أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس أن العقوبات المفروضة على روسيا بسبب الأزمة الأوكرانية يجب أن تبقى «طالما لزم الأمر»، في حين تنوي بعض الدول الأوروبية رفعها، وفي مقدمتها فرنسا. Ads by Buzzeff وقال كيري خلال المؤتمر المنعقد حول الأمن في ميونيخ بجنوب ألمانيا: «إني واثق من أن أوروبا والولايات المتحدة ستبقيان متحدتين لإبقاء العقوبات طالما لزم الأمر، ولتقديم المساعدة الضرورية لأوكرانيا. الخيار بالنسبة لروسيا بسيط: إما تطبيق اتفاق مينسك كليا (حول أوكرانيا)، أو الاستمرار في مواجهة عقوبات تؤثر على الاقتصاد»، مضيفا أن «الطريق نحو تخفيف العقوبات هو سحب الأسلحة والقوات من دونباس، وضمان عودة جميع الرهائن الأوكرانيين، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل للأراضي المحتلة، ودعم انتخابات حرة ونزيهة تخضع لمراقبة دولية في دونباس، بموجب القانون الأوكراني، واستعادة سيطرة أوكرانيا على أراضيها داخل حدودها الدولية». في غضون ذلك، ذكر وزير الخارجية الألماني فرنك فالتر شتاينماير أمس في مؤتمر ميونيخ للأمن أن ممثلي أوكرانيا وروسيا، وألمانيا وفرنسا، اتفقوا على العمل بشأن أفضل طريقة تجاه إجراء انتخابات محلية في شرق أوكرانيا. والتقى شتاينماير ونظيره الروسي سيرغي لافروف ووزير الخارجية الأوكراني بافيل كليمكين والمدير السياسي في وزارة الخارجية الفرنسية نيكولا دو ريفيير، في ميونيخ أمس، بعد عام من الموافقة في مينسك على اتفاق إحلال السلام في أوكرانيا. وقال شتاينماير إن مجموعة الاتصال المعنية بأوكرانيا سوف تناقش «اقتراحات ملموسة من أجل تنفيذ أفضل لوقف إطلاق النار والإعداد للانتخابات المحلية في شرق أوكرانيا، ولضمان الأمن في هذه الانتخابات». وتضم مجموعة الاتصال روسيا وأوكرانيا ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا. ويتم الإبلاغ عن انتهاكات وقف إطلاق النار في أوكرانيا بشكل يومي تقريبا، ولذلك يعد تنفيذ الاتفاق أمرا مهما للغاية إذا أرادت روسيا التخلص من العقوبات الغربية المعرقلة لاقتصادها. لكن يبقى السؤال عن كيفية إجراء الانتخابات في المنطقة، عقبة أخرى. في غضون ذلك، حذر مراقبون دوليون أمس من أن العنف في شرق أوكرانيا ما زال يتصاعد، وأن الانفصاليين الذين تدعمهم روسيا نقلوا أسلحة ثقيلة مجددا إلى جبهة المعارك، في حين ردت موسكو باتهام كييف بانتهاك اتفاق السلام. وفي أحدث مؤشر على أن جهود السلام لم تحقق إلا تقدما طفيفا بعد ما يقرب من عامين من ضم موسكو لشبه جزيرة القرم، وصف رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف علاقات الشرق والغرب بأنها «بدأت تنزلق إلى حرب باردة جديدة»، وقال إن حلف الأطلسي يتصرف بشكل «عدائي» تجاه روسيا. لكن لامبرتو زانييه، الأمين العام لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا التي تراقب شرق أوكرانيا، قال في مؤتمر ميونيخ للأمن إن الأوضاع «أصبحت صعبة مجددا.. ونحن نرى تصاعدا ملحوظا للأحداث وانتهاكات لوقف إطلاق النار.. رأينا وقائع لإعادة نشر أسلحة ثقيلة في مواقع أقرب من خط المواجهة.. واستخدام قاذفات صواريخ متعددة ومدفعية»، في إشارة إلى الأسلحة الثقيلة التي كان من المفترض نزعها وفقا لاتفاق سلام وقع في مينسك منذ نحو عام. من جهته، اتهم ميدفيديف، الذي كان يتحدث أيضا في ميونيخ، كييف بمحاولة إلقاء اللوم على موسكو في القصف المستمر في المناطق الصناعية بشرق أوكرانيا، والخاضعة حاليا لسيطرة الانفصاليين، وقال إن «اتفاقات مينسك يجب احترامها من الجميع. لكننا نعتقد أن الأمر أولا وقبل كل شيء يرجع إلى السلطات في كييف لتحقيق ذلك». إلا أن فيليب بريدلاف، القائد الأعلى لقوات حلف شمال الأطلسي، قال إن روسيا لديها القدرة على «تصعيد وتهدئة» الصراع كما تشاء للضغط على حكومة كييف. فيما تصر روسيا على رفض تلك الاتهامات. وكان وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير أكثر المسؤولين الألمان حذرًا في صياغة موقفه تجاه الاتفاق الأميركي الروسي الخاص بالهدنة في الحرب السورية. إذ عبر شتاينماير أمس عن تفاؤل حذر حينما قال: «يمكننا خلال الأيام القادمة رؤية ما إذا كان الاتفاق سيصمد أم لا». إلا أن وزيرة الدفاع الألمانية اورسولا فون دير لاين أثارت شكوكًا واضحة حول جدية الموقف الروسي حينما اتهمت روسيا وسوريا بممارسة «لعبة مزدوجة». وقالت الوزيرة في حديث مع صحيفة «دي فيلت» بأن روسيا وسوريا طمرتا حلب تحت «سجادة من القنابل» ويروجان في الوقت نفسه إلى مواصلة مؤتمر فيينا الخاص بالحرب في سوريا. ووصفت فون دير لاين موقفها الشكاك، على هامش المؤتمر الأمني في ميونيخ، بأنه «ارتياب صحي» في محله. وأكدت الوزيرة عدم وجود «ضمانة» على تنفيذ اتفاق الهدنة الذي صاغه وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف، لكنها اعتبرت الاتفاق فرصة تتمنى على روسيا أن تغتنمها من أجل تحقيق السلام في سوريا. وتمنت فون دير لاين أن يبدد الجانب الروسي هذه الشكوك من خلال مواقف وتصريحات واضحة خلال المؤتمر. وكان القصف العنيف على حلب، وتصريح بشار الأسد حول مواصلة الحرب حتى استعادة كامل الأراضي السورية، قد ألقت ظلالاً من الشك حول مصير الاتفاقية التي أعلنها كيري ولافروف. وقال ايشنجر بأن استثناء «داعش» و«جبهة النصرة» من اتفاقية الهدنة قد يعني مواصلة القصف الروسي - السوري لمواقع كافة معارضي الأسد باسم مواصلة الحرب على التنظيمين. من ناحيته قال فولجانج ايشنجر، رئيس مؤتمر الأمن الدولي، بأنه بانتظار «ضمانة» يطلقها الجانب الروسي على التمسك باتفاقية الهدنة. وقال ايشنجر لصحيفة «بيلد» في هذا الأسبوع، وخلال أيام المؤتمر، سيظهر ما إذا كان اتفاق الهدنة سيصمد، وما إذا كان المعنيون به سيلتزمون بها، وما إذا كانت المدافع ستسكت. إلا أن كلمة رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف لم تبدد المخاوف التي عبرت عنها فون دير لاين وايشنجر. إذ اتهم ميدفيديف بدوره الغرب بالازدواجية الأخلاقية في التعامل مع الوضع الدولي، كما عبر عن قناعته بأن العالم قد عاد إلى أجواء الحرب الباردة، وقال: إنه يتولد لديه الانطباع بأنه يعيش في العام 1962 وليس في العام 2016. ورغم «وضوح» الموقف الذي طالبت به روسيا مختلف الدول المشاركة في مؤتمر الأمن، قال ميدفيديف بأن الوقت الحالي ليس وقت إرسال قوات برية إلى سوريا. وهو رد واضح على رغبة السعودية، وأيدتها تركيا في ذلك، إرسال مثل هذه القوات إلى سوريا. وطالب رئيس الوزراء الروسي بالمزيد من التعاون بين ممثلي المجتمع الدولي، وبالحوار مع الرئيس بشار الأسد، والحفاظ على وحدة سوريا. ورد وزير الخارجية شتاينماير على تعبير الحرب الباردة الذي استخدمه ميدفيديف بالقول: إن العالم لم يعد إلى أجواء الحرب الباردة وإن خلاف الغرب مع روسيا لا يرتقي إلى هذا الوصف. وخفف شتاينماير من تصريحات ميدفيديف حينما قال للصحافة بأن وسائل الإعلام فهمت رئيس الوزراء الروسي بشكل خاطئ، وأنه فهم أن ميدفيديف يعبر فقط عن خشيته من العودة إلى أجواء الحرب الباردة.
مشاركة :