لن أدخل في الجدل القائم حول الحرب والصراع بن أوكرانيا طموح الغرب ولا روسيا الشرق! ولا الجدل المبهم عن أصل فيروس كورونا، والأسباب التي أدت إلى ظهوره، أو طريقة اخراجه للوجود، أو الصراع البيولوجي الخطير الذي أصبح محط تنافس بين مختلف القوى العالمية، لكسب المعارك مستقبلا، بعيدا كل البعد، عن أهمية أسلحة الدمار التقليدية، والتي ربما ستصبح في خبر كان، لتعوض بقوة العلم غير النافع إلى أسلحة بيولوجية مدمرة للإنسان والحيوان في آن واحد! لكن الحديث عن الفيروس، والتنافس البيولوجي الجرثومي ومدى ارتباطات انتشاره بالاقتصاد والسياسة والإعلام والثقافة، يشكل جوهر البناء الجديد للعلاقات الدولية، المتشعبة المصالح، والمتنوعة المرامي والأهداف. فالصراع المالي والاقتصادي، والتنافس الواضح والخفي على كسب الاسواق، وبسط السيطرة على مختلف أنواع الثروات، علاوة على الاستمرار في أرجوحة ضمان الولاءات، في إطار التبعية الاقتصادية السياسية، قد يكون المحدد الرئيسي في ظهور جراثيم قد تكون مصطنعة أكثر منها طبيعية. إذ أن التنافس المحتدم حول النفوذ، بغية الحفاظ على المصالح الاستراتيجية للبلدان الوازنة، قد ينحرف، في اتجاه تدمير البيئة الطبيعية للبشرية جمعاء. مادام الكل أصبح يختزل في المال، والرأسمال المادي الصرف! ولعل تضارب المصالح، التي أصبحت شاهدة على نفسها، في هذا العالم، لخير دليل على ان الأمور أمست تتحرك وفق سياسات واستراتيجيات بعيدة المدى، لا يعلم بها إلا أصحاب القرار والأجهزة الاستخباراتية المتنوعة، لمختلف دول العالم، والتي تشتغل ليل نهار في إطار خدمة الامن القومي للوطن أولا واخيرا قبل وبعد كل شيء. حيث إن منطق الاحصائيات، التي تصدرها الهيئات والمنظمات الدولية، بخصوص تجارة الأسلحة، لدليل قاطع على حالة اللا أمان، الذي يعيشها العالم، من جراء التنافس الشرس، بين القوى الكبرى، حول الهيمنة على الأسواق والسيطرة على عقول سكان العالم، وذلك في إطار نمط استهلاكي موحد تهيمن عليه ثقافات، توظف مفهوم القوة، باسم حقوق الإنسان في كل شيء، لهدف واحد هو كسب العقول، لترويج المنتجات الخاصة بكل دولة للسيطرة على الأسواق، أو اشعال الحروب باسم الحرية والمدنية. وخير دليل على ذلك، ما وصلت إليه نتائج الفوضى الخلاقة المدروسة بدقة، والتي دمرت دولا، وشردت الملايين، وزعزعت استقرار الكثير من الأقطار. وزرعت الشك في النفوس. فأثرت على النمو الاقتصادي للبلدان، وساهمت في خلق نوع من اللا أمان النفسي والمالي والاقتصادي لمعظم الدول النامية! فما يحدث في سوريا والعراق واليمن وليبيا وفلسطين ودول اخرى كثيرة، لغريب بغرابة فيروس كورونا عند ظهوره واكتشاف تلقيحه وارجاع وهج إعلامه. في المقابل تطهر نوعية الثقافات، البسيطة الساذجة والبريئة، والتي تربط كل حدث بالعقاب الالهي، في اشارة تنم عن ضعف كبير، في فهم مجريات وخبايا وأسرار دهاليز السياسة العالمية. أمام هذا الوضع، ومن باب الحكمة، المطالبة بمعالجة الخلل الذي أصاب النظام العالمي الجديد، والذي هو نتاج لمخلفات الحرب العالمية الثانية. بحيث لا يعقل أبدا أن يبقى العالم، حبيس دول محددة داخل مجلس الأمن هي الآمر والناهي، في هذا العالم الواسع، في المقابل لا زالت الحروب مشتعلة في الكثير من بقاع العالم، ناهيك عن تدمير البيئة والتأثير عل الأرض التي تعد تراثا مشتركا بين جميع البشر. فما وصلت له الإنسانية من نفور في الثقافات، أصبح مدمرا لقيم التعايش وفق مبدأ الإنسانية الكونية، فأصبح البشر عدوا للبشر، وهمه تدمير البشر! بل وصلت وقاحة الإنسان والحضارة المزيفة، إلى درجة الاعتداء على التوازن البيولوجي للأرض، والتي يعيش فيها كل البشر. الفيروسات والحروب الخفية، هي عدوة مشتركة للبشرية جمعاء، لذا حظر الأسلحة البيولوجية، والتخلص منها قمة من قمم الإنسانية، التي نسعى أن تأخد مكانها، في هذا العالم الذي أمسى يخيف شيئا فشيئا! فعوض الصراع المحموم، بين القوى المؤثرة في العالم، من باب الضمير الإنساني، تغيير النظام العالمي القائم على الصراع، إلى عالم قائم على الأخوة الإنسانية. فالفيروسات تتحدى البشر، والحروب تقتل وتدمر الكل، بتطوير أسلحة جرثومية لقتل المزيد من البشر، فها هو فيروس سارس! وها هي أنفلونزا الخنازير! وها هي أنفلونزا الطيور! وها هو فيروس ايفولا! وها هو يلتحق من جديد فيروس كورونا الذي يحصد أرواح البشر من كل الجنسيات بدون تمييز. لكن الأسف، هو أن ينخرط الإنسان، في صنع الفيروسات أو إقامة مراكز للأبحاث، غير محصنة قد يخرج منها فيروس قاتل، قد يقلب موازين القوى والأحداث، ويحول الصراع بين الدول، إلى صراع من أجل البقاء وفقط. أعتذر عن الإزعاج وشكرا على تفهمكم!
مشاركة :