الصراع في السودان يبدد آمال إسرائيل في تطبيع العلاقات

  • 4/20/2023
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

القدس - يُثير الصراع في السودان قلقا كبيرا لدى إسرائيل التي تتابع التطورات عن كثب وهي التي كانت تمني النفس باستكمال مسار التطبيع مع الخرطوم وقد بدأت بالفعل خطوات في هذا الاتجاه قبل أن تتفجر أسوأ أزمة بين رئيس مجلس السيادة قائد الجيش عبدالفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو (حميدتي). وبحسب موقع 'اكسيوس' الأميركي الاخباري، لم يخف مسؤولون إسرائيليون تخوفهم من أن تنهي الأحداث التي يشهدها السودان احتمالات تطبيع العلاقات بين تل أبيب والخرطوم. وتابع نقلا عن ثلاثة مسؤولين إسرائيليين أن "إسرائيل تستخدم علاقاتها مع كل من قائد الجيش عبدالفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو لحثهما على إنهاء القتال الذي خلف أكثر من 270 قتيلا على الفور". وأضاف هؤلاء أن "عملية التطبيع الإسرائيلية مع السودان في السنوات الثلاث الماضية والعلاقات التي أقامتها مع الجانبين، وضعتها في وضع فريد لمحاولة التأثير على الجنرالين المتحاربين". ونقل الموقع الأميركي عن المسؤولين الإسرائيليين قولهم أيضا إن "القتال الحالي في السودان سيدمر البلاد ويمنع تشكيل حكومة مدنية وينهي أي احتمالات لاتفاق سلام بين إسرائيل والسودان". وكانت إسرائيل تراهن على اتفاق وتوافق ينهي الأزمة السياسية في السودان ضمن الاتفاق الإطاري الذي توصله له مجلس السيادة الانتقالي والقوى السياسية الأخرى، قبل أن يتسبب خلاف بين البرهان وحميدتي على دمج قوات الدعم السريع في انفجار الوضع. وقال المسؤولون إن "وزارة الخارجية الإسرائيلية تنخرط في السنوات الأخيرة مع البرهان في عملية التطبيع وأن وكالة الموساد تتواصل مع حميدتي في قضايا الأمن ومكافحة الإرهاب". وبحسب المصدر ذاته، قال المسؤولون الإسرائيليون إنهم "كانوا يتابعون عن كثب المحادثات في السودان قبل بدء القتال بشأن الاتفاق الإطاري الذي كان من المفترض أن يؤدي إلى تعيين حكومة مدنية". وقال مسؤول إسرائيلي إن "الحكومة الإسرائيلية كانت متأكدة الأسبوع الماضي من أن الاتفاق على تعيين حكومة مدنية سيأتي في غضون أيام، إن لم يكن ساعات وشعرت بالإحباط عندما انهار الاتفاق وبدأ القتال في نهاية الأسبوع". وفي فبراير/شباط الماضي أجرى وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين محادثات في الخرطوم مع البرهان، في أول زيارة رسمية لوزير خارجية إسرائيلي إلى السودان. وأشارت وسائل إعلام عبرية حينها إلى أن الجانبين يقتربان من توقيع اتفاق التطبيع في ظل وساطة أميركية تهدف إلى توسيع دائرة التطبيع بين إسرائيل ودول المنطقة. وكان السودان قد أعلن في أكتوبر/تشرين الأول 2020 عن اهتمامه بالانضمام إلى اتفاقات أبراهام، خاصة بعد أن اشترطت الولايات المتحدة تطبيع العلاقات بين إسرائيل والخرطوم لشطبها من القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب وإعادة الحصانة السيادية لها. وبعد ثلاثة أشهر وقّع السودان القسم التصريحي من الاتفاقية بحضور وزير المالية الأميركي آنذاك ستيفن منوتشين، لكنه لم يوقع الوثيقة المقابلة مع إسرائيل. ووفقهآرتس، فإن المسؤولين الإسرائيليين وجدوا أن فرص فتح العلاقات الدبلوماسية بين البلدين قد تضاءلت إثر الانقلاب الذي نفذه القائد العام للقوات المسلحة السودانية عبدالفتاح البرهان وحل مجلسي السيادة والوزراء واعتقال قيادات المكون المدني الذي شارك في الحكم. وأضافت أن وفودا إسرائيلية زارت الخرطوم في خضم علاقات وصفتها بـ"الجيدة" بين القيادة السياسية والعسكرية لإسرائيل وكبار أعضاء المجلس العسكري في السودان وبذلت جهودا لحل الأزمة السياسية بطلب من الولايات المتحدة. وكان رئيس الوزراء السوداني السابق عبدالله حمدوك يستعد للسفر من أجل التوقيع على اتفاق التطبيع مع إسرائيل لكن اعتقاله في انقلاب نفذه البرهان في 2021 أقصى بموجبه الشركاء المدنيين من الحكم، حال دون ذلك، حسب ما أفادت به وسائل إعلام عبرية نقلا عن مصدر سوداني. وتجددت المفاوضات بين الخرطوم وتل أبيب في الآونة الأخيرة بوساطة من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن. لكن مع تفجر القتال بين قوات الدعم السريع وقوات الجيش السوداني، تتضاءل فرص مواصلة الطرفان خطوات تطبيع العلاقات. الخرطوم - نفى نائب رئيس مجلس السيادة السوداني محمد حمدان دقلو "حميدتي" أي علم له بزيارة الوفد الإسرائيلي إلى الخرطوم موضّحا أنه لم يلتق به، في تأكيد على أنه لا علاقة له بمساعي وضع اللمسات النهائية على اتفاق التطبيع، ما يوحي ببوادر خلاف بينه وبينه رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان إستنادا إلى إقصائه من مباحثات اتخاذ مثل هذه القرارات المصيرية. ونقلت وكالة الأنباء السودانية الرسمية عن حميدتي مساء الخميس تأكيده "عدم صحة الأنباء المتداولة بشأن لقائه بالوفد الإسرائيلي الذي زار الخرطوم الخميس". ويُنظر إلى الجيش السوداني على أنه هو الذي بادر بالتحرك لتطبيع العلاقات مع إسرائيل وتولت المؤسسة العسكرية زمام الأمور في البلاد منذ انقلاب في عام 2021 ولكنها تقول إنها تعتزم تسليم السلطة إلى حكومة مدنية. وكانت وزارة الخارجية الإسرائيلية قد أعلنت أن الجانبين الإسرائيلي والسوداني اقتربا من التطبيع الرسمي للعلاقات ومن المتوقع إقامة مراسم توقيع الاتفاق عقب نقل السلطة من الجيش إلى حكومة مدنية. وفي مؤتمر صحفي من مطار بن غوريون أكد وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين أنه قام بزيارة دبلوماسية إلى الخرطوم حيث التقى برئيس مجلس السيادة الانتقالي عبدالفتاح البرهان وبعد الزيارة ذكرت الخارجية السودانية في بيان أن الطرفين "اتفقا على المضي قدما في سبيل تطبيع العلاقات بين البلدين". وبمجرد توقيع اتفاقية السلام بين تل أبيب والخرطوم سيكون السودان سادس دولة عربية توقع اتفاقية تطبيع مع إسرائيل. وبعد عقود من عدم الاعتراف تعهد السودان باتخاذ خطوات تجاه العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل في إطار اتفاق أبرم عام 2020 بوساطة إدارة الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد. وقال كوهين بعد عودته إلى إسرائيل الخميس إن الإسرائيليين يتذكرون الخرطوم دوما باعتبارها المدينة التي أعلنت فيها جامعة الدول العربية عام 1967 قرار "اللاءات الثلاث" بشأن إسرائيل وهي لا اعتراف ولا سلام ولا مفاوضات، مضيفا "نحن الآن نبني واقعا جديدا مع السودانيين، حيث ستصبح اللاءات الثلاث نعم للمفاوضات بين إسرائيل والسودان ونعم للاعتراف بإسرائيل ونعم للسلام بين الدول والشعوب".   وقال ليئور هايات المتحدث باسم وزارة الخارجية الذي شارك في الوفد "نحن بالتأكيد نتطلع إلى توقيع الاتفاق ومن ثم وجود ممثلين دبلوماسيين في كل من إسرائيل والسودان ولم نصل بعد إلى مرحلة اتخاذ قرار بشأن السفارة هنا وهناك". وعارضت جماعات مدنية وأحزاب سياسية هذه الخطوة وقالت سابقا إن أي اتفاق يجب أن يصدق عليه برلمان انتقالي لم يتشكل بعد، إذ قال "التيار الإسلامي العريض" الذي تأسس في أبريل/نيسان الماضي ويضم 10 أحزاب إسلامية سودانية في بيان له إنه "يستغرب من جرأة قائد الجيش الذي لا يحمل أي تفويض يخول له التصرف بهذا التحدي في قضايا مفصلية لا يحق لجهة أن تبت فيها دون تفويض شعبي وجماهيري"، مضيفا أن التيار "يرفض أي علاقة مع إسرائيل في ظل احتلالها لأرض فلسطين وتدنيسها لمقدسات المسلمين". كما اعتبر حزب المؤتمر الشعبي في بيان أن الحكومة الانتقالية بمختلف مؤسساتها لا يحق لها اتخاذ أي موقف في القضايا الأساسية والمصيرية، قائلا "يؤكد المؤتمر الشعبي أن الغرض من هذه المحاولة اليائسة والمحمومة أن يظل السودان تحت حكم العسكر بدعم إسرائيل وذلك ما يناقض الدعوات والترتيبات الرسمية لتحقيق التحول الديمقراطي".

مشاركة :