المدينة المنورة.. معالم نورانية تأسر الزوار

  • 4/20/2023
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تضم المدينة المنورة بين دفتيها معالم نورانية تأسر قلوب الزوار، تضوع قداسة وطهراً، تذكي المشاعر وتخالط المهج والأرواح، مساجد وميادين وقلاع، قصور وآبار ومواقع نزلت بقداستها الآيات وتتابع ذكرها في الأحاديث والمرويات، فاح عبقها فخفقت لها القلوب وتدفقت على أعتابها المشاعر، تجول بكل زائر ذاكرة الأماكن المفعمة بالإجلال والروحانية، والتي لا تصفها الحروف والكلمات، فتتحول المآثر إلى ملاذ للابتهالات ومساكب للعبرات في كل معلم وموضع وزاوية، ساحات تروي معارك فاصلة وجبل أشم محب، ومدافن تحتضن أجساد الشهداء البررة الذين ارتقت أرواحهم إلى السماء أحياء عند ربهم يرزقون، وخندق كان حصناً منيعاً أحبط مؤامرات الضلال والرجعية والشر والظلام تجاه الإسلام والمحبة والسلام، معجزات خالدة ودعوات مستجابات وانتصارات رسمت مستقبل الدين الخاتم على خارطة الأرض، ما إن يتجلى المكان حتى يسرع الزائر بخطاه نحو المسجد النبوي يحمله الشوق للصلاة في روضة من رياض الجنة، والتي يتقدمها محراب النبي صلى الله عليه وسلم وإلى يمينها منبره الشريف وإلى شمالها حجرات أزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن، ومع ارتفاع أكف تكبيرة الإحرام يعيش الطمأنينة والسكون ويقرأ فاتحة الكتاب وينحني راكعاً وساجداً متقرباً إلى الله عز وجل بأعظم الشعائر والعبادات، ويلهج بالدعاء الخاشع إلى الله، فتتحرك مشاعره وتتسابق مدامعه بصدق الإنابة، فتغسل ما مضى من ذنب وخطيئة. فيوض إيمانية ويأخذ الزائر بمجامع قلبه وفيض الإيمان يدب في كل جزء من جسده فيقف بالمواجهة الشريفة لزيارة النبي الكريم وصاحبيه وخليفتيه الراشدين، "السلام عليك يا نبي الله السلام عليك يا خيرة الله من خلقه، السلام عليك يا سيد المرسلين وإمام المتقين، أشهد أنك قد بلغت الرسالة وأديت الأمانة، ونصحت الأمة، وجاهدت في الله حق جهاده"، ثم يتحرك قليلاً ليسلم على أبي بكر الصديق رضي الله عنه "السلام عليك يا أبا بكر الصديق ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وثانيه في الغار، جزاك الله عنا وعن الإسلام والمسلمين خير الجزاء"، ثم يتحرك قليلاً ليسلم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه "السلام عليك يا عمر الفاروق ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا ثاني الخلفاء الراشدين، جزاك الله عنا وعن الإسلام والمسلمين خير الجزاء"، كل شيء في المكان يحمل في جعبته الكثير من الأحاديث: الأرض، المحاريب، خوخة الصديق، الأسطوانات، الأبواب، القباب، الزخارف، الدكات، البناء والإعمار، والتوسعات المتعاقبة للخلفاء والملوك، وعلى بعد أمتار محدودة وبعد الخروج من المواجهة نحو الشرق يبرز "بقيع الغرقد" سور كبير يختط أرضاً مباركة يحظى كل من وسد فيها بشفاعة خاصة أخبرت بها الأحاديث والمرويات الصحيحة، تضم هذه البقعة أكثر من عشرة آلاف من آل البيت الكرام والصحابة رضوان الله عليهم، ويتمنى كل مسلم أن يختم له بالدفن فيها رجاء شفاعة النبي الكريم، وفي حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من آخر الليل إلى البقيع، فيقول: "السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وأتاكم ما توعدون، غداً مؤجلون، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد". تاريخ عظيم وهنا وهناك حول ساحات المسجد تبرز مساجد أثرية أعيد بناؤها وترميمها مرات عديدة كمسجد أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضوان الله عليهم، والغمامة وعلى بعد كيلومترات جنوباً أول مسجد أسس على التقوى "مسجد قباء" الصلاة فيه بأجر عمرة، وفي الجهة الشمالية أحد حيث المعركة الخالدة والجبل الذي يحبنا ونحبه ومرتقى الشهداء ومدفنهم، وأينما اتجهت كان التاريخ الإسلامي العظيم ماثلاً فواحاً بعبق الطهر والنبوءة حتى تصل ميدان الخندق وتسمع ضرب الفؤوس في الأرض لحماية المدينة حتى ينتصر الحق على الباطل، وهنا وهناك مواقع كثيرة ينحني لها الزمان إكباراً وتعظيماً ما بين مساجد وآبار ودور وقصور أثرية مشهورة وعيون وآبار وجبال وأودية وثنايا وحرار. عناية القيادة تحظى طيبة الطيبة بعناية واهتمام خاص من قيادة المملكة منذ التأسيس، وتتجلى في العهد الميمون لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان - حفظهما الله - صور متعددة لهذا الاهتمام من استكمال لمشروع توسعة الحرم الشريف والمشروع العملاق لرؤى المدينة والتوسعة التاريخية لمسجد قباء، كما شهدت المدينة المنورة في ربيع الأول من هذا العام حدثاً عالمياً جديداً طال انتظاره، لامس قلوب المسلمين وأرواحهم على امتداد الخارطة والاتجاهات، بعد أن أطلق صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان أمير المنطقة مشروعات تأهيل مواقع التاريخ الإسلامي والتي تم تنفيذها في أكثر من 100 موقع، ليعيش الزائر تاريخاً يخالج مهجته وإيمانه ومعتقداته، يعتز به ويفاخر بانتمائه له، ارتباطاً وثيقاً بخاتم الأنبياء والرسل صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين وصحابته الكرام رضوان الله عليهم أجمعين، حدث مهم ومنجز عظيم سيدون بأحرف من نور في سفر الخلود للقيادة الرشيدة وللأمير الملهم، أعاد المآثر الشريفة والمعالم الإسلامية الجليلة إلى الواجهة مجدداً بعد أن كانت متوارية المواقع، حبيسة الكتب والمخطوطات.

مشاركة :