العلم في الصغر كالنقش على الحجر

  • 2/15/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

أكاد أميل كل الميل الى تصديق المقولة السائرة التي جاءت كعنوان لهذه العجالة، فالتعليم في الصغر كما أثبت علماء النفس والباحثون والتربويون يبقى منقوشا في ذهن الطفل، كما تنقش الرسوم أو الحروف على الصخر، وهذه حقيقة علمية لاجدال حولها، وازاء ذلك فإن غرس المثل والقيم والأخلاق الحميدة في أذهان الصغار يعد من الأساليب التربوية الصحيحة التي يلتزم بها المرء طيلة حياته. أردت بهذه الديباجة الشروع عبر هذه العجالة بالاشارة الى دراسة شاملة أعدتها اللجنة الوطنية بالمملكة لمكافحة المخدرات، لتحديد المفاهيم الوقائية من تلك الآفة، تمهيدا لإدراجها ضمن مناهج التعليم بالجامعات، وهذه خطوة تشكر للجنة، فالوقاية من المخدرات لابد أن تشمل الجميع وفي كل المراحل العمرية، بما في ذلك فئة الطلاب والطالبات بجامعات المملكة. غير أن التركيز على تبيان خطر المخدرات وآثارها السلبية الخطيرة على الفرد والمجتمع في السنوات الأولى من حياة الانسان تكون أجدى وأنفع، كما أرى، مصداقا لتلك المقولة الصائبة التي أتيت على ذكرها آنفا، وأكاد أقول إن غرس مبادئ الوقاية من المخدرات يجب أن يشمل رياض الأطفال أيضا، وليس طلاب وطالبات المرحلة الابتدائية فقط، وهذا من شأنه ارساء قواعد الوقاية طيلة الفترات الدراسية التي يمر بها الانسان، أي من فترة تلك الرياض الى الجامعة والى بقية حياة المرء. ولست في هذا المقام أقلل من أثر تلك الدراسة وأهميتها لمكافحة المخدرات الموجهة الى طلاب وطالبات الجامعات، غير أنني أظن أن الدراسة يجب أن تركز بشكل خاص على المراحل الأولى من عمر الانسان، وأقصد بها رياض الأطفال، والالتزام باستمرارية شرح وسائل تلك الوقاية طيلة المراحل الدراسية اللاحقة، فالمكافحة لابد أن تكون لها صفة الاستمرارية منذ الصغر وحتى مرحلة التخرج من الجامعة. ومشروع نبراس المتعلق بأمور الوقاية والمكافحة حقق الكثير من الانجازات في هذا الصدد، وفقا للاستراتيجيات والخطط العلمية التطبيقية المنتهجة، غير أنني أذكر القائمين على المشروع بأهمية التركيز على اعطاء الجرعات التحصينية اللازمة للطفل منذ التحاقه برياض الأطفال، وتنقله الى مراحل التعليم اللاحقة، فمن شأن تلك الجرعات - الضرورية - أن تبعد شبابنا تماما عن التفكير في تعاطي تلك الآفة في كل مراحل عمرهم. عقل الطفل كالعجينة اللينة التي يمكن تشكيلها كما يريد المربون والمرشدون والموجهون، وبالتالي فإن ثقافة الوقاية لابد أن تبدأ بالطفل أولا عبر كل الوسائل المبسطة التي تحذره من ويلات ومصائب وكوارث تعاطي تلك الآفة التي لاشك أنها سوف تعيق شباب الأمة ان انتشرت بين صفوفهم عن تحقيق طموحاتهم وصناعة مستقبلهم الأفضل، والمشاركة الفاعلة في بناء ونهضة وتنمية بلادهم. وتعزيز القيم الأخلاقية والاجتماعية في ذهن الطفل وحثه على كراهية تلك الآفة وتجنبها سوف يؤدي بالنتيجة الى تحقيق الهدف الأسمى الذي تنتهجه اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات بالمملكة، وسوف يؤدي الى تحقيق الغاية المنشودة من المكافحة بصورة دقيقة ومركزة، فالرؤية المستقبلية لوقف تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية لابد أن تشمل غرس معايير الوقاية في ذهن الانسان منذ نشأته الأولى. وما تقوم به اللجنة في الوقت الحاضر من أعمال حيوية في مجال الوقاية تذكر لها وتشكر عليها، لاسيما تلك المتعلقة بتفعيل دور المجتمع المدني في مجال مكافحة المخدرات والوقاية منها، غير أنني أعود الى ما بدأت به فأقول بأهمية التركيز على الناشئة منذ نعومة أظافرهم، مصداقا لتلك المقولة الشهيرة التي لاشك أن لها أثرها الكبير في الوقاية من تلك الآفة الخطيرة، التي أخذت تهدد كل المجتمعات البشرية دون استثناء بالويل والثبور وعواقب الأمور.

مشاركة :