ومنذ إقالة رئيس الوزراء الأسترالي عام 1975 وصولاً الى استفتاء عام 1999 حول مسألة إنشاء جمهورية، كان دور الملكية يثير دائما الجدل في هذه المستعمرة البريطانية السابقة. وتظهر استطلاعات الرأي الأخيرة أنّ الأستراليين بمعظمهم يؤيّدون قيام جمهورية. لكنّ هذا النقاش لا يحتلّ حاليا مقدمة الساحة السياسية المهتمة أكثر بمشروع الحكومة العمّالية إدراج حقّ السكان الأصليين بان تتم استشارتهم بالمواضيع التي تهمّهم، ضمن الدستور من خلال استفتاء ينظّم بحلول نهاية السنة. وعلى الرّغم من أنّهم السكّان الأوائل للقارة-الجزيرة فلم يتم ذكرهم في دستور عام 1901 وقد جرّدوا من حقوقهم على مرّ القرون. وبالنسبة لرئيس الوزراء أنتوني ألبانيزي فان هذا الأمر سيكون خطوة أولى نحو تصويب ظلم استمر لفترة طويلة. وبحسب استطلاعات الرأي الأخيرة، فإن لهذا المشروع الحكومي فرصة جيدة بان يعتمد، رغم معارضة الأوساط المحافظة التي تعتبر أنه يسعى إلى "تقسيم البلاد". - رمز معاناة- وبالنسبة للعديد من السكان الأصليين، يظلّ التاج رمزاً قويا للمعاناة التي تسبب بها المستعمرون البريطانيون الذين وصلوا للمرة الأولى عام 1788 الى ما أصبح اليوم ميناء سيدني. وأشرف التاج البريطاني على نهب أراضي السكان الأصليين كما تقول هانا ماكغليد المحامية والباحثة من مجتمع السكان الأصليين. وتضيف أنّ أفراد العائلة المالكة "لعبوا دوراً رئيسياً في تجريد الشعوب الأصلية من أملاكها" بدون ان يخضعوا أبدا "لمحاسبة". وتتابع "شعبنا يعاني" من هذا الأمر. وحين كانت استراليا تحت هيمنة الاستعمار البريطاني، طُرد السكان الأصليون من أراضيهم وأخضعوا للعمل القسري وتعرضوا لمجازر خلال مواجهات دامية مع المستعمرين البريطانيين. وبحسب المؤرخة سيندي ماكريري من جامعة سيدني، فإنّ رأي الشباب الأسترالي بشأن الملكية يرتبط بشكل وثيق بمسألة معاناة السكان الأصليين. وتضيف هذه المؤرخة أنّ "بعض الأستراليين غير مهتمين، بطريقة براغماتية، بهوية رئيس الدولة. بالنسبة لآخرين، بدأت هذه الأسئلة تصبح نقاطًا شائكة". من جانب آخر، بات عدد من الاستراليين يشعرون بالاستياء من دعوتهم للتعهد بالولاء للملك في حفل التتويج. وتقول المؤرخة إنّ "قلّة من الأستراليين ترغب في المشاركة" في ذلك. وسيدعى كل البريطانيين وشعوب أخرى يتولى تشارلز الثالث منصب رئيس دولتها، الى إعلان ولائهم للملك خلال حفل التتويج. وسيدعو رئيس أساقفة كانتربري الذي سيترأس الحفل في وستمنستر السبت "كل الأشخاص ذوي النوايا الحسنة في المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وايرلندا الشمالية وغيرها من الممالك والأقاليم إلى توجيه تحية بقلبهم وصوتهم الى ملكهم". واعتبرت ماكريري أنّ "الاستراليين لا يحبّون فعلا مثل هذا النوع من المشاركة العامة التي تذكّر تقريبا باداء اليمين الأميركي". وفي سياق حفل التتويج، ستنظم عدة فعاليات في استراليا السبت. وسيتم إطلاق 21 طلقة مدفعية خصوصا في كانبيرا وستضاء أوبرا سيدني وستنظم سهرات لحضور التتويج. وخلال زيارة إلى أستراليا عام 2018، التقى تشارلز الذي كان يومها وليّاً للعهد ممثّلين عن السكّان الأصليين، لكن عددا من هؤلاء يعتبرون أنّه يتعيّن عليه أن يقوم بالمزيد. ووجّه قادة مجموعات من السكان الأصليين من 12 مستعمرة بريطانية سابقة بينها استراليا، الخميس رسالة الى الملك يحثونه فيها على تقديم اعتذارات رسمية وبدء محادثات حول تعويض مالي.
مشاركة :