منذ عام 1886، عندما أطلقت ألمانيا، أول نموذج من سيارات بنز، يعمل بمحرك احتراق داخلي بثلاث عجلات، بدأت الدول الدخول في مجال السيارات، وقامت فرنسا وأميركا واليابان بإنتاج عدد من موديلات السيارات الجديدة، وأوروبا بإنتاج السيارات الفاخرة المزودة ببعض التقنيات الأكثر حداثة. وعلى مدى هذه السنوات لم يتوقف قطاع صناعة السيارات، بإيراداته الضخمة التي تناهز، 3 تريليونات دولار سنوياً، عن التطور، لتوفير سبل المواصلات للناس، حيث يقدر عدد السيارات التي تجوب طرقات العالم، بما يزيد عن مليار سيارة. واتسمت المرحلة الثانية، بمشاركة المؤسسات التي تركز على التقنيات الحديثة، وبانضمام الصين لركب صناعة السيارات. ورغم بدايتها المتعثرة والمتأخرة، لكن الصين تفوقت في عام 2009، على أميركا، كأكبر سوق للسيارات في العالم، كما تجاوزت ألمانيا في عام 2022، كثاني أكبر مُصدر للسيارات في العالم. واستهلت شركة تسلا، مشوار صناعة السيارات التي تعمل بالكهرباء، حيث يعكس بروز «تسلا» بجانب الصين كمنافس قوي، تغييراً غير مسبوق في القطاع، كما بات التحول نحو السيارات التي تعمل بالكهرباء اليوم، حقيقة ملموسة. ورغم أن عدداً قليلاً من الشركات، لا تزال تبذل جهوداً في مجال خلايا الوقود التي تعمل بالهيدروجين، إلا أن بطاريات أيون الليثيوم، هي التقنية السائدة. وبلغت حصة مبيعات السيارات الكهربائية، واحدة من بين كل 10 سيارات في عام 2022، وبإضافة السيارات الهجين، شكلت السيارات الكهربائية، 13% أو نحو 10.5 مليون، من جملة مبيعات السيارات في العالم. ويقدر نصيب الصين، بنحو 6.1 مليون سيارة، من مبيعات السيارات الهجين والكهربائية. وبلغت مبيعات «تسلا»، أكبر شركة في العالم لصناعة السيارات الكهربائية، 1.3 مليون سيارة، خلال عام 2022، ولم تتجاوز مبيعات «فولكس فاجن»، التي تحل في المرتبة الثالثة، 570 ألف من السيارات الكهربائية، أي ما يعادل 7% من جملة مبيعاتها، بحسب «ذي إيكونيميست». وبينما أحدثت تقنية الكهرباء، تغييراً جذرياً في صناعة السيارات، ما زالت الموديلات القديمة، تعتمد على تعقيد وتكلفة محركات الاحتراق الداخلي، لجعل المنافسة أكثر صعوبة للشركات الأخرى. وينجم عن إنفاق مليار دولار لتطوير محرك احتراق داخلي، ومليار أخر لعمليات الطباعة والصبغ وخطوط الإنتاج، لإنشاء شركة جديدة بمعدل إنتاج يتراوح بين 150 و200 ألف سيارة سنوياً، بروز عقبات ضخمة أمام إمكانية الدخول للقطاع. لكن نتيجة لعدم تعقيد البطاريات والمحرك الكهربائي نسبياً، تلاشت بعض هذه العقبات. وتحذو مجموعة من الشركات الناشئة في كل من الصين وأميركا، حذو شركة تسلا في الوقت الحالي. وساعدت تقنية السيارات الكهربائية، شركات الصين الراسخة، التي لم تجد حظها في الأسواق العالمية بسبب عدم إلمامها بتقنية محركات الاحتراق الداخلي، في الحصول على حصص كبيرة في هذه الأسواق. ورغم الانتعاش الذي شهده سوق السيارات بفضل المشترين الصينيين الجدد، إلا أن المبيعات تراجعت خلال الـ 3 سنوات الماضية، بسبب تشبع السوق وتدهور الاقتصاد العالمي، بجانب جائحة كوفيد 19. ومن ذروته عند 73 مليون سيارة في عام 2017، تراجع الإنتاج، لنحو 62 مليون خلال عام 2022. ومع تفاوت التوقعات بشأن مبيعات السيارات، لكن يبدو أن مستقبل نموها، موعود بالبطء. وبينما ترجح مؤسسة جارتنر الاستشارية، عودة المبيعات لمستويات 2019 ولكن دون تجاوزها، تتوقع ماكينزي، تراوح المبيعات السنوية بين، 70 و95 مليون بحلول عام 2035. ويتركز معظم هذا النمو، في الأسواق الناشئة مثل، أفريقيا والهند وأميركا اللاتينية وجنوب شرق أسيا، حيث يكون معظم الطلب على السيارات الرخيصة. ويرى بعض المتفائلين، عدم تجاوز نمو مبيعات السيارات في الصين لنسبة 2.3% سنوياً خلال العقد المقبل، بالمقارنة مع 7% في العقد الماضي. 1.3 مليون سيارة مبيعات شركة تسلا العام الماضي ويكمن الاختلاف بين موديلات السيارات في المستقبل، في البرامج المزودة بها ومدى إدراك السائقين لاستخدامها، ما يساعد شركات الإنتاج، في جني المزيد من الأموال، كما يستمر السباق، في مضمار السيارات ذاتية القيادة، حيث قطعت بعض الشركات شوطاً مقدراً في هذا الاتجاه. وتشكل الاضطرابات الجيوسياسية بين الصين وأميركا، نوعاً من الاختبار لقطاع السيارات العالمي، ويهدد ارتفاع الرسوم الجمركية وزيادة القيود المفروضة على تبادل التقنيات والعقبات التي تعترض سلاسل التوريد، فضلاً عن الزيادة الكبيرة في الدعم الحكومي للصناعة المحلية، بتوقف أو حتى تحول مسيرة العولمة. ويعني ذلك بالنسبة للشركات الكبيرة، ضرورة التغيير الجذري وإعادة النظر في العمليات الهندسية، حيث تمتلك هذه الشركات، العديد من المزايا مثل، خبرة التصنيع وقوة الموديلات وسهولة الحصول على التمويل.
مشاركة :