كانت البحرين وكما عودنا صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، سباقة في مجالات كثيرة سواء على المستوى الإقليمي أو العالمي، وتلك الأمور التي عادة ما نفتخر بها بين أشقائنا في دول مجلس التعاون الخليجي أو الدول العربية، ونستلهم منها مناقشاتنا في المحافل الدولية، ولذلك كان لا بد وأن تعمل بقية مؤسسات الدولة على نفس المنهج وذات المنوال. تلك المقدمة تأتي عرفانا بما دشنه جلالة الملك حفظه الله ورعاه في المشروع الإصلاحي، ونبراسا لما سيأتي.. فقد طالعتنا الحكومة الموقرة في قراراتها مؤخرا بحظر بث مقاطع الفيديو على مواقع الصحف المحلية، وكان الجدل في هذا الأمر لا يؤسس لدولة عصرية، بل رأينا فيه عودة للوراء لا تتماشى مع المشروع الإصلاحي ولا رؤية البحرين 2030 التي طالما تشدق بها المسؤولون في الدولة، لذلك وجب التنويه إلى عدة نقاط في هذا الشأن. أولاً: أن المرسوم بقانون رقم 47 لسنة 2002 ورغم إمكانية تأويل ما ورد به بشأن مقاطع الفيديو بمسميات يمكن أن تتناسب مع نشأة القانون منذ عقد ونصف تقريبا، إلا أنه يسهل الطعن عليها من قبل محام لديه خبرة بسيطة في الطعون على نصوص المواد وتأويلاتها وهو ما سيضع متخذ القرار في حرج قانوني. ثانيًا: المرسوم بقانون لا يتناسب بأي شكل من الأشكال مع المرحلة الحالية، في مضمون منع بث مقاطع الفيديو وكان من الأجدر إبداء مرونة بشكل آخر بإحالة الأمر لقرارات تنظيمية بحيث يمكن القول أنه يجري العمل عليها لمنح التراخيص اللازمة. ثالثًا: ماذا سيكون الرد في حال قارنت المؤسسات الصحفية بين موقع وكالة الأنباء الرسمية ومواقعها الإخبارية، حيث تقوم الأولى ببث مقاطع فيديو وتعتمد على اليوتيوب في هذا الشأن، بينما يمنع هذا على مواقع الصحف، بل أن الموقع العالمي أصبح منصة لكافة القنوات الفضائية في العالم بشتى أنواعها سواء الإخبارية أو الترفيهية، وتستخدمه مملكة البحرين ولم تمنعه على أي فرد، فلماذا يحدث ذلك مع أصحاب الحق الأساسي في استخدامه وهم الصحف المحلية ومواقعها. رابعًا: هل من المتوقع أن يتم منع كافة المواطنين من نشر مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي أسوة بالصحف، أم أنها حلال على العامة وحرام على أصحاب الحق الأصيل. نرجو من السادة المسؤولين مراجعة أنفسهم في هذا القرار لأنه غير منطقي ولا يتماشى مع الواقع الذي نعيشه، فلو لم يجد القارئ والمتابع مقطع الفيديو على مواقع الصحف المحلية، فبالتأكيد سيجده في موقع آخر وبذلك نكون قد خسرنا المتابع المحلي ببحثه عن الحقيقة خارج الإطار المجتمعي، فضلا عن خروج مقاطع الفيديو المعروضة بعيدا عن الصحف المحلية وبعيدا عن السيطرة وافتقاد عنصر المحاسبة لعارضي تلك المقاطع، حيث سيكون البث من خارج الإطار القانوني ولن تجد السلطات من تحاسبه في حال حدوث خطأ ما ﻻسمح الله. كان من الأجدر إتاحة التقنية وتنظيم قواعدها، وكان من الأولى سرعة وضع حد لمأساة قانون الصحافة الذي لن يرى النور في تلك الألفية لو صار الحال كما هو عليه، ولا تجعلونا كالنعامة تضع رأسها في الرمال هربا من الواقع الذي يراه الجميع ونحاول أن نقنع أنفسنا بعدم وجوده، ولا تتركوا الصحافة تواجه رياح الأزمة الاقتصادية بمفردها وتزيدوا من همومها بمنعها من تطوير نفسها حتى تستطيع الصمود والبقاء، وإلا فلن نجد صحافة بحرينية بالمعنى والمفهوم العصري. ربما أكون متجنيا في ما ذهبت إليه في رأيي حول هذا الأمر، أو لم أتفهم ما قصدته الحكومة من هذا الحظر وأسبابه التي ربما تكون منطقية وواقعية لهم، لذلك أتمنى أن يخرج علينا المسؤولون لشرح وجهة نظر (مقنعة) لسبب الحظر.
مشاركة :