الدلافين حيوانات ذكية واجتماعية، لكن في الوقت نفسه، هناك جوانب أخرى قاتمة في حياتها يقشعر منها البدن. السمعة التي تحظى بها الدلافين هي أنها حيوانات ذكية، ولطيفة، وتحب اللعب وإظهار مهاراتها. لكن الحقيقة هي أنه بالرغم من أن تلك السمعة الجيدة التي تحظى بها صحيحة، تمارس الدلافين أمورا أخرى سيئة، مثل التحرش الجنسي، وممارسة الجنس مع أفراد العائلة من الدرجة الأولى، وقتل الصغار. يا لها من دلافين سيئة. الدلافين حيوانات ذكية، وكل من رآها تمارس الألعاب، والحركات البهلوانية يعرف ذلك. ولمن يشكون في هذا، هناك عدد كبير من الدراسات التي تكشف عن النواحي الإدراكية التي تتمتع بها الدلافين. وتركز معظم هذه الدراسات على أكثر نوع شائع ومعروف من الدلافين، وهي تلك التي تعرف باسم الدلافين ذات الأنف القاروري. وفي دراسة نشرت عام 1984، قام الباحثون بتدريب أنثى دولفين من هذا النوع أطلقوا عليها اسم أكيكاماي على تقليد أصوات يصدرها الكمبيوتر. فكانت الأصوات الإلكترونية وأصوات التقليد التي صدرت عن الدولفين متشابهة بشكل ملحوظ. أظهر الدولفين أكيكاماي أيضا سرعة في الربط بين عدة أشياء والأصوات التي تصدرها، مع الربط بين كل شيء والصوت الذي يصدره، على حدة. أي أنها تعلمت كلمات جديدة من الأساس. كذلك تحقق الدلافين البرية نتائج مشابهة. فكل دولفين له صوته المميز الذي يساعد في تحديد هويته، ويقوم ذلك الصوت الميز للدولفين مقام الاسم. وعندما سجل الباحثون هذه النداءات، كان رد الفعل من الدلافين يظهر أنها تعرف من هو الدولفين الذي يطلق النداء. كما تتمتع الدلافين بالقدرة على تذكر بعضها البعض. فقد كشفت دراسة في عام 2013 أن الدلافين الحبيسة يمكنها تذكر الإشارات الصوتية لعدة سنوات، وأحياناً لعشرات السنين. ففي إحدى الحالات، تجاوبت أنثى دولفين أطلق عليها اسم ألي في حديقة حيوان بروكفيلد مع صوت الدولفين بايلي من منطقة برمودا، رغم أنهما لم يلتقيا منذ أكثر من 20 عاماً. والأكثر إثارة للدهشة، أنه في عام 2001 ، اجتاز اثنان من الدلافين قارورية الأنف في متحف الأحياء المائية في مدينة نيويورك اختبارا يعرف باسم اختبار المرآة. فبعد أن رسم الباحثون أشكالاً ونماذج على جلد الدلافين باستعمال أقلام ذات حبر غير سام، قامت الدلافين بالسباحة بسرعة إلى مكان محدد وضعت فيه مرآة، وقضت أوقاتاً طويلة في تفحص نفسها. هذا يعني أنه يمكن لها التعرف على نفسها، على الأقل لدرجة معينة، وهو ما تستطيع قلة من الكائنات الحية القيام به. لكن الدراسات كشفت أيضاً عن جوانب أخرى مظلمة في حياة الدلافين، فهي لا تتصرف ببراءة على الدوام. يقول ريتشارد كونور، مدير برنامج البحوث الخاص بالدلافين بجامعة ماساشوسيتس: الدلافين ذكية جداً، لكنها يمكن أن تكون سيئة ومخادعة كما هو الحال عند البشر. ويشهد موسم التكاثر منافسة حادة بين الإناث. وخلال فترة الثمانينيات، كان كونور وزملاؤه الأوائل في توثيق الطريقة العدوانية التي تسوق بها ذكور الدلافين الإناث الجاهزة للتكاثر في خليج شارك باي في أستراليا. وقال هؤلاء الباحثون في دراسة نشرت عام 1992: تبدأ عملية سوق إناث الدلافين (ومطاردتها في اتجاه معين) عندما يحاصر ذكران أو ثلاثة إحدى الإناث. ويقوم الذكور بذلك من خلال الانطلاق بسرعة نحو الأنثى. وفي إحدى حالات التزاوج تلك، استمرت عملية مطاردة إحدى الإناث والعدوان عليها لمدة 85 دقيقة، وغطى ذلك مسافة 7كيلومترات. وبمزيد من الملاحظة، أصبح واضحاً أن هذه الرابطة بين ذكور الدلافين وثيقة بشكل لا يصدق. فالفرق الصغيرة من الذكور تكون في العادة فيما بينها جزءاً من تحالف أوسع وأكبر، ويضم كل تحالف من هذه التحالفات ما يصل إلى 14 ذكراً. ومن الواضح أيضاً أن الإناث لديهن عزوف عن المشاركة في عملية التزاوج. يقول كونور في بحثه عام 1992: يشمل عدوان الذكر تجاه شريكته المطاردة، والضرب بالذيل، والعض، وهز الرأس، والمهاجمة، وارتطام جسد الذكر بجسد الأنثى. وقد حوصرت الإناث مراراً وتكراراً وتمكنت من الفرار من الذكور مرة من بين كل أربع محاولات. يقول كونور وزملاؤه: على مدار السنة، تكون الأنثى قد تعرضت لتلك المطاردات من قبل عدد كبير من التحالفات (من الذكور) على مدى شهور مختلفة. جهود الأنثى الحثيثة للهروب من سطوة الذكور يمكن أن تكون نتيجة لحقيقة شريرة أخرى عن الدلافين. خلال عامي 1996 و1997، انتحر 37 من الدلافين قارورية الأنف على شواطيء فرجينيا. ظاهرياً، لم يكن هناك سوء قد أصابها، لكن تشريح الدلافين النافقة، وأغلبها من الدلافين صغيرة السن، كشف عن وجود أدلة على تعرضها لصدمات مباشرة شديدة. معظم الإصابات كانت في الرأس والصدر. وكذلك كسور مضاعفة في الأضلاع، وجروح رئوية، وكدمات ظاهرة في الأنسجة، حسب دراسة نشرت عام 2002. وكانت هناك أدلة كثيرة على أن الدلافين البالغة هي المسؤولة عن موت هذا العدد من الدلافين الصغيرة. وقد رأى أحد الباحثين سلوك الدلافين في عدة مناسبات وأطلق عليه اسم ضرب صغار الدلافين قرب مياه شاطيء فرجينيا. ويبدو أن ضرب صغار الدلافين يعد نوعا من التسلية، لكنه يمكن أن يكون أيضاً طريقة تتبعها ذكور الدلافين البالغة لضرب الدلافين حديثة الولادة حتى الموت، لإرغام أمهاتها على العودة إلى الممارسة الجنسية والتفرغ للذكور. في عام 2013، رأى الباحثون عددا من ذكور الدلافين يهاجم دولفين حديث الولادة، لكن في هذه الحالة تمكن الصغير من الإفلات منهم. وإذا كان هناك خطر حقيقي وقائم على وجود دلافين رضيعة ترعاها الإناث داخل مجتمع الدلافين، فإن الأنثى تجتهد لمعاشرة عدة ذكور من مختلف المجموعات المتحالفة، كما يقول كونور، للحفاظ على وليدها. بهذه الطريقة، لن يكون باستطاعة الذكور أن يعرفوا من هو والد ذلك الدولفين الصغير من بينهم، وبالتالي يقل احتمال تعرضه للقتل على أيديهم. ويضيف كونور أن إناث الدلافين أيضا لا ترغب في أن تكون حركتها مقيدة. هناك مفاجأة أخرى تكمن في سلوك الدلافين التزاوجي. ففي عام 2004، كشف بحث عن سكان خليج شارك باي الأسترالي أن الدلافين تمارس أحياناً الجنس مع أفراد العائلة من الدرجة الأولى. فأحد الذكور، وكان يطلق عليه اسم بي جي إيه، أصبح أباً عام 1978، ثم أنجب من ابنته عام 1993، أي بعد 15 عاماً. يقول كونور: شاهدنا دلافين تطارد أمهاتها كجزء من فريق ثلاثي من الذكور. وفي نفس السياق، أكدت دراسة نشرت عام 2010 أن معدل الإنجاب من أفراد العائلة داخل مجتمع الدلافين أعلى مما كان متوقعاً. فهل مازلت تعتقد أن أسماك القرش هي المزعجة؟ يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Earth.
مشاركة :