أزمة وقود تفاقم معاناة الفارين من العارك في الخرطوم

  • 4/25/2023
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

الخرطوم - أدى احتدام القتال في السودان إلى أزمة وقود تسببت في تقطّع السبل بالفارين من المواجهات، لتصطف طوابير الحافلات والسيارات أمام المحطات في انتظار تزويدها لتتمكن من مواصلة رحلة الهروب من الجحيم. تفترش شول ماييك مع أطفالها الستة أحد جانبي الطريق عند مدخل مدينة ود مدني جنوب العاصمة السودانية منذ أربعة أيام بعد أن فرّت مع أطفالها من الخرطوم، منتظرة الحصول على وقود أو وسيلة نقل للمغادرة إلى مكان آمن. وفي الماضي، كانت ماييك غادرت وطنها جنوب السودان بسبب الحرب واستقرّت في الخرطوم. قبل أربعة أيام، استغلّت تراجعا في حدة المعارك لتتوجّه نحو ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، الواقعة على بعد مئتي كيلومتر من الخرطوم. تسعى إلى الوصول إلى كوستي، أقرب مدينة سودانية من حدود دولتها، لكنها لم تجد بعد حافلة تقلّها مع أطفالها. وتقول ماييك لوكالة فرانس برس بينما تجلس وسط حقائبها على قارعة الطريق شبه الخالي من السيارات والمارة، "نعيش أنا وأطفالي هنا تحت الشمس منذ أربعة أيام.. نريد أي وسيلة نقل تقلّنا إلى كوستي، لكننا لم نجد حتى الآن". وقدّرت مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أن 800 ألف لاجئ من جنوب السودان يعيشون في السودان سيعتمدون على أنفسهم في العودة إلى وطنهم الذي فرّوا منه هربا من الحرب خلال سنوات ماضية. وتصطف المئات من حافلات النقل العام والسيارات الخاصة أمام محطات الوقود في مناطق عدة في انتظار تزويدها به. ويقول سائق إحدى مركبات النقل العام عبد الحليم أحمد "الوقود مقطوع وأسعاره ارتفعت جدا في السوق السوداء". ويقول عبدالرحمن حسين الذي يجلس محبطا قرب سيارته في صف المنتظرين "أنا هنا منذ 48 ساعة.. أريد فقط أن أصل إلى ولاية سنار حيث تقيم أسرتي". أما براء عبداللطيف وهو سائق حافلة فيؤكد أنه اشترى غالون البنزين بـ25 ألف جنيه من السوق السوداء. قبل الحرب، كان سعره 3000 جنيه. "أفضل من لحظات الرعب"   واندلع القتال في الخرطوم وعدد من الولايات السودانية بين قوات الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي" في 15 أبريل/نيسان ما أدّى حتى الآن إلى مقتل أكثر من 420 شخصا وإصابة نحو أربعة آلاف بجروح. وعلى ضوء هدنة نسبية بعد أيام، بدأ سكان الخرطوم من سودانيين وأجانب يفرّون إلى أمكنة أكثر أمنا، كما بدأت دول عربية وأجنبية إجلاء مواطنيها. وتقول السودانية فوزية عبدالرحيم إن الأهالي في ود مدني فتحوا مدرسة لعشر أسر خرجت من العاصمة، مضيفة "وصلتُ مع أفراد أسرتي الخمسة وليس لدينا أقارب هنا، لكن أهل الحي فتحوا لنا المدرسة". ويقول الأمين محمد عباس الذي وجد مع عائلته ملجأ في المدرسة "على الرغم من أننا نفترش الأرض، لكن ذلك أفضل من لحظات الرعب التي عشناها خمسة أيام قبل وصولنا إلى هنا". ووضعت الحرب في الخرطوم نظام الرعاية الصحية تحت ضغط هائل للتعامل مع حصيلة متزايدة للضحايا وخرجت معظم المنشآت الطبية من الخدمة. ولكن في ود مدني لا زالت المستشفيات تعمل وقد لجأ إليها العديد من الفارين. وفي مستشفى المدينة الرئيسي يقول الطبيب في قسم الطوارئ ماهر أحمد "منذ بداية الأحداث استقبلنا مصابين، كما استقبل قسم غسيل الكلى عددا من المرضى من الخرطوم". ويقول السوداني الريح محمد في المستشفى إنه ينتظر أن تجرى له جراحة لإخراج عيار ناري من قدمه، مضيفا "أصيبت قدمي بطلق ناري أمام منزلي في حي أركويت في شرق العاصمة". ورغم كل هذه المعاناة، نقطة إيجابية في بحر المأساة، فتحت مبنى سكني استأجر معظم شققه وافدون من الخرطوم، تجلس وداد عبد الحكم تبيع الشاي والقهوة وتقول "زاد دخلنا منذ أول أيام العيد ". الأمم المتحدة تتوقع فرار مئات الآلاف  وقال مسؤولون اليوم الثلاثاء إن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة تضع خططا لاستقبال مئات الآلاف من الذين يتدفقون عبر الحدود السودانية هربا من العنف، مضيفين أن الكثيرين منهم اضطروا للعودة إلى بلدان كانوا قد فروا منها في الماضي. وأكد مسؤولو المفوضية في مؤتمر صحفي في جنيف إنهم يتأهبون لفرار 270 ألف شخص عبر حدود السودان وهو رقم متوقع أولي يشمل اللاجئين السودانيين الذين يعبرون إلى جنوب السودان وتشاد وكذلك عودة من كانوا قد نزحوا من جنوب السودان إلى ديارهم. ولا يغطي هذا التقدير حتى الآن سوى اثنتين من الدول السبع المجاورة للسودان إذ لم يتم بعد إتمام التقديرات المتعلقة بالعدد المتوقع للنازحين إلى مصر وإريتريا وإثيوبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى وليبيا. ويستضيف السودان ما يربو على مليون لاجئ، كثيرون منهم فروا من صراعات في بلدان مجاورة مثل جنوب السودان. وفضلا عن ذلك تشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن عمليات النزوح الداخلي في السودان شملت 3.7 مليون آخرين. وقالت ماري هيلين فيرني ممثلة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في جنوب السودان إن المفوضية تخطط لاستقبال 125 ألفا من العائدين لديارهم، الذين يقيمون مؤقتا في السودان ولعبور نحو 45 ألف لاجئ سوداني جديد إلى جنوب السودان. وأضافت "نعلم أن عمليات العودة ستتم أولا ومعظمهم من الخرطوم ومن المرجح أن يكون تدفق اللاجئين بعد ذلك". ويقول مسؤولون في جنوب السودان إن عشرة آلاف لاجئ وصلوا إلى جنوب السودان بالفعل خلال الأيام الماضية. وقالت المفوضية إنها تتوقع عودة الكثيرين إلى مناطق من جنوب السودان "شديدة الهشاشة نتيجة الصراع أو تغير المناخ أو انعدام الأمن الغذائي، أو مزيج من الثلاثة". وصرّحت لورا لو كاسترو ممثلة المفوضية في تشاد، التي تفقدت منطقة الحدود الأسبوع الماضي أن المفوضية تخطط لاستقبال 100 ألف لاجئ من السودان على أسوأ التقديرات، مضيفة أن نحو 20 ألفا وصلوا بالفعل. وقالت عبر دائرة تلفزيونية من نجامينا "إنه حقا سباق مع الزمن لأن الناس بالفعل في أمس الحاجة إلى المساعدات". وذكرت المفوضية أن لديها تقارير عن بدء وصول بعض النازحين إلى مصر، لكن لا توجد بعد أرقام دقيقة.

مشاركة :