تطرح الدوائر السياسية والإعلامية في موسكو، تساؤلات حول ضرورة أن تغير روسيا موقفها من إسرائيل وسياستها تجاه القضية الفلسطينية.. ويرى خبراء ومحللون روس أن دواعي التغيير أصبحت حتمية بعد أن عرّت الأحداث العالمية المتلاحقة مواقف اسرائيل تجاه سياسات موسكو. كانت موسكو في زمن «الاتحاد السوفيتي السابق»، من أهم الداعمين لحركات التحرر الوطني وتقرير المصير في العالم، ورغم اعتراف الاتحاد مبكرا بدولة إسرائيل، إلا أن موسكو لم تتحل عن دعم الفلسطينيين، ومساندة «القضة الفلسطينية» في المحافل الدولية، وكانت سياسة الاتحاد السوفيتي تعتمد مهنج التحفظ الحذر في التعامل مع إسرائيل.. ثم توطدت العلاقات مع تل أبيب في العقدين الأخيرين. حان الوقت لتغيير النهج الروسي ويرى خبراء روس أن الوضع الآن أصبح مختلفا بعدما تكشفت المواقف الإسرائيلية.. ويقول الباحث الروسي، غيفورغ ميرزايان، إنه حتى وقت قريب، كانت روسيا، وهي دولة عدد المسلمين فيها كبير، تمتنع عن الاحتفال بيوم القدس. وكان هذا مفهومًا تمامًا. فقد التزمت موسكو بسياسة الوقوف على مسافة واحدة من القضية الفلسطينية، وحاولت في الوقت نفسه الحفاظ على علاقات مع كل من إسرائيل والعالم العربي. لكن، ربما، حان الوقت لتغيير هذا النهج قليلاً؟ فهو لم يعد يتوافق تمامًا مع كل من الوضع الإقليمي المتغير والمصالح الوطنية الروسية. حقائق ومواقف ترفض الحياد الروسي المتغيرات العالمية تفرض ضرورة تغيير الموقف الروسي من الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني..ويشير الباحث غيفورغ ميرزايان، في صحيفة «فزغلياد» الروسية، إلى أبرز المواقف والمتغيرات التي تفرض حتمية أن تغير روسيا موقفها من إسرائيل وسياستها تجاه القضية الفلسطينية : أولا ..يشير التغيير في الوضع الإقليمي، في المقام الأول، إلى العمليات المرتبطة بالتطبيع الإيراني السعودي. وهذا لا يعني فقط انهيار استراتيجية تل أبيب (وواشنطن) في استخدام السعودية لمحاربة إيران، بل يعني أيضًا توحيد زعيمي العالم الإسلامي في قضية تهم المسلمين في العالم بأسره، ألا وهي القضية الفلسطينية. ثانيا ..في الوقت نفسه، هذه القضية هي في الواقع عنصر من عناصر اتجاه أكبر، وهو نضال البلدان النامية ضد الاستعمار الغربي الجديد. وهو اتجاه لا تحاول فيه روسيا ترسيخ عمليتها العسكرية في أوكرانيا فحسب، بل ومن موقع قيادة (موسكو) الجديدة للحركة المناهضة للاستعمار بأكملها. والقائد يجب أن يكون في المقدمة، بما في ذلك في خطابه. ثالثا.. هذه القيادة ضرورية لموسكو، من وجهة نظر المصالح الوطنية. ويبدو أنها تتعارض مع مصلحة أخرى في الحياد وسياسة الوقوف على مسافة متساوية. مع أن هذه السياسة كانت ضرورية ومفيدة بالضبط حتى اللحظة التي اتخذت فيها إسرائيل موقفًا غريبًا للغاية من العملية العسكرية الروسية الخاصة، وهو موقف المبتز. رابعا.. يمكن لروسيا، التي تتفهم موقف إسرائيل أيضًا، وأن تستخلص منه الاستنتاجات التالية: أولا، إسرائيل تدعم نظام كييف..وثانيًا، سيزداد مستوى هذا الدعم (جزئيًا بسبب الضغط الأمريكي، وجزئيًا بسبب التطور الموضوعي للشراكة الروسية الإيرانية)..وثالثاً: لا جدوى من تقديم أي تنازلات للمبتز.
مشاركة :