أثارت صور متداولة لجسر يمر فوق مقبرة الدكتور طه حسين، بحي الخليفة بالقاهرة، جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي. وبينما اعتبر نشطاء أن «مرور الجسر فوق المقبرة لا يليق بمكانة (عميد الأدب العربي)»، أشار آخرون إلى أن «الجيد في الأمر هو عدم هدم المقبرة ذاتها وفق شائعات راجت في السابق». وتواصلت «الشرق الأوسط» مع أسرة «عميد الأدب العربي». وأكد حسن الزيات، حفيد طه حسين، أن «الصور المتداولة حقيقية، وتم إبلاغ الأسرة بمشروع إنشاء محور أعلى المقابر قبل البدء في تنفيذه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي». وأوضح، أن «المقبرة لم تتم إزالتها، حيث إن الجسر علوي ويمر فوقها». وقال، إن «الأسرة تنتظر الانتهاء من أعمال هذا الجزء من الجسر بشكل نهائي حتى تعيد طلاء المقبرة وتجديدها، وتجهيزها بالشكل اللائق بعد إجازة عيد الفطر مباشرة»، نافياً أن «يكون هناك منشآت للجسر داخل المقبرة». ويعد الجسر جزءاً من مشروع إنشاء «محور ياسر رزق» الذي يربط المقطم بطريق صلاح سالم. ووفقاً لشهود عيان، فإن «أعمال إنشاء المحور لم تقع داخل المقبرة ولكن بعض أدوات البناء سقطت بداخلها دون أن يصيبها أي هدم أو تكسير سواء من الداخل أو في الواجهة». وتقع مقبرة طه حسين بمنطقة الخليفة، وسط القاهرة، قرب مسجد ابن عطاء الله السكندري، وتضم رفات ابنته أمينة التي كانت من أولى الفتيات اللواتي حصلن على شهادة جامعية في مصر، ورفات زوجها الراحل محمد حسن الزيات، وزير خارجية مصر، إبان حرب أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973. وتثير احتمالات المساس بمقابر الرموز الوطنية في مصر نتيجة مشاريع تطوير الطرق والمحاور انتقادات واسعة في مصر من جانب أصوات تطالب بـ«الحفاظ على الإرث القومي للبلاد»، غير أن السلطات دأبت على نفي أي نية للهدم في هذا السياق. وكان الجدل حول مقبرة طه حسين قد تفجر في مايو (أيار) الماضي، ثم تجدد لاحقاً في سبتمبر (أيلول) مع تداول صور للمقبرة ومكتوب على واجهتها بالخط الأحمر كلمة «إزالة»، حيث انتشرت مخاوف من هدمها لإنشاء المحور، غير أن محافظة القاهرة نفت رسمياً أي نية لهدم المقبرة أو نقلها. واعتبر الناقد والباحث الثقافي سيد محمود، أن «ما يحدث لمقبرة طه حسين شيء مؤسف لأنه يعدّ من قبيل الإهمال». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إنه «بعيداً عن الجدل الدائر حول المقبرة، يجب تكريم الرجل بالشكل اللائق سواء من خلال إنشاء تماثيل له في أكبر ميادين العاصمة والمدن، وتدريس فكره للطلبة بشكل أكثر فاعلية، فضلاً عن إطلاق اسمه على أشياء تخلد ذكراه». وأضاف، أن «طه حسين أكبر رمز ثقافي مصري وعربي ويجسد فكر العقلانية، والاستنارة، فضلاً عن قيم الحرية والعدل الاجتماعي، كما أن سيرته الشخصية تعد نموذجاً ملهماً لتجاوز عقبات هائلة سواء على مستوى فقده لبصره أو البيئة الاجتماعية التي نشأ بها».
مشاركة :