دومًا ندعو الله في صلواتنا وخلواتنا بأن يهدينا الصراط المستقيم، فما المقصود بهذا الصراط الذي جاء مرتبطاً في كتاب الله بلفظ الهداية من الله تعالى؟ بالنسبة للتراثيين الشرعيين فقد ذهب أغلبهم بالقول إن المقصود به جسر يمتد بين الجنة والنار أدق من الشعرة وأحد من السيف وتحته جهنم وحوله كلاليب وكل البشر تمر عليه يوم القيامة بعضهم يمر كلمح البصر والبعض كالبرق ثم يتدرج المرور عليه حتى يسقط حامل الذنوب في جهنم، وهذا التفسير غير العقلاني مثقل بالخيال وغير صحيح البته بل هو استخفاف بالعقول وفيه تضليل وكذب على الله تعالى وعلى رسوله. والحقيقة أن المقصود بالصراط المستقيم هو الطريق إلى الله من خلال الابتعاد عن كل ما حرمه تعالى والالتزام بأوامره واجتناب نواهيه التي وردت في كتابه الكريم والتي ارتبط بها ذكر عبارة الصراط المستقيم والتي لخصتها فيما يلي: (عدم الإشراك بالله تعالى، وبالوالدين إحسانا، وعدم قتل الأولاد خوفاً من الإملاق، وعدم ارتكاب الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وعدم قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وعدم الاقتراب من مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده، والوفاء بالكيل والميزان بالقسط، والعدل في القول والفعل ولو كان ذا قربى، والوفاء بعهد الله تعالى، وعدم الاعتداء على الغير، وما نهى الله عنه تعالى مثل: لا تعثوا في الأرض مفسدين، ولا تلبسوا الحق بالباطل، ولا تقف ما ليس لك به علم، ولا تمش في الأرض مرحًا، ولا تصعر خدك للناس، ولا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى، ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل، ولا تنابزوا بالألقاب ولا يسخر قوم من قوم، ولا يغتب بعضكم بعضًا، ولا تجسسوا ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب). واتباع أوامره سبحانه مثل: اخفض جناحك للمؤمنين، واغضض من صوتك، واقصد في مشيك، وأعرض عن الجاهلين، وخذ العفو وأمر بالمعروف، وادفع بالتي هي أحسن، وادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، اجتنبوا كثيرًا من الظن، وأدخلوا في السلم كافة، وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها، وتصدقوا على ذي القربي واليتامى، وأطعموا البائس الفقير، وآتوا اليتامى أموالهم، وأنفقوا مما رزقناكم، وقولوا قولا سديدًا، وقولوا للناس حسنًا، وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، وأحفظوا ايمانكم، وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم، وأوفوا الكيل إذا كلتم، وزنوا بالقسطاس المستقيم، وكونوا مع الصادقين، وأوفوا بالعقود، وكونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم. وقد اخترت عددًا قليلًا من الآيات التي ورد فيها ذكر الصراط المستقيم مثل قول الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ)، (مَن يَشَأ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)، (يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)، (وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)، (إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ)، (وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ).. ويقيني أن في تلك الآيات الإجابة الشافية.. والله من وراء القصد.
مشاركة :