قال الخبير الاقتصادي المصري معتصم راشد إن السياسات الاقتصادية الأمريكية القائمة على المعادلة الصفرية، أي الكسب على حساب خسارة الغير، والمتمثلة في قانون الحد من التضخم وقانون الرقائق والعلوم، المعروف باسم قانون "تشيبس"، تظهر عقلية استعمارية إمبريالية ومن المرجح أن تأتي بنتائج عكسية تضر الولايات المتحدة نفسها. وأوضح راشد، في مقابلة خاصة مع وكالة أنباء ((شينخوا))، أنه بينما يبدو أن هذه السياسات تستهدف تعزيز صناعات الطاقة النظيفة والصناعات الإلكترونية المحلية في الولايات المتحدة، إلا أنها تدل على السعي لاحتكار هذه الصناعات على حساب كبار المصنعين، خاصة الصين وحتى حلفاء واشنطن الأوروبيين. وقال الخبير الاقتصادي إن "هذه السياسة تأتي في إطار فكر استعماري إمبريالي تتبناه الولايات المتحدة حتى مع حلفائها". وأشار راشد وهو المستشار الاقتصادي للاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين، إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون انتقد مؤخرا قانون الحد من التضخم الأمريكي، مؤكدا مخاطره على أوروبا. وأضاف أن "الدول الأوروبية بدأت الآن في رفض التبعية للولايات المتحدة وسياساتها". وقال إن الولايات المتحدة تتبع السياسة الميكافيلية المتمثلة في "الغاية تبرر الوسيلة"، مشددا على أن أمريكا ليست ديمقراطية عندما يتعلق الأمر بسياستها الخارجية وعلاقاتها مع الآخرين. وتابع راشد أن "الولايات المتحدة لا ترى سوى الولايات المتحدة"، مشيرا إلى أنها "عندما تسن القوانين أو السياسات التجارية والصناعية، فإنها لا تنظر إلا لمصلحتها الخاصة وتتجاهل مصالح الدول الأخرى". وفي مقال كتبه مؤخرا آدم بوسن، رئيس معهد بيترسون للاقتصاد الدولي بواشنطن، قال إن السياسة التجارية والصناعية للولايات المتحدة، منذ إدارة ترامب، والتي تسارعت أيضا مع إدارة بايدن، أعطت الأولوية لإعادة احتكار الولايات المتحدة للإنتاج الصناعي. ""كلتا الإدارتين تجاهلت البلدان الأخرى في هذا المسعى، وكلتاهما هاجمت التجارة والاستثمار الدوليين باعتبارهما ضارين بالأمن الاقتصادي والقومي للولايات المتحدة، على الرغم من أن القواعد الخاصة بهذا النظام بالذات قد وضعتها الولايات المتحدة"، هكذا كتب بوسن في مقاله بعنوان "المعادلة الاقتصادية الصفرية الأمريكية تنافي المنطق"، والذي نشرته مجلة ((فورين بوليسي)). وأشار بوسن إلى أن "إدارة بايدن سعت إلى سلب الإنتاج من الآخرين بطريقة المعادلة الصفرية، بشكل صريح من الصين وبشكل أكثر تهذيبا من الآخرين". واتفق راشد مع بوسن في أن محاولات الولايات المتحدة لفرض قيود على الصادرات والاستثمار على الصين والتي تمتد إلى دول أخرى سوف "تأتي بنتائج عكسية"، وأنه لكي تنجح هذه القيود يجب أن تصبح الولايات المتحدة "دولة بوليسية تجارية على نطاق غير مسبوق". وقال الخبير "هذا صحيح، بدليل أن الولايات المتحدة لا تلتزم بأي قرارات أو قواعد صادرة عن منظمة التجارة العالمية". وأضاف أن محاولات الولايات المتحدة لفصل اقتصادها عن الصين والحد من نمو الدولة الآسيوية من المرجح أن تؤثر سلبا على معدلات النمو في الولايات المتحدة نفسها. وأردف راشد "من المؤكد أن ذلك سوف يأتي بنتائج عكسية على الولايات المتحدة وسيرفضه المواطنون الأمريكيون أنفسهم، لأن المنتجات الصينية انتشرت بشكل كبير في الولايات المتحدة". وأضاف أن "الصين هي بحق مصنع العالم، سواء شاءت الولايات المتحدة أم أبت"، مشيرا إلى أن سياسات المعادلة الصفرية للولايات المتحدة تتعارض مع قواعد التجارة الحرة وتؤثر سلبا على الابتكار والمنافسة. وأعرب الخبير الاقتصادي المصري عن أسفه من أن العقلية الاستعمارية الأمريكية لم تتغير منذ نشأتها. وقال إن "الولايات المتحدة تروج لسياسات اقتصادية وتجارية متناقضة، وتدعو لسوق عالمية حرة ثم تفرض قيودا وتتبنى سياسات احتكارية، بناءً على مصلحتها". وتابع أن سياسات الهيمنة الأمريكية لا تقتصر على السياسة، بل تمتد إلى الاقتصاد والتجارة والاستثمار أيضا، مضيفا أن "الهيمنة السياسية والاقتصادية للولايات المتحدة وجهان لعملة واحدة".
مشاركة :