نقضت المحكمة الاتحادية العليا حكماً قضى بحبس فلبيني شهرين والإبعاد عن الدولة، وذلك على سند أخذ اعترافات المتهم باللغة العربية دون الاستعانة بمترجم يجيد لغة المتهم حال كونه أجنبياً، بما يجعله اعترافه باطلاً، وأحالت القضية إلى محكمة الاستئناف لنظرها مجدداً. وفي التفاصيل، أحالت النيابة العامة متهماً إلى المحاكمة بتهمة هتك عرض فتاة بالإكراه، إذ قام بإمساكها بيدها وصدرها، وقام بتقبيلها وحاولت منعه من ذلك، ولم تتمكن، مطالبة عقابه. وقضت محكمة أول درجة بمعاقبة المتهم بالحبس ستة أشهر عن التهمة المسندة إليه، مع إبعاده عن الدولة، بعد تنفيذ العقوبة، ثم استأنف المحكوم عليه هذا الحكم، فقضت محكمة الاستئناف بتعديل العقوبة بحبس المتهم ثلاثة أشهر، وتأييد الحكم الأول فيما عدا، ولم يلق هذا الحكم قبولاً لدى المتهم فطعن عليه، وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن. وقال دفاع المتهم في طعنه، إن الحكم أخطأ في تطبيق القانون، إذ دان المتهم بناء على اعتراف منسوب إليه في محضر الاستدلالات رغم بطلان هذا الاعتراف، ذلك إن الثابت في الأوراق أن المتهم لا يجيد اللغة العربية، وأن الاعتراف المنسوب إليه أخذ منه من دون مترجم، الأمر الذي يوصم الاعتراف بالبطلان، ومن ثم لا يجوز التعويل عليه والأخذ به. وأيّدت المحكمة الاتحادية العليا طعن المتهم، موضحة بحسب المادة (70) من قانون الإجراءات الجزائية، أنه يجرى التحقيق باللغة العربية، وإذا كان المتهم أو الخصوم أو الشاهد أو غيرهم ممن ترى النيابة العامة سماع أقوالهم يجهل اللغة العربية، فعلى عضو النيابة العامة أن يستعين بمترجم بعد أن يحلف يميناً بأن يؤدي مهمته بالأمانة والصدق، ويدل ذلك على ما جرى به قضاء هذه المحكمة على أن المشرّع قد أوجب إجراء التحقيق باللغة العربية، كما أوجب على الجهة المنوطة بها إجراؤه، إذا كان المتهم يجهل اللغة العربية أن تستعين بمترجم لأخذ أقواله، بعد أن يحلف يميناً أمامها، بأن يؤدي مهمته بالأمانة والصدق، ما لم يكن قد حلفها من قبل عند تعيينه أو الترخيص له لمزاولة مهنة الترجمة، وهو إجراء جوهري لازم، يتعين تحقيقه قبل استجواب المتهم الأجنبي، وإلا كان هذا التحقيق باطلاً، ويستطيل هذا البطلان إلى الدليل المستمد منه، والحكم الذي عول في قضائه على هذا الدليل الباطل، وهو ما يسري أيضاً على إجراءات الاستدلال. وأشارت أيضاً إلى أنه لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن اعتراف المتهم الأجنبي، الذي يجهل اللغة العربية بمحضر جمع الاستدلالات الذي أقام حكم الاستئناف قضاؤه من دون الاستعانة بمترجم محلف لأخذ أقواله، يصم هذا الاعتراف والحكم بالبطلان. وأكدت المحكمة إن محكمة الموضوع لها أن تأخذ بأقوال المجني عليه، في أي مرحلة من مراحل الدعوى، وأن تعول عليها في مجال ثبوت الجرائم التعزيرية، متى اطمأنت إلى صحة هذه الأقوال، إلا أن ذلك مشروط بأن تقترن هذه الأقوال بقرائن قوية تؤكدها.
مشاركة :