لائحة الأندية الأدبية وإشكالية العضوية

  • 2/14/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

قبل أيام تم اعتماد لائحة الأندية الأدبية الجديدة، وهي اللائحة التي لم تبتعد كثيرا عن السابقة التي تم ترشيح المجالس الحالية عليها، ففي خبر صحيفة "الحياة" في عدد الأربعاء الماضي أن من أبرز ما أكدت عليه اللائحة: (أن يكون مجلس الإدارة بأعضائه العشرة منتخباً، فيما كان اللافت فيها اشتراط حصول العضو العامل على مؤهل علمي يتصل باللغات وآدابها، أو أن يكون لديه إصدار أدبي مطبوع ومفسوح من الوزارة نظاما... كما نصت اللائحة في المادة الـ24 على إقرار تدوير المناصب بين أعضاء مجلس الإدارة، بعد مضي سنتين، وإلغاء منصب نائب الرئيس). هذه اللائحة في شكلها الأخير لم تأت بجديد غير إقرار تدوير المناصب كل سنتين وإلغاء منصب نائب الرئيس، في حين بقيت الأمور الأخرى على حالها تقريباً دون إضافات تستحق، رغم العمل عليها من قبل عدد من المثقفين والأدباء طيلة السنوات الأربع الماضية تعديلا واقتراحا، وسبق أن نشرت تلك اللائحة على مواقع الإنترنت لتقييم المهمتين، وحظيت بنوع من القبول عند الغالبية، كونها اعتمدت على فكرة النقاط للعضوية، بحيث إن من يحمل مؤهلا علميا، وله إنتاج أدبي، وله مشاركات أدبية تكون نقاطه أعلى بكثير من الذي يمتلك مؤهلا علميا في اللغة العربية فقط، وهذا ما يجعل من فكرة النقاط تحد من تواجد المتطفلين على الأدب من أي إنسان كان، فضلا عن تحفيز العمل في السياق الأدبي، وهي فكرة لو طبقت لكان بالإمكان إعادة الأندية الأدبية إلى فاعليتها السابقة، وقد جاءت فكرة النقاط بحكم الإشكالية السابقة في اللائحة القديمة التي فتحت الباب على مصراعيه لكل من لديه مؤهل علمي في اللغة العربية، دون ضابط أدبي يحد من دخول من لا علاقة له بالأدب إلى عضوية النادي، وهو ما حصل في الدورة السابقة؛ إذ دخل في عضوية المجلس من لا صلة لهم بالأدب، بحكم أن اللائحة فتحت المجال لدخولهم، الأمر الذي أدى لاحقا إلى مشكلات كثيرة في إدارة المؤسسة الأدبية وابتعد الأدباء عن المؤسسة الوحيدة من مؤسسات الدولة التي كانوا ينتمون إليها، لذلك كانت فكرة النقاط التي حظيت بقبول الأدباء محاولة جيدة لإنقاذ المؤسسات الأدبية في الدورات القادمة. ما حصل أن القائمين على اللائحة الجديدة تجاهلوا فكرة النقاط تماما، وأعادوا شروط العضوية السابقة بحيث وُسعت الدائرة قليلا من جهة قبول مؤهل علمي في اللغات وآدابها وحُصرت من جهة أخرى في الإصدار الأدبي المفسوح رسميا من قبل الوزارة. هنا عدد من الإشكاليات، لعل منها أن العاملين على اللائحة تجاهلوا أفكار المثقفين والأدباء المعدلة على اللائحة، فاللجان التي صرف عليها الكثير من الجهد والوقت والمال تم تجاهل أهم أفكارها لتخرج اللائحة بهذا الشكل، وهنا الإشكالية الكبيرة في بيروقراطية بعض العاملين فيها الذين يحدون من تطور كثير من أمورها، وأعني بهم عددا من الموظفين في الوزارة دون الوزير، فعلى الرغم من أنها الوزارة الفتية بالنسبة لغيرها من الوزارات إلا أن العمل الإداري فيها بيروقراطي ولا يسمح بالمرونة التي تتطلبها الثقافة، وغالب الوزراء الذين مروا عليها يجدون صعوبة في التغيير لأن العاملين هم ذاتهم لا يتغيرون رغم تغير الوزراء؛ الأمر الذي يجعل الوزارة مستعصية على التغيير. الإشكالية الأخرى أن اللائحة الجديدة تعيد نفس المشكلة القديمة بالسماح لمن لا علاقة له بالأدب بالدخول في العضوية (فكأنك يا أبا زيد ما غزيت) كما يقول المثل الشعبي؛ بل إن الشرط الثاني للعضوية صار أكثر تقليصا لوجود الأدباء، حيث اشترط وجود إصدار مفسوح، والمشكلة أن غالبية الأدباء لم تفسح كتبهم، لكون الرقيب في الوزارة أقل في الوعي من الأديب، ولذلك فأكثر الأدباء السعوديين والمثقفين يلجؤون إلى الخارج لإصدار إنتاجهم الأدبي، فشرط الفسح يجعل الأمر محدودا في عدد من الأدباء الذين لا يسبب إنتاجهم الأدبي أي فاعلية، ما يعني تهميش غالبية المثقفين والأدباء السعوديين بهذا الشرط رغم جودة إنتاج بعضهم وتجاوزهم للأفكار التقليدية التي يحملها رقباء الوزارة. يبدو أن الأندية الأدبية ستعود مرة أخرى إلى مشكلتها السابقة ولا أمل في صلاحها، ما دام أن العاملين على اللائحة ما زالوا يسيرون وفق الرؤى القديمة، بل يبدو أن اللائحة صارت محدودة أكثر من ذي قبل، ما يعني أن الأدب والثقافة في السعودية تجاوزا الكثير من العاملين في الوزارة الذين يغلب عليهم الطابع الوظيفي على الجانب الثقافي، فغالبية المثقفين أكثر وعيا من غالبية العاملين في الوزارة إلا قلة قليلة، وهذه القلة عادة جاؤوا من خارج الوزارة وليس من داخلها، فإدارة الثقافة في السعودية تشتكي من هيمنة غير المثقفين الواعين، وهذا ما ترتب عليها ضعف في المؤسسات الثقافية والأدبية لاحقا، ويبدو أن الأمور ستبقى على ما هي عليه أو ربما تكون أكثر سوءا، وهي تشاؤمية لها معطياتها من واقع الوزارة والمؤسسات الثقافية والواقع الثقافي برمته وليس تشاؤمية مطلقة، فالقارئ للوضع الثقافي السعودي لا يمكن أن يتفاءل إلا بالمثقفين خارج المؤسسات الثقافية، أما من هم في داخلها، بدءا من الوزارة إلى أصغر مؤسسة أدبية أو ثقافية فإن المثقفين العاملين فيها بجدية محدودو التأثير ويعانون مشكلات إدارية ومالية كبيرة تحد من عملهم الثقافي، وكلي أمل في معالي الوزير الجديد: عادل الطريفي أن يعيد النظر في هذه اللائحة، وهو الذي ينتمي إلى الجيل الشبابي، وليس إلى أجيال الوزارة القدامى التقليديين الذين غالبا ما يفضلون بقاء الأمور على ما هي عليه.

مشاركة :