التطورات المحلية والإقليمية تقرّب «فتح» و «حماس» لكن الصراع على السلطة يحول دون المصالحة

  • 2/13/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

دفعت التطورات الأخيرة، المحلية والاقليمية، حركتي «حماس» و «فتح» الى التقارب، لكن الصراع الدائر بينهما على السلطة ما زال يحول دون إنهاء الانقسام وإعادة توحيد النظام السياسي في الضفة الغربية وقطاع غزة. وأظهرت حوارات أخيرة، بعضها رسمي، وآخر غير رسمي، بين قادة في الحركتين، وجود اساس سياسي قوي لإنهاء الانقسام والمصالحة، لكن الخلاف على الصلاحيات والحصص حال دون تحقيق اختراق وإعادة توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة المحاصرين، والمحتلين جزئياً او كلياً، تحت سلطة وطنية واحدة. وتوصل مسؤولون في الحركتين، في لقاءات غير رسمية، جرت في كل من الدوحة وإسطنبول الشهر الماضي، الى ورقة تفاهمات تصلح لأن تكون برنامجاً سياسياً للمرحلة المقبلة. لكن ورقة التفاهمات هذه لم تجد طريقاً الى التطبيق بسبب استمرار الصراع على السلطة. وقال أحد المشاركين في حوارات الدوحة وإسطنبول لـ «الحياة» ان ورقة التفاهمات التي توصل اليها الجانبان تضمنت اتفاقاً على الشراكة في منظمة التحرير، وعلى اجراء انتخابات عامة، وعلى إعادة توحيد أجهزة السلطة ومؤسساتها، خصوصاً الأجهزة الأمنية، وإدارة المعابر في قطاع غزة وغيرها. وأضاف: «اتفقنا ايضاً على اعتماد المقاومة الشعبية السلمية للمرحلة المقبلة، وهو ما يعني وقف العمل العسكري من غزة ومن الضفة على السواء». وواجه مشروعا «حماس» في غزة و «فتح» في الضفة عقبات كبيرة حالت دون تقدم اي منهما الى أمام، ما جعل إعادة الوحدة مطلباً ملحاً. فحركة «حماس» التي سيطرت على قطاع غزة بالقوة المسلحة اواسط عام 2007، لم تعد قادرة على توفير رواتب موظفيها بعد تفاقم ازمتها المالية المستمرة منذ قيام مصر بإغلاق الانفاق عام 2013، ما أدى الى توقف الايرادات المالية الرئيسة للحركة. وتبيّن ارقام وزارة المال التابعة لـ «حماس» ان فاتورة رواتب موظفي الحركة والمصاريف الجارية للوزارات والمؤسسات والأجهزة الحكومية في القطاع تبلغ 155 مليون شيكل شهرياً فيما لا تتجاوز فاتورة الايرادات 55 مليون شيكل. ولجأت «حماس» أخيراً الى وسائل عدة لحل الازمة المالية، مثل زيادة الرسوم وتوسيع دائرة دافعي الضرائب، لكنها لم تنجح بسبب ضعف الموارد المالية في القطاع المحاصر منذ سيطرتها عليه. وترافقت الأزمة المالية المتفاهمة للحركة مع تغيرات اقليمية غير مواتية، منها تشدد الموقف المصري من الحركة ورفضه فتح المعابر معها ولجوئه الى وسائل جديدة لهدم الانفاق، رغم كل التداعيات الانسانية والسياسية للحصار ومنها حرب عام 2014 ونتائجها المعروفة. ومن التطورات السلبية التي واجهتها «حماس» ايضاً، اخفاق المحاولات التركية والقطرية الرامية لرفع الحصار عن غزة عبر ربطه بالعالم الخارجي من خلال ميناء، اضافة الى غرق تركيا في الوضع السوري، واستعدادها لمواجهة تحديات كبيرة جديدة قادمة ناجمة عن التدخل العسكري الروسي، وتحوّل مسار المواجهة العسكرية في سورية لمصلحة النظام. وأخفقت محاولات عدة أجرتها «حماس» لإعادة علاقتها مع ايران، وإعادة الدعم الايراني الذي انقطع عن الحركة منذ وقوفها ضد النظام السوري عقب اندلاع الثورة السورية، كما أخفقت في الحصول على دعم بديل عن الدعم الإيراني. وواجه مشروع «فتح» أيضاً فشلاً مماثلاً بعد انهيار العملية السياسية نتيجة قيام الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بتقويض أسس حل الدولتيْن عبر حركة الاستيطان الواسع الجاري في أنحاء الضفة. ووجدت الحركتان، اللتان تتقاسمان السيطرة على الاراضي الفلسطينية، نفسيهما أخيراً امام هبّة شعبية تفجرت بصورة مفاجئة في تشرين الاول (اكتوبر) الماضي، ما وضعهما امام مسؤوليات كبيرة تصل الى درجة «اكون او لا اكون»، ما أعاد انهاء الانقسام الى الأجندة من جديد. لكن الحركتين اختلفتا على الصلاحيات والحصص اكثر مما اختلفتا على السياسة، ما حال دون التوصل الى اتفاق ينهي الانقسام المستمر منذ حوالى تسع سنوات. وقال مسؤولون شاركوا في الحوارات الأخيرة ان الخلاف الجوهري يقوم على ادارة الأمن والوزارات والمعابر في غزة، ورواتب الموظفين. ووافقت الحركتان في هذه الحوارات على تشكيل حكومة وحدة وطنية، لكنهما اختلفتا على صلاحياتها، ففي حين طالبت «فتح» بأن تتولى الحكومة ادارة قطاع غزة بالكامل، طالبت «حماس» بأن تقوم الحكومة بإدارة القطاع من خلال موظفيها المدنيين والعسكريين البالغ عددعم 43 ألفاً، مع إعادة توحيد الأجهزة الأمنية والمؤسسات المدنية تدريجاً. وقال عضو المكتب السياسي لـ «حماس» موسى أبو مرزوق إن الحركتين اتفقتا في الحوارات الرسمية الأخيرة على إسقاط الشروط الدولية التي تطالب «حماس» بالاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف. وأضاف ان الحركتين اتفقتا على ضرورة اعادة صوغ الاستراتيجية الفلسطينية، ووقف التنسيق الأمني، وتحويل السلطة الفلسطينية الى سلطة مقاومة. وأوضح: «تحقيق المصالحة وإعادة الوحدة الوطنية هما مفتاح القضايا التي نعتقد أنها لا بد أن تكون موضع تنفيذ، ونتمنى أن يكون عام 2016 البوابة الكبرى للمصالحة، والخروج من مأزق الانقسام الفلسطيني».

مشاركة :