في مقابلة مساء الجمعة مع قناة "إل سي إي" التلفزيونية الفرنسية، اعتبر السفير الصيني لدى فرنسا لو شاي أن الدول المنبثقة عن الاتحاد السوفياتي السابق "ليس لها وضع فعلي في القانون الدولي لأنه لا يوجد أي اتفاق دولي يكرس وضعها كدول ذات سيادة". وألقت التصريحات بظلال من الشك ليس فقط في أوكرانيا التي غزتها روسيا في شباط/فبراير الماضي، بل أيضا في الجمهوريات السوفياتية السابقة التي أصبحت دولا مستقلة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي العام 1991. وقال مستشار الرئاسة الأوكرانية ميخايلو بودولياك الأحد إن "كل الدول المنبثقة عن الاتحاد السوفياتي تتمتّع بوضع سيادي واضح مكرس في القانون الدولي" فيما اعترض على تعليقات لو حول شبه جزيرة القرم التي احتلتها روسيا في العام 2014. وفي ما يخصّ شبه جزيرة القرم قال بودولياك "يعتمد الأمر على طريقة النظر إلى المشكلة. هناك تاريخ. كانت شبه جزيرة القرم في البداية لروسيا". وأضاف على تويتر "من الغريب أن نسمع رواية عبثية عن +تاريخ القرم+ من قبل ممثل دولة دقيقة جدا بشأن تاريخها الممتد آلاف السنين". واستنكر وزراء خارجية إستونيا وليتوانيا ولاتفيا وكل الجمهوريات السوفياتية السابقة التي انضمت إلى الاتحاد الأوروبي بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، تعليقات لو الذي يعد واحدا من الطبقة الجديدة من الدبلوماسيين الصينيين الجريئين. وكتب وزير خارجية لاتفيا إدغارز رينكيفيكس على تويتر أن آراء لو "غير مقبولة بتاتا" في حين وصفها رئيس إستونيا مارغوس تساكنا بأنها "خاطئة وتفسير خاطئ للتاريخ". "لا تثق في الصين" ويأتي هذا الجدل في توقيت محرج للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي زار بكين في وقت سابق من الشهر الحالي لحض الرئيس الصيني شي جينبينغ على الضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإنهاء غزوه لأوكرانيا. وكانت رحلة ماكرون أثارت انزعاج بعض الحلفاء الغربيين الذين يشككون في نيات الصين بسبب تحالف شي الرسمي مع روسيا. من جهتها، قالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان إنها "تبلّغت بصدمة" تصريحات السفير الصيني، داعية بكين إلى "توضيح ما إذا كانت تعكس موقفها". وأضافت الوزارة "نأمل بألّا تكون كذلك". وذكّرت بالاعتراف الدولي بأوكرانيا "داخل الحدود التي تضمّ القرم في العام 1991 من قبل المجتمع الدولي بأسره، بما في ذلك الصين، عند سقوط الاتحاد السوفياتي، كدولة عضو جديدة في الأمم المتحدة"، مشيرة إلى أن ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في العام 2014 "غير قانوني بموجب القانون الدولي". بدوره، كتب وزير الخارجية الليتواني غابريليوس لاندسبيرغيس على تويتر "إذا كان أي شخص ما زال يتساءل لِمَ لا تثق دول البلطيق في الصين +من أجل التوسط في عملية السلام في أوكرانيا+، ها هو سفير صيني يجادل بأن القرم روسية وأن حدود بلداننا ليس لها أساس قانوني". وسعت الصين إلى تقديم نفسها على أنها طرف محايد في الصراع الأوكراني واقترحت حلا سياسيا رفضته كييف والدول الغربية الداعمة لها. "الذئاب المحاربة" وأقر لو في السابق بأنه جزء من طبقة "الذئاب المحاربة" من الدبلوماسيين الصينيين، وهو اللقب الذي يطلق على الذين يردّون بشراسة على المنتقدين الذين يعتبرونهم معادين للصين. في كانون الثاني/يناير 2019، اتّهم لو كندا باعتماد منطق "تفوق البيض" بعدما دعت إلى الإفراج عن كنديَين محتجزَين في الصين، بعد أيام من توقيف الرئيسة التنفيذية لشركة هواوي مينغ وانتشو في كندا بناء على طلب من الولايات المتحدة. وبعد توليه دورا جديدا في باريس، تسبب في خلاف دبلوماسي في العام 2021 عندما وصف باحثا فرنسيا منتقدا على تويتر بأنه "بلطجي صغير". كذلك، استهدف نوّابا فرنسيين كانوا يخطّطون للقيام بزيارة لتايوان التي تهدد الصين بالسيطرة عليها بالقوة إلى لزم الأمر. وبعد استدعائه من قبل وزارة الخارجية الفرنسية بسبب "الإهانات والتهديدات" اتخذ خطوة غير عادية بتأجيل حضوره، متذرعا ب"تضارب في المواعيد". وقد أثار ذلك غضبا إضافيا في باريس. وعلّق سكرتير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية آنذاك كليمان بون بالقول "لا فرنسا ولا أوروبا ممسحة أرجل. عندما يتم استدعاؤك كسفير، عليك أن تأتي إلى وزارة الخارجية".
مشاركة :