لم يتبق أمام البرلمان العراقي إلا أسبوعين فقط لإقرار قانون الموازنة الاتحادية الثلاثية، فيما لا تزال هناك تعديلات مهمة تشمل جوانب تستوجب العديد من الجلسات التي من المتوقع أن تحتد فيها النقاشات قبل إنجاز الصيغة النهائية بالتنسيق مع الحكومة لعرضها على التصويت. وأنهى مجلس النواب العراقي، القراءتين الأولى والثانية لمشروع قانون الموازنة العامة الاتحادية الذي قدمته حكومة محمد شياع السوداني للسنوات المالية 2023، 2024، 2025. لكن التعديلات التي طالب بها العديد من النواب تستوجب عقد اجتماعات مع وزارتي المالية والتخطيط لإعادة صياغة المواد المشمولة بالتغيير وجعلها تتفق مع خطط ومنهاج الحكومة، وهو ما من شأنه أن يعطل إقرار الموازنة خلال الأيام القليلة المتبقية. ورجح عضو اللجنة القانونية النيابية رائد المالكي، تمديد الفصل التشريعي لمجلس النواب بغية إقرار قانون الموازنة الاتحادية الثلاثية. ونقلت وكالة "شفق نيوز" عن المالكي قوله إن "الأيام المتبقية من الفصل التشريعي الحالي لا تكفي لإقرار قانون الموازنة العامة، بالتالي فإن مجلس النواب ملزم بتمديد الفصل التشريعي شهراً واحداً لحين إقرار القانون". وأضاف "الفصل التشريعي الأول للسنة التشريعية الثانية سينتهي في 9 مايو المقبل وبعدها سيدخل البرلمان في العطلة التشريعية لمدة شهر إذا تم إقرار قانون الموازنة في الأيام المقبلة". وكشفت اللجنة المالية النيابية، الثلاثاء الماضي عن وجود خلافات واعتراضات سياسية على مشروع قانون الموازنة العامة للدولة، مشيرة إلى أن تمريرها "لن يكون سهلاً". وقال عضو اللجنة جمال كوجر إن "قانون الموازنة لا يخلو من الخلافات السياسية، خصوصا وأن هناك اعتراض من قبل أطراف سياسية مختلفة على جعل الموازنة لثلاث سنوات، كذلك هناك اعتراض سياسي على حصص المحافظات المالية". وأوضح كوجر "بعد القراءة الثانية لقانون الموازنة، سوف يدخل قانون الموازنة في الحوارات والمفاوضات ما بين القوى السياسية لغرض الاتفاق والتوافق عليه، وبحث إمكانية تعديل بعض فقرات القانون، ولهذا تمرير الموازنة لن يكون سهلاً مع وجود الخلافات السياسية عليه". من جانبه، أكد الباحث في الشأن الاقتصادي والسياسي نبيل جبار التميمي، وجود اعتراضات سياسية وفنية على قانون الموازنة سيعرقل تشريع القانون في مجلس النواب. ونقلت وكالة "شفق نيوز" عن التميمي، قوله إن "قانون الموازنة المطروح أمام مجلس النواب، والذي تم قراءته قراءة ثانية يواجه، اختلافا سياسيا حول حصص توزيع الثروة"، موضحا أن "الحكومة تسعى لزيادة حصص وتخصيصات الوزارات على حساب حصص وتخصيصات المحافظات". وأوضح أن "الأطراف السياسية السنية، تسعى لزيادة تخصيصات المحافظات (تنمية الأقاليم) وحصص (صندوق إعمار المحافظات المحررة)، في مقابل ذلك الأطراف الكردية تدفع بإقرار الموازنة وهي راضية على ما تتضمنه نسخة الموازنة". وأضاف أن "بعض الأطراف الشيعية، ضمن الإطار التنسيقي، تخشى الموافقة على موازنة لثلاث سنوات خشية أن توقع للرئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني صك صرف مفتوح طيلة ثلاث سنوات، ينتفع منه السوداني لتعزيز مكانته السياسية ونفوذه خلال السنوات القادمة على حساب الأطراف الشيعية الأخرى". والاعتراضات النيابية الفنية -وفق الباحث في الشأن الاقتصادي والسياسي- تتعلق بحجم الموازنة التشغيلية المقدرة بـ 150 ترليون في حين يمكن أن تكون بحدود 105 ترليونات فقط بأعلى تقدير، وكل هذه الاعتراضات ستكون سبب رئيسي لعرقلة تمرير الموازنة خلال الفترة المقبلة". ومن جانبه، ذكر النائب معين الكاظمي أن "ملاحظات النواب على قانون الموازنة قد تلخصت في ثلاثة محاور مهمة". وأوضح الكاظمي أن "المحور الأول هو ضرورة خفض مجمل مبالغ الموازنة، من أجل تخفيض قيمة العجز فيها من 64 تريليون إلى ما دون ذلك، خصوصاً وأن هذه الموازنة قد رسمت لثلاث سنوات". وشدد على "ضرورة العمل لتخفيض الديون الخارجية التي بلغت 9 تريليونات جديدة للعام الحالي، وما يترتب عليها من فوائد كثيرة، وهذا هو المحور الثاني". وأشار الكاظمي إلى أن "المحور الثالث هو ضرورة الاهتمام بالتخصيصات المالية للمحافظات، حيث أورد المشروع الحكومي مبلغاً محدوداً لمشاريع تنمية الأقاليم ما يتطلب زيادته". ومن المرتقب أن تبدأ اللجنة المالية النيابية خلال الأيام المقبلة باستضافة الجهات التنفيذية ذات العلاقة لاسيما وزارة المالية والتخطيط من أجل إعادة صياغة المواد المرجحة للتعديل بطريقة قانونية لا تؤثر في خطط الحكومة. وكان مجلس الوزراء قد أرسل في وقت سابق مشروع قانون الموازنة لثلاث سنوات، يحمل مبالغ توصف بأنها الأعلى، ووصلت إلى 200 تريليون دينار، ذهبت 75 بالمئة منها إلى الجانب التشغيلي والمتبقي إلى الاستثمار.
مشاركة :