قبل ثلاث سنوات، وفي الاجتماع السنوي لمساهمي شركة ستاربكس؛ اعترض أحد المساهمين على الرئيس التنفيذي للشركة لدعمها المتواصل لزواج المثلييّن وأن هذا الدعم قد تسبب برأيه في خسارة لشريحة كبيرة من عملائها، فكان رد الرئيس التنفيذي: "ليس كل قرار يتخذ في الشركة هو قرار اقتصادي! ولك الحق كـمساهم في بيع أسهمك وشراء أسهم من شركات أخرى". وفعلاً بعد سنتين من هذا المؤتمر تم السماح بشكل رسمي بزواج المثليين، والذي يرجع للتغيّر الكبير في فكر الشارع الأمريكي نتيجة دعم جهات عديدة لهذه القضية مثل ستاربكس، وتعد نقطة تحوّل في تاريخ الولايات المتحدة. كثير من الشركات على غرار ستاربكس تسعى ما أمكنها لخدمة قضاياها، قيمها، معتقداتها التي تؤمن بها وتعمل على نشرها. المادة بلا شك هي أساس قيام المنظمة وتحقيق الربح هو سبب استمرارها، لكن قيم المنظمة ورسائلها هي التي تبعث الروح في هذا الكيان وتحرّكه نحو تحقيق ما هو أسمى من هذه المادة. هذه الفلسفة في العمل تغيب عن كثير من منظماتنا، قد يتبناه البعض منها على شكل مبادرات اجتماعية خجولة لقضايا هامشية ثانوية، لكن القليل فعلاً من يتبنى قيم ورسائل تحقق تغيير مجتمعي أفضل وتأثير كبير ملموس على المدى البعيد. نعتز بالهوية العربية؛ عند السؤال. وغالب مراسلاتنا واجتماعتنا تطغى عليها اللغة الأجنبية. نفخر بهذا الإسلام؛ عند السؤال. وثقافة "الإحسان" تغيب في كثير من جوانب عملنا. خلال السنين القادمة، ستشهد المملكة تحولاً كبيراً في اقتصادها.. عبر خصخصة كثير من قطاعاتها، وستلعب الشركات دوراً أكبر في نشاط الدولة وحياة المجتمع. كيف سيكون انعكاس ذلك على ثقافتنا وحياتنا لو تبنّت الشركات تلك القيم التي تسمو بنا وتأخذ بحياتنا نحو الأفضل! والعبرة بكل تأكيد ليست بحجم الإنفاق إنما بحجم "التأثير".
مشاركة :