  • 4/17/2023
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

مهما كانت مستويات النمو منخفضة في العامين الحالي والمقبل، فسوف تدفع أسعار النفط إلى الارتفاع. فمحركات الاقتصادات حول العالم تحتاج إلى الطاقة بأنواعها، والبترول يبقى المصدر الأهم. لا شك في أن النمو العالمي لن يعود إلى الزخم الذي كان عليه قبل جائحة «كورونا»، والموجة التضخمية الدولية الراهنة، لكن الصين التي تعد المحرك الأول له، سوف تحقق مستويات لن تقل عن 5% لهذا العام، وإن كانت أقل من نسبة النمو المرتفعة التي سجلها ثاني أكبر اقتصاد في العالم على مدى عقدين من الزمن، مع ضرورة الإشارة إلى أن النمو «سيظهر» حتى في الاقتصادات المتقدمة، التي تعاني من ضغوط اقتصادية كبيرة، ليس فقط بفعل ارتفاع أسعار المستهلكين، بل نتيجة المواجهات الجيوسياسية هنا وهناك، لا سيما الحرب في أوكرانيا، الأخطر منذ الحرب العالمية الثانية. النمو سيدفع أسعار الطاقة إلى الأعلى، وبالفعل حقق النفط مكاسب للأسبوع الرابع على التوالي، خصوصاً مع تأكيدات وكالة الطاقة الدولية، بأن الطلب زاد في الآونة الأخيرة، كنتيجة مباشرة لتعافي الاستهلاك في الصين. فقد تجاوز سعر برميل نفط «برنت» الـ86 دولاراً. وتتفق جهات دولية متعددة (وليس كلها) على أن المعروض الحالي من النفط دخل دائرة التوازن بالفعل، ما يجعل الأسعار عادلة بالنسبة للمصدرين والمستهلكين. وهذه النقطة مهمة إلى أبعد الحدود. فالتوازن المشار إليه يوفر الأرضية القوية دائماً على صعيد الإمدادات وعدالة الأسعار، بصرف النظر عن أي تفاعلات آنية طارئة. وفق وكالة الطاقة، سيرتفع الطلب العالمي على النفط خلال العام الحالي بمقدار مليوني برميل يومياً.. مرة أخرى بسبب النمو الصيني، الآتي أساساً من رفع القيود المرتبطة بـ«كورونا»، والانتعاش في عدد من الاقتصادات الكبرى. ومن النقاط البارزة في مجال نمو الطلب على النفط، تلك المتعلقة بوقود الطائرات، الذي يمثل 57% من إجمالي ارتفاع الطلب لعام 2023. ولا شك في أن عودة حركة الطيران حول العالم إلى طبيعتها، بعد عامين تقريباً من اضطرابها وتوقف جانب واسع منها، كان السبب الرئيسي لزيادة استهلاك الوقود بشكل عام. ومنذ منتصف العام الماضي، عادت حركة الطيران التجاري إلى ما كانت عليه قبل «الجائحة». لكن بالرغم من زيادة الطلب المعزز بالنمو في الصين، فعادة ما يتراجع خلال فصل الصيف الدافئ. وهذا ما يبرر عادة خفض الإنتاج من قبل المنتجين، للمحافظة على توازن الأسعار. وفي كل الأحوال، تبقى الطاقة مرتبطة مباشرة بحراك النمو، الذي سيسجل تقدماً في الأشهر القليلة المقبلة، بوتيرة تختلف بين اقتصاد وآخر. ستواصل أسعار النفط الارتفاع، فكل حراك يحتاج لطاقة، ومن هنا يمكن فهم توقعات بنك «جولدمان ساكس» التي رفعت الأسعار في ديسمبر المقبل خمسة دولارات إلى 95 دولاراً، فيما زاد توقعاته للأسعار في ديسمبر من عام 2024 إلى 100 دولار للبرميل الواحد.

مشاركة :