" ابن ياباني" عنوان أهزوجة يرددها إنسان الباحة قديما وهو يقوم ببناء منزل من الحجر والخشب.. في الجنادرية، وتحديداً في جناح الباحة؛ يعيد مجموعة من البنائين أعمال البناء وطقوسه، بعد أن أقصتها التغيرات المعمارية الحديثة. ويواصل البناؤون بقرية الباحة التراثية بالجنادرية بشكل يومي عرض هذه الحرفة أمام الزوار. وتتجسد الروح الجماعية في مشهد البناء عندما يجتمع الأهالي عند صاحب البناء، وكما جرت عليه العادة أن يفصح صاحب البناء عن رغبته في ذلك للمعارف والأقارب والأهل ويوجه لهم الدعوة لمعاونته في إقامة بناء منزله أو جدار مزرعته فيما يسمى ب "السرعة". وجرت العادة أن يفصح صاحب الدعوة عن نيته بالبناء عبر خطيب المسجد أو من خلاله شخصيا ويحدد موعدا لذلك، فيهب الناس نحوه ليشكلوا معا فرق عمل جماعية تتوزع المهام فيما بينها، فتقوم مجموعة منهم بقض أحد الجبال المحيطة بالفؤوس والمعاتل. وتتولى مجموعة أخرى نقل الأحجار عبر الدواب إلى موقع البناء وتتولى مجموعة رابعة تكسير الصخور الكبيرة إلى حصى أصغر بحسب رغبة الباني ومتطلبات البناء. وتبرز عبقرية إنسان الباحة في مجال المعمار والبناء من خلال قدرته على تطويع الطبيعة ونجاحه في استغلال مواردها البسيطة لبناء منزل متكامل. ويمثل مشهد الختام في عملية البناء لحظة كرنفالية مبهجة، إذ جرت العادة أن يرقص الناس رقصا جماعيا فوق سطح المنزل فور الانتهاء من عملية البناء مرددين الأغاني والأهازيج ابتهاجا وفرحا بما أنجزوه.
مشاركة :