طهران - قضت محكمة إيرانية الأحد بسجن عشرة عسكريين أدينوا على خلفية إسقاط طائرة أوكرانية قرب طهران في يناير/كانون الثاني 2020، وفق ما أوردت وكالة أنباء السلطة القضائية، بينما تسعى طهران لإغلاق هذا الملف بأي ثمن من دون أن تفتح الباب لمشاركة دولية في التحقيقات. وترجح مصادر أن الحكم القضائي كان بمثابة الدفع بكباش فداء لإنهاء التحقيقات والمطالبات الدولية بتعويضات وللتملص من مسؤولية الدولة عن تلك الفاجعة التي كان ضحاياها إيرنيون وأجانب. وحُكم على المتهم الأبرز، مسؤول وحدة الدفاع الجوي، بالسجن عشر سنوات "لتصرفه على عكس التوجيهات الصادرة عن القيادة". كمل حُكم على تسعة عسكريين آخرين بالسجن لفترات تتراوح من سنة واحدة إلى ثلاث سنوات، بحسب وكالة ميزان أونلاين. وأوردت الوكالة أن مسؤول وحدة الدفاع الجوي من طراز "تور إم-1" تولى "إطلاق صاروخين" على الطائرة "عكس أوامر مركز القيادة ومن دون الحصول على إذن وفي انتهاك للتوجيهات". ولم تذكر أسماء أي من المدانين، لكن من بينهم أربعة عناصر في وحدة الدفاع الجوي وقائد قاعدة دفاع جوي وضابط في مركز المراقبة. ويمكن للمدانين استئناف الأحكام، وفق نفس المصدر. وبعد ثلاثة أيام من المماطلة ونفي أي دور لقواتها في إسقاط الطائرة والتنصل من المسؤولية عن المأساة، أقرت القوات المسلحة الإيرانية بإسقاط الطائرة المتجهة إلى كييف "بالخطأ"، بينما كانت التوترات بين إيران والولايات المتحدة تتصاعد في وقت الحادثة. ووضعت حينها الدفاعات الجوية الإيرانية في حالة تأهب قصوى تحسبا لهجوم أميركي بعد أن أطلقت طهران صواريخ على قاعدة عسكرية في العراق كانت تستخدمها القوات الأميركية. وجاء إطلاق الصواريخ ردا على اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني في 3 يناير/كانون الثاني 2020 بنيران مسيّرة أميركية قرب مطار بغداد. وقضى في إسقاط الطائرة عام 2020 جميع ركابها وعددهم 176، غالبيتهم إيرانيون وكنديون ويحمل كثر منهم جنسيتي البلدين. كما قضى في الحادثة 11 مواطنا أوكرانيا. وأعلن القضاء الإيراني في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 بدء محاكمة العسكريين العشرة في طهران على خلفية إسقاط الطائرة، مشيرا حينها إلى أن "103 أشخاص رفعوا شكوى إلى النيابة"، مطالبين "بإجراء تحقيق محايد... لتحديد المسؤولين ومقاضاتهم". وأعلنت إيران في يناير/كانون الثاني من العام الماضي أنها بدأت في دفع تعويضات لعائلات القتلى. وقال نائب رئيس هيئة الطيران المدني الإيرانية أراش خودائي إنه تم "تحويل مبلغ 150 ألف دولار" إلى بعض عائلات الضحايا، بينما "بدأت عملية" التعويض لعائلات أخرى. ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية (إرنا) عنه قوله إن المبلغ المدفوع "لا ينتهك حقهم في اتخاذ إجراءات قانونية". وفي عام 2020، عرضت إيران دفع "150 ألف دولار أو ما يعادله باليورو" لكل أسرة من أسر الضحايا. وانتقد حينها مسؤولون أوكرانيون وكنديون الإعلان بشدة، قائلين إن التعويضات لا يجب أن تُسوى من خلال الإعلانات أحادية الجانب. وقضت محكمة كندية بدفع أكثر من 80 مليون دولار تعويضات لأسر ستة من الضحايا في قرار كشف عنه في يناير/كانون الثاني 2022. في الشهر نفسه، رفع زوجان إيرانيان دعوى قضائية ضد ثلاثة مسؤولين إيرانيين كبار بسبب مقتل أطفالهما في الحادثة، حسب ما ذكرت صحيفة إيرانية في ذلك الوقت. ودعت مجموعة من الدول بقيادة كندا في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي للجوء إلى التحكيم لتسوية الدعاوى ضد إيران، وهي خطوة أولى قد تؤدي إلى رفع قضية أمام محكمة العدل الدولية، وهي خطوة طالبت بها عائلات ضحايا منذ فترة طويلة.
مشاركة :