يحل عيد الفطر السعيد، حاملاُ معه مظاهر البهجة والفرح والسرور على المجتمعات الإسلامية والعربية خاصة والتي ما زالت محافظة على مظاهر وصور الأعياد والاحتفال بقدومه. وتبرز "العيدية" كأحد مظاهر الاحتفاء بالعيد السعيد التي تحمل رمزية خاصة عند الأطفال، الذين يترقبونها مع صبيحة أول أيام العيد السعيد، لتضفي على محياهم البهجة والسرور في صورة من صور التكافل الاجتماعي في أجواء من المرح والسرور، كما يخالجها لدى الكبار فيض من الحنين للماضي والذكريات السعيدة في مثل هذه الأيام. وتعدّ "العيدية" تقليداً مألوفاً، عند أغلب المجتمعات العربية حيث يقدّم الكبار سواءً الآباء أو الأمهات أو الأقارب أو الجيران، الهدايا المخصصة للعيدية للصغار عند قدومهم وتهنئتهم بعيد الفطر السعيد، حيث يطوف أطفال الحي على المنازل ويبادروا بتهنئة الجيران والأقارب بالعيد مرددين عبارات "من العايدين"، ليستقبلهم الأهالي مقدمين لهم "العيدية" التي تتعدد اشكالها وأنواعها ما بين ظروف وعلب كرتونية أو صناديق أو أكياس توضع فيها محتويات "العيدية" من نقود أو ذهب أو حلوى وألعاب وزهور وهدايا. "واس" رصدت مشاهد من تقديم "العيدية" حيث التقت بالمواطن أحمد المسعري، الذي ذكر أن العيدية تشكل مظهراً من مظاهر الاحتفاء بالعيد في أغلب البيوت وعند أكثر الأهالي، فيه مظهر من مظاهر الفرح والسرور وإشاعة البهجة على محيا الأطفال خاصة. فيما أوضحت السيدة أمل حسين أنها تحرص عند شراءه لاحتياجات ومستلزمات العيد، أن يكون من ضمنها "العيدية" المخصصة للأطفال، حيث تقوم بصرف مبالغ نقدية متعددة الفئات من البنك المركزي، يتم توزيعها بشكل متساوي في أظرف مخصصة لتوزيع "العيدية" تحمل عبارات العيد السعيد مع قالب حلوى. ويتم تجهيز العيديات للصغار بحسب إمكانات الأسرة ولا يقتصر تقديمها على الأطفال فقط، ولكن للوالدين والزوجات حيث ينالهم نصيب من "العيدية" كونها تمثّل تعبيراً للتقدير والمحبة، وتزرع الفرح في نفوس الصغار بقدوم عيد الفطر المبارك. من جانبه، يقول هادي مروعي الذي يعمل بائعاً في محل للهدايا أن عيد الفطر يشهد إقبالاً كبيراً على شراء الهدايا المخصصة لتوزيعات العيد، لاسيما من السيدات، مبيناً أن المحل يبدأ بتجهيز كميات كبيرة من العيديات المخصّصة للصغار بعدة أشكال، وتكون على شكل أكياس من القماش برسومات كرتونية منوّعة توضع فيها أصناف الهدايا بحسب طلب العملاء، ومنها على هيئة بطاقة تحوي قالب شوكولاتة، وجزأً مخصصاً لوضع النقود الورقية. و الـ "عيدية" في قاموس اللغة العربية، كلمة مشتقة من العيد، معناها العطف والعطاء، وتم إطلاقها على المال وكذلك الهدايا التي يتم توزيعها خلال أيام عيد الفطر السعيد، وظهر لفظ الـ "عيدية" للمرة الأولى في التاريخ عندما قام أحد خلفاء الدولة الفاطمية، بزيادة رواتب المواطنين خلال الأعياد، كما عُرفت "العيدية" بمسميات مختلفة، ففي العصر المملوكي عرفت العيدية بمسمى "الجامكية"، وتعني النقود المخصصة لشراء الملابس الجديدة، ثم غيُرت التسمية إلى "العيدية"، كما عرفت بمسميات أخرى منها: الرسوم، التوسعة، الحوامة، القرقيعان، الفرحية، الخرجية، الحقاقية. وتحمل الـ "عيدية" بمختلف مسمياتها وتعدد صورها شكل من أشكال التكافل الاجتماعي التي تسهم في تعزيز العلاقات والروابط الاجتماعية سواء بين الأهل والأقارب أو الجيران وأهالي الحي.
مشاركة :