ينشغل بعض الأكاديميين بالجامعات بالعمل الإداري الذي قد يصل إلى مرحلة الانشغال بقضايا إجرائية على حساب المخرجات والبحوث العلمية. الجامعات يعمل فيها موظفون يقومون بالأعمال الإدارية ومهام التنسيق وغيرها من تفاصيل العملية الإدارية. أحياناً يتجه تركيز الجامعة نفسها نحو القضايا الإدارية فتسيطر على وقت الأكاديميين ويصبح الإداريون بلا عمل. في تقييم الجامعات عناصر جوهرية مثل المخرجات، والبحوث العلمية، والمسؤولية الاجتماعية. وفي كل هذه العناصر يكون البحث عن الجودة وليس عن الحضور الإعلامي، أو كثرة الندوات والمؤتمرات وورش العمل والكراسي البحثية سريعة الانتشار دون أن تخضع حتى الآن للتقييم. الكيف وليس الكم هو الهدف الذي يجب أن تركز عليه الجامعات. وخدمة المجتمع لا يكفي فيها وجود تواصل إعلامي، وإنما برامج عملية وبحوث علمية تساهم في التطوير وحل مشكلات المجتمع. وفي مسألة الكيف، من المؤكد أن جودة الإنتاج العلمي هي المعيار الأهم وهذا أمر موجود في كل جامعات العالم ومطبق عندنا وعند غيرنا، ولكن حين يتحقق إنجاز علمي مهم يخدم المجتمع فهل نخضعه لأحكام الترقية وشروطها التي تتضمن بعض المعايير الكمية؟ الجامعات تقوم بدور ريادي في تنمية المجتمعات وتضم عقولاً وكفاءات علمية قادرة على الإثراء الفكري، والإضافات العلمية، وإحداث تطوير وتغيير في كافة المجالات. هي مؤسسات قيادية تنموية استراتيجية. ولهذه الأسباب يكون من الهدر إشغال تلك العقول بقضايا إجرائية، ولجان إدارية تسرق الوقت من مسؤولية أهم هي مسؤولية البحوث وخاصة البحوث التطبيقية. النشاط البحثي المتميز الذى يتجه نحو قضايا التنمية وقضايا البيئة وخدمة المجتمع هو الذي يميز جامعة عن الأخرى. ويلاحظ أن بعض الجامعات تكثف نشاط الندوات والمؤتمرات ذات الطابع الإعلامي التثقيفي، لا أنفي أهمية هذه الندوات والمؤتمرات فهي نشاط يساهم في خدمة المجتمع وتشكر عليه الجامعات، أما المبالغة في تنظيم هذه الفعاليات – من الناحية الكمية- فهو يؤثر على النشاطات الأخرى، خاصة أن هذه الفعاليات تحتاج الى إعداد مبكر وجهود تنظيمية ولجان وإجراءات وتفاصيل إدارية كثيرة تؤثر بالتأكيد على إدارة وقت الأكاديميين والباحثين الذين يشاركون عادة في الإعداد لمثل هذه الفعاليات. ليس المطلوب إلغاء تلك الفعاليات وإنما ترشيدها والتركيز على الكيف، والانتقال من مرحلة التوعية والتثقيف الى مرحلة تقدم فيها الحلول والتطبيقات والخطط المستقبلية. المرحلة تتطلب تطوير بيئة البحث في الجامعات وجعلها بيئة محفزة لاستثمار العقول الموجودة فيها التي أبدعت حين تواجدت في بيئة بحثية تحفز على البحث والإبداع والإبتكار. GablanY@NGHA.MED.SA
مشاركة :