«المعاناة» تفجّر إبداع فتيات سعوديات

  • 2/15/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

لم تثنِ الإعاقة شيماء الدليجان ذات الـ20 ربيعاً عن تحقيق طموحها، وإثبات ذاتها وجدارتها في مجتمعها، عبر «الرسم» الذي تهواه منذ صغرها، فبدأت محاولاتها باستخدام أقلام الرصاص والألوان الخشبية، إلى أن تمكنت من الرسم بالألوان المائية والزيتية والأكريلك، لتصبح رقماً في هذا المجال، متحديةً بذلك صعوبة استخدام يديها في الرسم ومسك الأقلام وريشة الألوان، إثر الشلل الرباعي الذي لازمها منذ ولادتها. هذه التجربة الفريدة كانت محل إعجاب زوار المهرجان الأول للأسر المنتجة لذوي الاحتياجات الخاصة، الذي نظمته أخيراً جمعية الأطفال المعوقين في الرياض، الذي شاركت فيه «شيماء» بركن صغير ضم عدداً من اللوحات التي تعبّر عمّا يخالجها من أفكار وأمنيات في عالمها الصغير، لكن ما لفت الزوار بجانب موهبتها هو شخصيتها الاجتماعية الفعالة التي دفعتها إلى التواصل مع الآخرين، وتبادل الحوار حول لوحاتها المعروضة للبيع. «شيماء» لا تزال تحلم بمواصلة الدراسة، إذ لم تستطع استكمالها جرّاء إعاقتها، ما دفعها إلى توجيه هذه الرغبة إلى تعلم كل ما يتعلق باستخدامات البرامج الحديثة في الحاسب الآلي، والأجهزة الذكية، فيما شاركت في العديد من المهرجانات ومسابقات الرسم والفنون، ونالت عليها الجوائز في مناسبات عدة، بينما تنتظر تحقيق حلمها الكبير وهو إقامة نادٍ خاص لذوي الاحتياجات الخاصة، مقترحةً اسما له بعنوان «نادي التفاؤل». وإذا كانت إعاقة شيماء جسدية ولوحاتها الفنية ذات طابع تفاؤلي، فالوضع مع فاطمة الحارثي التي تجاورها في المعرض مغاير تماماً، إذ إن إعاقتها نفسية متجذرة على مر السنين، ما انعكس سلباً على لوحاتها التشاؤمية التي تكشف عن خبايا نفسية معقدة بنظرة سوداوية، وبابتسامة باهتة غير مستقرة، تنهمك فاطمة التي لقبت نفسها بـ«عود الرماد» في الرسم وأطفالها الثلاثة يحيطون بها بهدوء من دون صخب. وتعود قصة فاطمة إلى حياتها الاجتماعية التي ذاقت في فصولها أصنافاً من العذاب، والتعنيف الجسدي والقهر النفسي من أزواجها الاثنين وأقاربها على مدى 35 عاماً، لكن المعاناة فجّرت طاقاتها الإبداعية في مجال الرسم، لترسخ مقولة أن الإبداع يولد من رحم المعاناة، فكما يبدو من رسوماتها التي استلهمتها من واقعها المؤلم وهي «اسكتشات» تتسم بلون رمادي، لا يخلو من مضمون دائرة العنف، والوحشية التي كانت تحيط بصاحبتها وتقول: «أدمنت الرسم منذ أن كنت في الـ12 عاماً، ورسوماتي تعكس ما بداخلي من رماد السنين، ألجأ إليها بين وقت وآخر، فهي متنفسي الوحيد في وسط عالمي الذي يلفني بالقسوة والألم»، وتضيف: «أريد أن أنسى الماضي بآلامه وأحزانه، أريد أن أزرع الحب والحنان في نفوس أطفالي، وأعوضهم عمّا كانوا يقاسونه من أحزان»، لافتةً إلى أن حلمها الوحيد هو بيت يأويها مع أطفالها ويحميها من التشرد، «لا أطلب سوى بيت يسترني وأولادي فأنا مهددة بالطرد بعد شهر من بيت «إمام مسجد» أسكنه صدقة من إحدى المحسنات». ويزخر مهرجان الجنادرية هذا العام بالعديد من الأنشطة الهادفة والمفيدة لزواره، منها البرنامج الوطني لمحو الأمية الحضاري التابع لوزارة التعليم «برنامج الحي المتعلم»، وهو يتناول بأسلوب مبتكر تجاوز محو الأمية الأبجدية إلى جميع سبل الحياة الضرورية. في حين لاقت لافتة «مشاعرنا نحو حماة الوطن» التي تم إبرازها في أحد مداخل جناح وزارة التعليم في مهرجان الجنادرية إقبالاً منقطع النظير وتهافتاً كبيراً من المواطنين والمقيمين، الذين عبّروا عن مشاعرهم في حب الوطن وحماته الذين يبذلون أرواحهم فداءً لبلدهم بلد الحرمين الشريفين ويحمون ترابه وسيادته، ضد أي معتدٍ، وتناولت اللافتة شكر الجهود الجبارة التي يبذلها حماة الوطن في تأدية واجبهم. فيما استقبلت قرية منطقة نجران التراثية بالجنادرية خلال الأيام الماضية أكثر من 1200 طالب من مختلف مدارس الرياض، اطّلعوا خلالها على أركان القرية، واستمعوا إلى شرح عن مشاركة منطقة نجران في المهرجان الوطني للتراث والثقافة في دورته الـ30 بالجنادرية.

مشاركة :