كريمة ديلينة.. أعمال فنية تحتفي بالحب والتسامح

  • 5/1/2023
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

«أحبوا» هو العنوان الذي اختارته الفنانة المغربية الفرنسية كريمة ديلينة لمعرضها، الذي نظمه مؤخراً في الرباط. تخط الفنانة كريمة ديلينة مسارها الجمالي مُوظفة مفرداتها التي تحيل على المرأة رغبة منها في تجاوز الحرمان، الذي عانته في طفولتها بعد حرمانها من حنان الأم ذات طفولة بعيدة، كما توظِّف في لوحاتها المعمار المغربي وتراث المدن المغربية والأزياء القديمة بتدرجات وسيولة لونية، كأنها موسيقى هادئة يستشعرها متلقي عملها الفني ويكسبها الكثير من الجمالية والشاعرية، محاولة منها لتجسيد حبها لوطنها المغرب بعد ما عاشته من غربة واستقرارها بفرنسا، وتنقلها بين عدد من الدول لعرض أعمالها الفنية، التي رحبت بها أروقة ومتاحف معروفة في بلدان عدة مثل الإمارات وفرنسا ومصر وبلجيكا وتركيا. أبعاد جمالية الفنانة كريمة ديلينة تمنح اللوحة أبعاداً جمالية مُغايرة تتمثل في ظلال الجسد التي تشتغل على إظهارها بتفاصيل متنوِّعة تعكس مستوى المهارة التلوينية التي صارت لديها مثل توقيعات تصاحبها في كل إبداعاتها وبصماتها، هي، كما قال الناقد الفني إبراهيم الحيْسن متنفّسها الذي تتغلب به على حالات التعب والقلق، وبقدر ما هي بورتريهات وأجساد، فهي أيضاً الفنانة نفسها في حدود مشاعرها وأحاسيسها الرهيفة التي تَسِمُهَا في الفن والحياة، لاسيما وأنها تعيش غربة أظهرت لها صراعات الإنسان داخل بيئة مُغايرة تعجُّ بنمط عيش سريع محكوم بالجنوح نحو فردانية حتمية كرَّستها تحوُّلات ما بعد الحداثة. هذه الأحاسيس المجسَّدة على اللوحة، يقول إبراهيم الحيْسن في كلمته بمناسبة هذا المعرض، تعكس المفاهيم الإنسانية والقيم الرمزية التي تحتفي بالوجود الإنساني، كالحب والتسامح والتعايش. بذلك، أدركت الفنانة رسالة الفن ودوره المؤثر في تشكيل الفكر المجتمعي وموقفه تجاه كل الأمور المتصلة بالمصير وبأسئلة الحياة الكبرى. للرسامة كريمة طقوس وعوائد خاصة تحرِّكها كلما تواجدت بالمرسم، فهي تختار ألوانها وشخوصها بعناية وتحضِّرها قبل اختراق بياض القماش، الأمر الذي يساعدها على تدبير أوقات اشتغالها والتحكم في خرائط تلويناتها التي تتماهى فوق السند باحتفالية طيفية مبهجة تثير حالات الاطمئنان والارتياح البصري لدى المتلقي. ولا شك أن الفنانة كريمة بهذا المنجز الصباغي قد أوجدت لنفسها الأسلوب التعبيري الشخصي ذا العمق الإنساني الذي يُلائم ثقافتها ويتناغم مع اختياراتها الجمالية، ضمن سياق إبداعي راهني أضحى يتأسَّس على مفهوم اللون والمعادلات البصرية المتولدة عن استعماله.. بورتريهات شاردة ترانا بعيون جاحظة متحدِّقة، أجساد ممدَّدة وأخرى منعزلة وقانطة صاغتها الفنانة بخامات وصبغات عديدة خاضعة لإملاءات الذهن وحركات اليد. ففيها تحريكات وتسريحات لونية متباينة، مكثفة ومتجاورة ترسم في تعاضدها الانسجام الجمالي المفترض بين الخلفية والموضوع.. هذا الموضوع (الوجه والجسد) أمسى يشكل رهان الفنانة كريمة ويُبرز أفقها الجمالي الذي راهنت عليه منذ بواكيرها الفنية الأولى.

مشاركة :