إتقان سياسة تصفير المشاكل لدى السعودية

  • 4/20/2023
  • 01:36
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

جرت المملكة العربية السعودية في سياستها الخارجية على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والحرص على نشر السلام والعمل على استقرار المنطقة، مستندة في ذلك إلى المادة الخامسة والعشرين من النظام الأساسي للحكم التي تنص على: (تحرص الدولة على تحقيق آمال الأمة العربية والإسلامية في التضامن وتوحيد الكلمة، وعلى تقوية علاقاتها بالدول الصديقة).وتتلخص رؤية المملكة للسياسة الخارجية للشرق الأوسط في محاولة جعل الشرق الأوسط أوروبا الجديدة، كما أعلن عن ذلك ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أثناء حديثه عن منطقة الشرق الأوسط التي أنهكتها الصراعات والحروب والانهيار الاقتصادي لبعض دوله.وقد أدهشت سياسة المملكة السعودية الخارجية المحللين السياسيين، وانبهر بها قادة دول العالم لكيفية تطبيقها المبادئ على أرض الواقع.وبخلاف ما يجري في بعض الدول، فإن مبادئ السياسة الخارجية السعودية ليست مجرد كلمات وشعارات جوفاء، وإنما هي أفعال تطبق على أرض الواقع، حيث تقودها قيادة رشيدة تنعكس في سياسات نراها جلية من خلال العلاقات بيننا وبين دول المنطقة.ولدينا عدة أمثلة تظهر كيفية تطبيق سياسة المملكة العربية السعودية الخارجية لهذه المبادئ.تعد المملكة صانعة السلام في جميع قارات العالم، ومن بينها أفريقيا، فقد أنهت اتفاقية جدة في عام 2018 الصراع الإثيوبي الإريتري؛ ذلك الصراع الأطول في تاريخ أفريقيا، الذي نتجت عنه حروب عديدة بين الدولتين، أبرزها حرب بادمي.وقد تمت الاتفاقية بمبادرة من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وأثمرت فتح الحدود بين البلدين بعد غياب دام عشرين سنة.وقد لحقتها اتفاقية العلا التي أنهت الخلاف الأخوي بين دول مجلس التعاون الخليجي، الذي استمر من عام 2017 حتى عام 2021، وعادت قطر إلى حضنها الخليجي بفضل الجهود الدبلوماسية لجميع دول الخليج.أما فيما يخص التوتر الذي نشب بين الجمهورية التركية والمملكة العربية السعودية بسبب دعمها واستقطابها لمجموعة الإخوان الذين تغلغلوا فكريا داخل الدول العربية بأساليبهم الناعمة، فقد أوقف زحفهم صعود الأمير محمد بن سلمان إلى ولاية العهد، حيث استجابت تركيا للدول العربية بقطع علاقاتها بتنظيم الإخوان. وقد زار الرئيس رجب طيب إردوغان مدينة جدة في عام 2022؛ لبحث سبل تحسين العلاقات بين الدولتين. وقد أعقبت هذه الزيارة زيارة الأمير محمد بن سلمان؛ ولي عهد المملكة السعودية إلى أنقرة، وبذلك انتهى التوتر بين الدول العربية وتركيا.وهبت نسائم التنين على الشرق الأوسط لتنهي صراعا دام ثماني سنوات بين إيران والسعودية. وقد تم الاتفاق في بكين بحضور ممثل المملكة العربية السعودية الدكتور مساعد العيبان؛ وزير الدولة، عضو مجلس الوزراء، مستشار الأمن الوطني، وممثل إيران الأدميرال علي شمخاني؛ أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، وذلك بحضور وزير الخارجية الصيني وانغ يي. وقد اتفق الطرفان على إعادة فتح سفارتي البلدين خلال مدة أقصاها شهران، وإعادة تفعيل الاتفاقية الأمنية الموقعة عام 2001، والاتفاقية العامة للتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار.وقد تضمن البيان تأكيد مبدأ عدم التدخل في شؤون الدول الداخلية، واحترام سيادة الدول.ومن ثم استجابت أشرعة الدول الأربع لرياح السلام وتتابعت كقطع الدومينو؛ فبدأت إيران التي خضعت لتيار السلام مع المملكة، ثم تلاها اليمن الذي أجرى مباحثات مع مجلس القيادة الرئاسي بصنعاء؛ لإنهاء النزاع في اليمن وإعادة الاستقرار إليه، وتشكيل حكومة انتقالية، وجرت عملية تبادل الأسرى.وتعد المباحثات الحالية بمنزلة أقصى نقطة للسلام توصلت إليها الأطراف المعنية باليمن منذ 8 سنوات.وعلى صعيد آخر لم تكن سوريا بعيدة عن سياسة السعودية الخارجية؛ فقد كانت ضمن خطتها لإعادة الاستقرار إلى المنطقة، فجاءت زيارة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إلى جدة للتباحث مع وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان؛ من أجل إعادة سوريا إلى الحضن العربي، وللتأكيد على وحدة سوريا، ومحاولة إيجاد حل سياسي للأزمة هناك. ثم تلاها اجتماع في جدة بين وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى العراق ومصر والأردن؛ للتشاور بشأن إعادة عضوية سوريا إلى جامعة الدول العربية، وتلاها زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إلى العاصمة السورية دمشق للتباحث مع الرئيس بشار الأسد بشأن الأزمة السورية وتأكيد على وحدة سورية وإعادتها للبيت العربي بعد غياب استمر اثنتي عشرة سنة.وفي إطار العلاقات العربية الخارجية، زار مدينة جدة رئيس مجلس النواب العراقي، وثمة أنباء تشير إلى زيارة وفد حماس للسعودية لتقود المملكة المصالحة بين منظمة حماس ومنظمة فتح.تتميز الرؤية الاستراتيجية للسياسة الخارجية السعودية بالثبات على المبادئ والمواقف السياسية التي تهدف إلى جعل منطقتنا تنعم بالازدهار، وتبذل وسعها في تحقيق التنمية الاقتصادية لرفاهية شعوب المنطقة.وفي سبيلها إلى تطبيق سياستها الخارجية وأداء دورها بإتقان، نجحت المملكة في إنهاء الصراعات والأزمات الدولية خلال السنوات الخمس الماضية في القارتين، وفي مدة زمنية قصيرة، مقارنة بنتائجها العظيمة، التي لولا الله ثم فكر وحكمة قيادتنا الرشيدة وكوادرنا الوطنية الذين لا يعرفون المستحيل، لما كان هذا ممكنا[email protected]

مشاركة :