لماذا نكتب ولمن؟! - عبد الرحمن بن محمد السدحان

  • 2/15/2016
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

«يلحّ عليّ الخاطر بين الفينة والأخرى بهذا السؤال، لماذا تكتب ولمن؟! وأحسب أن سطوة هذا السؤال تمتدّ لتشمل كلَّ مَنْ شقي مثلي بفتنة الحرف، وهاجس الكلمة، وعشق الكلام المتاح! * * «وقد قرأت وسمعت الكثير تعليقاً على هذا السؤال، بعضها يثبط العزم إلى درجة الإحباط، والبعض الآخر يشدُّ الأزر، ويستفز القلم طلباً للمزيد، لكنّني لم أعثر بعد على ردَّ أو تعليق يعتق خاطري من مرارة السؤال وإلحاحه، ويمنحني قناعة تشدني إلى الكتابة أو تصرفني عنها، ولذا، لم أرَ بدّاً من طرح السؤال عبر هذا الحديث ومحاولة الردّ عليه رداً يدلني إلى سواء السبيل! * * «سأتعامل مع السؤال في ضوء الفرضية التالية: إن كانت الغاية من الكتابة إشباعَ الرغبة في اقتحام ساحة الشهرة فحسب، فأولى لفاعلها ثم أولى أن يعيد قلمه إلى (غمده) أو يئدهَ فـي الرمل، أو يقذفَ به في عرض البحر! «وهاكم بعض الأسباب: أولاً: إن (إبداع) الكلمة موقف ومسؤولية، وليسَ جرساً يستوقف الأسماعَ أو قبساً يْستنفرُ الأبصَار! ثانياً: إن الشهرةَ ليست غايةً، لكنها (حصادٌ) تراكمي للتعبير عن موهبة الإبداع في فن من الفنون، وهنا، يجوز القول إنها تسعى إلى صاحب العطاء الفذّ سعياً، وحين قال المتنبي رائعتهَ: (أنام ملء جفوني عن شواردها)، لم يكن يبتغي الشهرة تحديداً، لأنها كانت تسابق الريح إليه، ولأن قصيدة كهذه وغيرها جعلت السلف والخلف، يلوون الأعناق إليه إعجاباً ونقداً، فغدا (مشهوراً رغم أنفه)، ورغم كل الظروف التي كيفت القصيدة، مناسبةً ومضموناً، وحين صاغ (بيتهوفن) سيمفونياته التسع وغيرها، لم يكن يسعى إلى الشهرة، بل سعت إليه الشهرة بعد أن غزا نغمه الآفاق! * * وبعد ..، «فلو أدرك الناس بأس الكلمة، مقروءة أو مسموعة، لتردد بعضهم في طرق دروبها، لأن نتيجتها لا تخلو أن تكون واحداً من ثلاثة: *فإما أدانت صاحبها إدانة تنزله درك الحضيض! *وإما سمت به سمواً ينقله به إلى خلود الذكر والذكرى! *وإما انصرف الناس عنه، لا حباً له ولا كرهاً، بل عزوفاً عنه ليغدوَ كالزَّبَد يذهب جفاء! * * وبعد .. أيضاً: «الكتابة عندي عشق ليس كمثله عشق، أشقى به وأنعم في آن، ولو لم تكن كذلك، ما نازعتني إليها نفسي.. ولا كلف بها خاطري! لماذا؟ «لأنها موقف قبل أن تكون (توظيفاً) للحرف! «لأنها صراط أنقل عبره هاجس النفس المسيّر بحب هذا الوطن: كياناً وولاءاً وإنساناً! «وهي، أولاً وأخيراً، مسؤولية تُعلَّق بزمام الذمة، فإما أن يكون فاعلها أهلاً لها أو فليكف عنها صمتاً، وصمته هنا موقف، وقول فصل يقصر دونه كل بيان!! مقالات أخرى للكاتب التسترُ على متَخلّف في بلادنا (تخلّف) في الولاء لها! متى يكون الصمت نعمةً أو نقمةً؟! محطتان لا تغيب عنهما شمس الذكرى! وسقط قناع الاثم الفارسي! هل نحن قوم مسرفون ؟!

مشاركة :