شجع الرئيس الصيني، شي جين بينج الشركات على كسر الحواجز التكنولوجية، حيث تحشد بكين قطاعها الخاص، لمواجهة ما ترى أنها عملية احتواء من جانب أمريكا وحلفائها. وأعلن شي، في اجتماع الجمعة حضره مسؤولون كبار بالحزب الشيوعي، من بينهم رئيس الحكومة لي تشانج أن الابتكار، الذي تقوده الشركات، أمر أساسي لتحقيق "اعتماد على الذات، في مجال التكنولوجيا المتقدمة"، وفقا لوكالة "بلومبيرج" للأنباء أمس. وأضاف أن الحكومة يتعين عليها أن تساعد الشركات على القضاء على التحديات التكنولوجية الأساسية، التي تواجه البلاد، طبقا لما ذكرته وكالة "شينخوا"، نقلا عما دار في الاجتماع الذي رأسه شي. وتابع شي أن الأمر الأساسي لنمو الأعمال الخاصة يكمن في إزالة الحواجز المؤسسية، التي تعرقل المنافسة العادلة وتحديد السياسة، التي تهدف إلى ضمان تنسيق أفضل وتسوية مشكلات حقيقية للشركات. وأضاف "يتعين إصلاح القطاع الحكومي لضمان أمن الاقتصاد الوطني" مع تحسين الكفاءة والرقابة. ويأتي ذلك فيما تكافح بكين جهود واشنطن المتصاعدة للحد من وصول الصين إلى التكنولوجيات الأساسية، جزئيا بسبب مخاوف متعلقة بالأمن القومي. يشار إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن توصلت لاتفاق مع هولندا واليابان في وقت سابق من العام الجاري لتقييد تصدير بعض معدات صناعة الرقائق المتقدمة للصين ومن ثم إبطاء تطورها العسكري والتقني المرتبط بالذكاء الاصطناعي. يذكر أن الشركات الصينية تصنع أشباه موصلات ولكنها أقل جودة. من المتوقع أن يبحث قادة مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى في قمتهم المقررة باليابان الشهر المقبل، الاتفاق على تحديد رد على ما أسموه التنمر الاقتصادي من جانب الصين. وبحسب ما ذكرته وكالة "بلومبيرج" للأنباء في مقال افتتاحي لمحرريها، لدى الولايات المتحدة وشركائها كل الحق في الدفاع عن أنفسهم، وأكد المقال على ضرورة تركيز أي إجراء جماعي على مواجهة أساليب الضغط الصينية، وليس استنساخها. ووفقا لدراسة، فرضت الصين منذ تعليقها المؤقت لشحنات العناصر الأرضية النادرة إلى اليابان في 2010، حظرا على التجارة في كل شيء، ابتداء من بعض المشروبات إلى الأناناس التايواني، وقاطعت علامات تجارية بارزة، وأوقفت السياحة، وهددت كثيرا من الدول، والشركات، وقطاعات الصناعة بالنسبة لعدد 123 سلعة، على الأقل. وكان الهدف من وراء ذلك هو الضغط على من استهدفتهم الصين للتنصل من انتقادها، وتغيير السياسات المناهضة لها، واحترام مصالح بكين المتصورة بشأن قضايا مثل التبت وتايوان. وغالبا ما تكون هذه الحملات مبهمة، وتوصف بأنها مشاعر غضب عام عفوية. وتقول "بلومبيرج" إن التكاليف التي تتحملها الكيانات المستهدفة كثيرا ما تكون مؤلمة فالقيود التي تم فرضها بعد أن نشرت كوريا نظام دفاع صاروخيا أمريكي الصنع في 2017 ربما أدى إلى حرمان قطاع السياحة فيها من عدة مليارات من الدولارات من الدخل المفقود. ونظرا لاعتماد الدول الأصغر حجما والشركات الفردية على نمو السوق الصينية، فإنها لا تستطيع تحمل تلك الخسائر، وسيختار الكثير منها الانصياع لمطالب الصين بشكل استباقي. وأوضح محررو "بلومبيرج" أنه يتعين على الولايات المتحدة مساعدة الشركاء من خلال التغلب على نفورها الأخير، لعقد صفقات تجارية والتوسع في فتح أسواقها. ويمكن أيضا بحث بعض إجراءات التخفيف المحدودة، مثل منح ضمانات قروض سيادية للدول المعرضة لضغط شديد من جانب الصين، أو تقديم تأمين ضد الخطر السياسي لتشجيع المستثمرين الأمريكيين على دعم تلك الدول. ويمكن بصورة مؤقتة إلغاء الرسوم بالنسبة للسلع القادمة من الدول المتضررة. ويمكن للدول الأغنى مساعدة الدول الأصغر على تقديم شكاوى لدى منظمة التجارة العالمية، ليس على أمل تحقيق تخفيف فوري بقدر السعي لتحديد من الذي ينتهك القواعد ومن الذي يلتزم بها. ويثير هذا نقطة جوهرية أخيرة: هي أن الانتقام الفوري يمكن أن يعد انتهاكا لقواعد منظمة التجارة العالمية ويعرض الدول أعضاء مجموعة السبع لاتهامها بالنفاق. وعلى الرغم من أن ذلك قد لا يزعج القادة الأمريكيين، يتعين عليهم أن يدركوا أنهم سيواجهون وقتا أكثر سهولة لإقناع الدول الأخرى على الاتحاد خلف جهد مشترك إذا كان هدفه الحفاظ على نظام التجارة العالمي الذي يعتمد على قواعد، وليس شيطنة الصين.
مشاركة :