المؤسسات الإصلاحية في دبي «تُخرّج» نزلاء مؤهلين

  • 2/14/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تحرص شرطة دبي على تطبيق أعلى معايير حقوق الإنسان على نزلاء المؤسسات الإصلاحية، محوّلة بذلك المجرمين والمتهمين والمدمنين إلى أسوياء، بالابتعاد عن مفهوم العقاب القاسي وإدانة المجرم، إلى تعديل سلوكه وتغيير طباع بعضهم بالمعاملة الحسنة والقضاء على وقت الفراغ، ومنح الكثيرين فرص تعليم وتدريب وعمل جديدة، تغيّر نظرتهم إلى الحياة، وإلى سلوكياتهم الخاطئة، للبدء من جديد في حياة أكثر إيجابية. وفي السياق، تمكنت المؤسسات العقابية والإصلاحية في دبي، من إلحاق 62 نزيلاً ونزيلة بالدراسة المسائية والمنازل في 2015، وحصول 355 آخرين على دورات علمية العام الماضي. جامعة حمدان وكشف العميد علي الشمالي مدير الإدارة العامة للمؤسسات العقابية والإصلاحية في دبي، لـ البيان، أنه تم الحصول على موافقة من جامعة حمدان بن محمد الذكية، لإلحاق النزلاء الراغبين في استكمال تعليمهم في الدراسة الجامعية التي تستغرق عامين أو 4 أعوام، حسب التخصص، مشيراً إلى أن الجامعة طلبت توفير بعض المتطلبات، مثل قاعات دراسية مجهزة، وبالفعل، سيتم تجهيز المكان بطريقة ملائمة لنوع الدراسة. وقال إن الإدارة ساعدت النزلاء ممن يرغبون في الارتقاء بمستواهم التعليمي والمهني داخل المؤسسات العقابية والإصلاحية، عبر توفير بعض المتطلبات، مثل مواد خام أو أجهزة كمبيوتر أو طابعات من ميزانية شرطة دبي، إضافة إلى مساعدتهم في التواصل مع جهات خارجية لتبني اختراعاتهم ومهاراتهم، وتقديم منتجاتهم في المعارض والحصول على دخل شهري قد يساعد النزيل في إعالة أسرته من داخل السجن، بل والحصول على حرفة أو مهنة تكون بمثابة مستقبل جديد للكثيرين. أعمال شغب وأكد العميد علي الشمالي أنه لم تسجل أي أعمال شغب للنزلاء داخل الإدارة العام الماضي، مرجعاً السبب إلى قدرة شرطة دبي على امتصاص غضب النزيل وحسن المعاملة التي يجدها، ما يجعله يشعر بالندم على جريمته، ويعيد ترتيب حياته بما يناسب وضعه الحالي، ووضعه بعد انتهاء فترة محكوميته، مشيراً إلى إقامة النزيل في المؤسسات العقابية والإصلاحية في دبي في بيئة إنسانية تحترم شخصيته، بغض النظر عن نوع الجريمة، إذ إنه يتم تصنيف النزلاء وفقاً لجرائمهم، ويمنع اختلاط بعض المحكومين في قضايا مثل المخدرات أو القتل، وأنه في أغلب الأحيان، لا يسأل المشرف على الأعمال الحرفية والتعليمية، عن الجريمة التي اقترفها النزيل، ويبتعد نهائياً عن التطرق إليها، ويعامل النزيل كشخص يتمتع بكامل حقوقه الإنسانية. المكتبة العامة وكشف العميد الشمالي، أنه في العام الماضي، سجلت المكتبة العامة للسجن زيارة 2084 نزيلاً ونزيلة، واستعارة 11 ألفاً و782 كتاباً، فيما شارك في دورات تحفيظ القرآن 322 نزيلاً ونزيلة، إضافة إلى 1106 نزلاء حضروا المحاضرات الدينية، وشارك 130 منهم في المسابقات التي تم رصد عدد من الجوائز لها، فيما التحق بالدورات المهنية 274 نزيلاً ونزيلة، و71 في الدورات الحرفية، كما 2486 نزيلاً ونزيلة في المسابقات الرياضية التي تقام على مدار العام. وأفاد العميد علي الشمالي بأنه يتم توفير مدرسين خصوصيين تابعين لوزارة التربية والتعليم للدراسة المسائية، وفقاً لعدد الطلبة الملتحقين في الثانوية العامة أو الشهادات بشكل عام، مؤكداً أن بعض النزلاء القادرين على مساعدة زملائهم في الدراسة، يقومون بهذا الدور، ويتولون شرح الدروس للطلبة، خاصة المواد العلمية، وهو ما خلق نوعاً من المحبة والصداقة بين النزلاء، يسهم في إبعادهم عن التفكير في العودة مرة أخرى إلى عالم الجريمة، بل التطلع إلى مستقبل أفضل وترك الماضي. ساخط وانطوائي وقال إنه تتم دراسة كل حالة من النزلاء على حدة، من قبل متخصص نفسي واجتماعي، لمساعدة تلك الحالات على تقويم السلوك ومحاولة إكسابهم أنماطاً جديدة من الشخصية، وأنه في الأسابيع الأولى للنزيل، فإنه غالباً ما يكون انطوائياً وساخطاً على وضعه الجديد، فلا يتم الضغط عليه بالانخراط في الأعمال المهنية أو مع زملائه، وتترك له الفرصة كاملة لاختيار ما يناسبه، أو اختيار من يتحدث معه من زملائه، وتعرض عليه الأعمال الحرفية والأنشطة الرياضية والثقافية والدينية، ليختار ما يناسبه. وأكد أن جميع النزلاء يرتدون الزي نفسه، والاختلاف الوحيد في الشريط الذي يتوسط بدلة النزيل، حيث يدل اللون الأصفر على أن العقوبة من شهر إلى 6 أشهر، والأزرق من سنة إلى 10 سنوات، واللون الأحمر للمحكومين فوق 10 سنوات والمؤبد والإعدام. 12 خطوة وفي ما يتعلق بمساعدة المدمنين على الإقلاع عن الإدمان، أفاد مدير الإدارة العامة للمؤسسات العقابية والإصلاحية في دبي، بأن برنامج 12 خطوة ساهم في مساعدة العشرات على مدار السنوات الماضية في التعافي من الإدمان، وأن فئة قليلة تعود مرة أخرى إلى الإدمان بعد الخروج من السجن، وأنه يتم تخفيف مدة العقوبة، وفقاً لمعايير عدة، منها الالتزام بالنظام العام وقوانين المؤسسات العقابية والإصلاحية، وحفظ القرآن الكريم، بالإضافة إلى العفو الذي يصدر مرتين كل عام، وأن هذا العام شهد عفواً عن 120 نزيلاً في اليوم الوطني، وذلك يتم وفقاً لقائمة يتم إعدادها من لجنة مختصة، لافتاً إلى أنه يُستثنى من ذلك تجار المخدرات والمحكومين بالمؤبد والإعدام، وبعض الحالات الاستثنائية الأخرى. ذوو الإعاقة وقال العميد علي الشمالي، إن شرطة دبي حرصت على أن تتلاءم بيئة المؤسسات الإصلاحية مع ذوي الإعاقة من حيث التصميم والخدمات، مشيراً إلى أنه لا يوجد أي نزيل من ذوي الإعاقة، إلا أن هناك عدداً من النزلاء يعانون أمراضاً مزمنة، أو آلاماً في الأسنان، ويتم عرضهم على لجنة طبية، ومنحهم العلاج اللازم عبر ممرض يعطيهم الجرعات الدوائية اللازمة، وفقاً لمواعيد محددة حسب الحالة، ولا يسمح للنزيل بالاحتفاظ بالأدوية في غرفته، لمنع استغلالها بشكل خاطئ. كما وفرت الإدارة عدداً من الكراسي المتحركة، لمن لم يتمكن من الحركة بحرية، نظراً لزيادة الوزن أو المرض أو غيرها من الأسباب، وفي ما يتعلق بعلاج الأسنان، هناك طبيب متخصص طوال الأسبوع، لتقديم كافة أنواع العلاج الضرورية، إضافة إلى طبيب عام. إلغاء المخالفات أكد العميد علي الشمالي، أن جميع طلبات النزلاء، ومنها الاسترحام التي تحول إلى الجهات المختصة، تصدر مجانية بلا أي رسوم، وأن الإدارة تساعد النزلاء من مخالفي الإقامة، في الحصول على شهادة لمن يهمه الأمر، وتقديمها إلى الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب على مستوى الدولة للنظر فيها، وغالباً ما تُلغى كل المخالفات أثناء فترة العقوبة، خاصة إذا كان النزيل غير مبعد عن الدولة، وتحق له الإقامة، وفقاً لنوع الجريمة والحكم. نزيلة تؤسس شركة وأخرى تقدم 700 ألف درهم لزوجها تمكنت نزيلة أوروبية، من تعلُّم وإتقان صناعة العرائس اليدوية أثناء قضاء فترة محكوميتها في المؤسسات العقابية والإصلاحية في دبي، ما أهّلها لتأسيس شركة خاصة في المجال نفسه في بلدها بعد سفرها، مرسلة خطاباً إلى شرطة دبي، تتقدم فيه بالشكر الجزيل لهم على دعمها وتحويل مسار حياتها، بعد أن أصبحت تبيع القطعة الواحدة بـ 100 يورو. وأوضح العميد علي الشمالي أن هذه الحالة ليست الوحيدة، وأن عدداً كبيراً من النزلاء يرسلون خطابات إلى الإدارة قبيل خروجهم من السجن وبإرادتهم، معبرين عن شكرهم لشرطة دبي على حسن المعاملة، وأن أغلبهم يحرصون على تعلم الحرف المختلفة وإتقانها، والتخطيط لاتخاذها مهنة يكسب منها مالاً بالحلال بعد خروجهم من السجن والعودة إلى أوطانهم، بما يتيح لهم إعالة أنفسهم وأسرهم وترك عالم الجريمة. وأشار إلى أن الأمر ينطبق على المواطنين الذين تم توظيف 10 أشخاص على مدار العامين الماضيين في شركة الفطيم، التي أسست ورشة لتعليم ميكانيكا السيارات للنزلاء، إضافة إلى وجود ورشة لإصلاح الأجهزة الكهربائية وإنتاج المشغولات النحاسية والخشبية، والتي تتميز بجودة عالية وإتقان في الصناعة، وأن بعض النزلاء من الرسامين يبيعون لوحاتهم التي تعرض في المعارض التي تشارك فيها شرطة دبي، وتحظى بإشادة من الجمهور وإقبال كبير عليها، مثل القرية العالمية. زوجة حامل من جانبه، قال العقيد مروان عبد الكريم جلفار نائب مدير الإدارة العامة للمؤسسات العقابية والإصلاحية في شرطة دبي، إن الإدارة تقدم ملايين الدراهم سنوياً لمساعدة النزلاء وأسرهم، وأن أبرز تلك الحالات لسيدة مواطنة، وهي أم لستة أبناء، وكانت حاملاً عندما دخلت السجن بسبب قضايا شيكات تسبب فيها زوجها بقيمة 700 ألف درهم، بعدما حاولت الزوجة مساعدة زوجها في عمله، واستدانت المبلغ وحررت شيكات، إلا أن الزوج حصل على المبلغ وطلقها، تاركاً لها 6 من الأبناء والسابع في بطنها، وإن الإدارة درست حالتها، وتم التأكد من كافة المعلومات التي أدلت بها، ومخاطبة الجمعيات الخيرية التي تكفلت بدفع المبلغ وإنقاذ الزوجة وأبنائها. وأضاف العقيد مروان، أن من ضمن الحالات التي ساعدتها الإدارة، بالتعاون مع الجمعيات الخيرية، دفع مليوني درهم دية لنزيل كان يعمل سائقاً في إحدى الشركات الخاصة، وتسبب في وقوع حادث توفي فيه 10 أشخاص، حيث أتم فترة محكوميته وسافر إلى بلده، مقدماً الشكر الجزيل لشرطة دبي. وهناك حالة أخرى تمت فيها مساعدة إحدى الفتيات من الجنسية العربية، بعد أن تقدم والدها بطلب لدفع مصاريف مدرستها، نظراً لعدم وجود عائل لها ولأسرته بعد أن حكم عليه بالسجن، وبالفعل تم التنسيق مع إحدى الجمعيات الخيرية والتكفل بمصاريف دراستها. كشف العميد علي الشمالي، أن أقدم سجين في دبي، يحمل الجنسية الآسيوية، وقد أفرج عنه مؤخراً، بعد أن أمضى 30 عاماً في السجن، بعد أن تمت مخاطبة النائب العام بشأنه من قبل أسرته، بعد مروره بأزمة صحية، والذي كان متهماً بحرق عائلة بكاملها في منطقة الكرامة من جنسيته نفسها، نتيجة خلافات عائلية، وأن أقدم سجين موجود حالياً هو محكوم بالإعدام منذ 25 عاماً، بعد أن قتل أسرة بمضرب بيسبول، بسبب خلافات بينه وبين هذه الأسرة في موطنهما الأصلي.

مشاركة :