رغم أن الكاتب هو المتهم الأول في تراجع الدراما، فقد دافع المؤلف عثمان الشطي عن نفسه، مؤكداً أن هناك متهمَين آخرَين هما المخرج والمنتج، ومعترفاً بأن المسلسلات الكويتية تشطح بالخيال، وتتبنى أفكاراً شاذة عن المجتمع، مما يجعلها لا تعكس الواقع بأمانة. • ككاتب، لماذا اتجهت إلى النقد، رغم أن أعمالك غالباً ما تكون في مرمى سهام النقاد أيضا؟ - نعم، أنا ككاتب قدمت عشرات الأعمال المسرحية والتلفزيونية أخيرا، لكنني أحب دائما أن تكون هناك مساحة نقدية في حياتي، وعلينا جميعا أن نتقبل النقد، ونستوعب أن تحليل الأعمال ونقدها هو من باب الحب ليس بالضرورة للأشخاص، ولكن للدراما بشكل عام، والدراما الكويتية بشكل خاص، فالنقد يبني ولا يهدم، والنقاد لا يمارسون عملهم من أجل الهجوم فقط، ولكن لمعالجة الفن ومستوياته المتراجعة، فهذا عملهم وواجبهم، حتى أنا أتقبل النقد الموجّه إلى أعمالي، وإلا ما أستحق الشهادات والمراكز التي حققتها لنفسي والكويت بالداخل والخارج، لا بدّ من هذا التصالح بين الفنانين والنقاد. • كيف ترى مستوى الدراما الكويتية في رمضان هذا العام؟ - مقارنة بالدراما المصرية والسورية، تعتبر المسلسلات الكويتية «محلك سر»، كنت أتمنى أن أجد تقاربا في المستوى مع ما نشاهده بدول عربية مجاورة، خاصة أننا لدينا كل الإمكانات، لكنّ صناع الدراما، بدلا من الإغراق في المحلية كخطوة نحو العالمية، أخذوا الطريق الأسهل والأقل مردودا، فاستعانوا بالمنصات الرقمية في تقليد الثيمة أو الشكل الغربي للأعمال دون تقديم محتوى قيّم، واعتمدوا على الإثارة والعنف والجريمة والسلاح لجذب الانتباه، مع أن تلك المفاهيم لا تمتّ لنا بِصلة، ورغم مشاكلنا، فإننا لا نزال نتمسك بقيم المجتمعين العربي والإسلامي، والعنف ليس أسلوبا في حياتنا، ولا يعكس قيمنا الحقيقية الجميلة. • ما الذي ينقص الأعمال التلفزيونية في الكويت لتكون قادرة على تلك المنافسة؟ - كنت أتمنى أن أجد هذا العام أفكارا جديدة ومعالجات جريئة وواقعية بعيدا عن الشطحات والتجاوزات التي لا تمثّل الواقع الكويتي ولا الخليجي، نفتقر إلى الوعي والنضج في الطرح، لأن الدراما هي مرآة تعكس واقع المجتمع، ولا يمكن إغفال بعض المحاولات الناجحة في هذا الصدد، فإن خليت لخربت، ولكن محاولات غير كافية لا تكافئ هذا الكم من الطرح الخيالي والشاذ للأفكار الغريبة على مجتمعاتنا، لجذب الصغار ومجاراة الأعمال الرقمية على المنصات، وهي خلطة ليست في محلّها، فالقلم في النهاية أمانة، ومع الأسف الجانب السيئ هو البارز، ولا نفتخر به، وفي المقابل توجد أقلام جميلة أعتز بها من زملائي، ومنهم د. حمد الرومي وأنفال الدويسان ومنى الشمري ومريم نصير. • المتهم الأول في تراجع الدراما هو الكاتب والنصوص... إذن أنت كمؤلف متهم أيضا؟ - لا أنكر مسؤوليتي وزملائي المؤلفين في هذا الشأن، ولكن من حقي الدفاع عن نفسي، فالناس حين تشاهد التلفزيون أو المسرح هم يشاهدون صورة تمّت معالجتها كليا، فهم لم يقرأوا النص، وأنا مسؤول عمّا كتبت لا عن مستوى العمل الفني المعروض للجمهور، وأنا لا أرمي اتهامات على غيري، لكنّ المخرج والمنتج مسؤولان ويُحاسبان كلّ عن دوره، فربما يقدّم الكاتب معالجة عميقة وحوارات مُحكمة يتم اختصارها أو حذفها وفقا للرؤية الإخراجية أو توجهات الجهة المنتجة، فيتم نسف جهد الكاتب أحيانا، ولذلك يلجأ بعض المؤلفين إلى طرح أعمالهم في كتب أو روايات، حتى يتعرف الناس إلى أفكارهم مباشرة دون تدخُّل، وفي المقابل يوجد كتّاب ليس لديهم عمق بالطرح أصلا، فيلجأون إلى القضايا الشائكة لإثارة الجدل عبر مواقع التواصل، وتحقيق «ترند» من دون أي أساس حقيقي. • هل ترى أن لدينا أزمة مخرجين ومنتجين بالكويت؟ - هناك مخرجون يريدون أن يقدموا شيئا قيّما للمجتمع من خلال إرضاء الجمهور بتقديم صورة ذات جودة عالمية، ولكن بطرح محلي وقضايا تخص المجتمع والعائلة، كما أن هناك منتجين هم بالأصل فنانون يقدّرون جهد بقية العناصر الفنية للعمل، ولا يتخذون من عملهم فقط وسيلة للربح السريع، بل قيمة ورسالة إنسانية، ومنهم تجار شنطة «يسوون» عملا في شهر ويتم عرضه على أي قناة، إلى جانب تكويت الأعمال التي لا تتصل بواقعنا، كنوع من الاستسهال وعدم وجود أفكار جديدة، وهو نوع من الاستغلال لشعور الناس بالملل من الكلاسيكيات، فالجيل الجديد لم يعد يستمتع كما استمتعنا نحن بمسلسلات التسعينيات، ولذلك التجديد مهم وحتمي، ولكن ليس على حساب قيمنا.
مشاركة :