سحابة حزن سوداء غطت اخضرار محافظة الداير بني مالك، ونالت من صبيا قبلها، وأثرها نال أرجاء المملكة، أثناء تشييع خمسة من ضحايا واقعة الهجوم المسلح على مكتب التعليم، وملامح الحزن والتآزر تمازجتا، في ثنايا مراسم التشييع التي حضرتها عدسة "سبق"، فأسر الضحايا تأخذ بيد بعضها، والمواطنون يساندونهم ويعزونهم في مصيبتهم. ورصدت "سبق" تأثر أقارب الضحايا والحضور، في أثناء تشييع الجثامين الخمسة، ما بين دموع تكشف حجم الألم في خضم المأساة، وما بين أصوات دعوات وابتهالات للموتى، في الجامع الذي اكتظ بالحضور يتقدمهم وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى. وخلال الجنازة بدت المحافظة بوجه شاحب، وفي ذهول للجنازة الكبيرة، في حدث قل ما يحدث مشابه له على الأراضي السعودية، وشهدت الشوارع إقلالاً ملحوظًا في الحركة وازدحامًا شديدًا وتوافدًا من أجل أداء صلاة الجنازة، حتى اضطر العشرات إلى أداء صلاة الجنازة خارج المسجد. ويقول عددٌ من أهالي المحافظة: "ما كنا نتصور أن يبدر من الجاني ما فعله من جريمة نكراء بحق بني جلدته وقبيلته المسالمين الآمنين، حيث كانت الحادثة مفاجأة، وبمثابة فاجعة للوطن بأسره، فما كان هذا بالأمر البسيط علينا أبدًا ولا نطيقه". وحول الهدوء الذي شهدته المحافظة اليوم لحظة تشييع الجنازة يقول عددٌ من الأهالي: "كل الداير بني مالك تتصل بالضحايا إما من علاقات اجتماعية أو نسب، بخلاف ما أحدثته الكارثة من صدمة كبيرة جدًا، وما خلفته من مخاوف تبعت الحادثة". والداير بني مالك إحدى المحافظات الجبلية بمنطقة جازان، بها قبائل عدة، وتمتاز بطبيعة خضراء، وأجواء ماطرة بشكل متقطع، ولأهلها عادات تتشابه مع عادات القبائل في الجبال جنوب المملكة، وتتفق معها في تملك السلاح وحمله على سبيل الزينة، أو الدفاع عن النفس. وكانت مصادر لـ"سبق" قد سردت تفاصيل الحادثة التي وقعت اليوم في إحدى قرى محافظة الداير بني مالك، مؤكدة أن منفذ الهجوم المسلح استهل طلقاته بوافد يمني، ثم انطلق إلى مكتب التعليم بالمحافظة ليبدأ إسقاط القتلى والمصابين واحدًا تلو الآخر. وتفصيلاً، قالت المصادر لـ"سبق": بدأ الجاني طلقاته بإصابة وافد يمني قبل وصوله للمكتب، وعند الواحدة والنصف ظهرًا، دخل الجاني مكتب التعليم، بدأ بأول مكتب عن يساره، على بعد ثلاثة أمتار تقريبًا من مدخل المكتب، وأطلق النيران من سلاحه الرشاش بكثافة، فأصاب الثلاثة الموجودين في المكتب وطرحهم قتلى، ثم صعد للطابق الثاني فقتل اثنين، وأصاب ثلاثة توفي اثنان منهم في المستشفى". وأضافت: "منسوبو المكتب الناجون من الحادثة، سمعوا العيارات النارية الكثيفة، فهرع بعضهم لاستطلاع الحادثة، لكن استقبلتهم العيارات النارية عند الدرج في المكتب، فصعد الجاني للأعلى ليتم رقم الضحايا في جريمته". وتابعت المصادر: "كان الجاني يطلق النار بشكل كثيف داخل المبنى، ويوجد فيه عدد كبير من المشرفين والموظفين، وبعد أن استقرت رصاصاته في أجساد القتلى والمصابين، غادر المكتب فارًا من جريمته، لتتمكن الجهات الأمنية في وقتٍ وجيز من الإطاحة به". وتواصل المصادر سرد الواقعة كاشفةً عن حالة من الذهول في مكتب التعليم لهولها وكِبر حجمها، مؤكدة أن الخبر كان مرعبًا للموظفين والمجتمع بأسره، وأن شقيق الجاني هو أحد الموظفين في مكتب التربية والتعليم نفسه، ولم يصب بأذى، وأن الجاني هو معلم في قطاع المكتب ذاته. وأضافت المصادر: "باشرت الجهات الأمنية والإسعافية موقع الحادث، وتم عمل إجراءات الضبط والتحري، ونقل المصابين والجثث من موقع الحادث، بعد عمل الإجراءات اللازمة، وما زالت توجد الجهات حتى هذه الساعة".
مشاركة :